لم ينضج التوافق السياسي في لبنان بعد لتهيئة الأجواء أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدعوة مجلس الوزراء للانعقاد، رغم تأكيد ميقاتي أول من أمس الأربعاء أنه سيقدم على هذه الخطوة "فور تسلمه الموازنة العامة لعام 2022 خلال اليومين المقبلين".
ويُثار حديث عن مقايضة بين عقد دورة استثنائية لمجلس النواب واستئناف جلسات مجلس الوزراء المتوقفة منذ 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويواجه ميقاتي عقبة الثنائي "حركة أمل" (برئاسة نبيه بري) و"حزب الله" في ظلّ تمسّكهما بموقفهما تجاه مقاطعة جلسات مجلس الوزراء حتى إبعاد المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
وهناك حديث عن حل يتم التحضير له يتمثل بحضور وزير المال يوسف الخليل فقط نظراً للاستحقاقات المالية التي تتطلب وجوده دون باقي وزراء الطرفين، بيد أنه لم ينضج حتى الساعة.
ويؤكد عضو "كتلة الوسط المستقل" (برئاسة ميقاتي) النائب علي درويش، لـ"العربي الجديد"، أن ما يُطرح عن حضور وزير المال يصب في خانة الأخبار الصحافية ولا معطى في هذا الموضوع بحد ذاته، ولكن الرئيس ميقاتي طبعاً يتمنّى حضور جميع الوزراء لأن الظروف الراهنة الصعبة والدقيقة تتطلب وجود كافة الأطراف.
وحول ما يُطرح عن دعوة ميقاتي لمجلس الوزراء للانعقاد "بمن حضر"، يشدد درويش على أن رئيس الحكومة يتريث منذ أكثر من شهرين عن الدعوة تفادياً لزيادة التوتر وحصول صدام مع أي فريق، وبالتالي فإن الاتصالات مستمرة وقائمة وميقاتي يبحث عن صيغة تقاربية لا صدامية.
ويلفت درويش إلى أن "ميقاتي وضع الدعوة بصيغة استحقاق دستوري يتمثل بموازنة الدولة، وهو استحقاق داهم لا يحتمل التأخير وكل مفاصل الدولة مرتبطة به".
وقد وضع ملف فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب في إطار التسوية التي تدفع باتجاه دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، خصوصاً أن ذلك يؤدي إلى عرقلة عمل المحقق العدلي عبر منع ملاحقة النواب الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف.
ويقول الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري وسام اللحام لـ"العربي الجديد" إن بري يصر على فتح دورة استثنائية بهدف الاستمرار في عرقلة عمل البيطار وملف انفجار مرفأ بيروت، لما في ذلك من منع ملاحقة النواب المُدعى عليهم، علماً أن هذا الأمر يشكل مخالفة للمادة 97 من النظام الداخلي لمجلس النواب، باعتبار أن النائب الذي لوحق خارج دورة الانعقاد تستمر الملاحقة في دورات الانعقاد اللاحقة من دون الحاجة إلى طلب إذن المجلس، وبالتالي فإن فتح عقد استثنائي لا يجب أن يوقف الملاحقة.
وعلى صعيد متصل، ظهر خلاف جديد حول مسألة الصلاحيات بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، إذ عقّبَ بري اليوم على نص العقد الاستثنائي الذي وقعه عون، مشدداً على أن "المجلس سيد نفسه ولا يقيّده أي وصف للمشاريع أو الاقتراحات التي يقرر مكتب المجلس طرحها، ويعود لرئيس الجمهورية حق الرد بعد صدورها عن الهيئة العامة إلى المجلس".
وكان الرئيس عون قد وقع أمس المرسوم القاضي بدعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي يفتتح بتاريخ 10 يناير 2022 وينتهي بتاريخ 21 يناير/ كانون الثاني 2022 وفق برنامج أعمال محدد وقد وقعه ميقاتي أيضاً.
وضمن برنامج الأعمال القوانين المصدّقة، والتي قد يطلب رئيس الجمهورية إعادة النظر بها، ومشاريع أو اقتراحات قوانين ملحة تتعلق بالانتخابات النيابية، ومشاريع القوانين التي سُتحال إلى مجلس النواب، ومشاريع أو اقتراحات القوانين الطارئة والمستعجلة والضرورية المتعلقة بالإصلاحات اللازمة والضرورية أو بخطة التعافي المالي أو بالأوضاع المعيشية الملحة التي يقرر مكتب المجلس طرحها على المجلس، ومشروعي قانوني الموازنة العامة لعامي 2021 و2022، وعقد جلسة مساءلة الحكومة والرد على الأسئلة أو الاستجوابات الموجهة إلى الحكومة.
من جهة أخرى، التقى عون اليوم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي قال بعد الاجتماع: "في إطار دعوة رئيس الجمهورية للحوار، طُلب مني الاجتماع، وأدليت برأيي ووضعته عنده وهناك استكمال للحديث".
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من بعبدا: في إطار دعوة رئيس الجمهورية للحوار، طلب مني الاجتماع، وأدليت برأيي ووضعته عنده وهناك استكمال للحديث pic.twitter.com/zWqsdV9dlQ
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) January 7, 2022
وبدأ عون سلسلة اتصالات بالكتل النيابية والقوى السياسية لتوجيه دعوات للمشاركة في الحوار الوطني، الذي كان دعا إليه، والذي كان رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري قد اعتذر عنه، ويرفض حزب "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع المشاركة به، الأمر الذي قد يفشل انعقاده، رغم ترحيب "حزب الله" و"التقدمي الاشتراكي" (برئاسة وليد جنبلاط) به، وتأكيد بري المشاركة فيه.
وأبلغ الحريري عون اليوم، في اتصال هاتفي، اعتذاره عن عدم المشاركة لأن أي حوار على هذا المستوى يجب أن يحصل بعد الانتخابات النيابية.