أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنه "من الخطأ ممارسة ضغوط غربية على الجزائر لتغيير موقفها من الحرب في أوكرانيا"، مشيرا إلى أن الجزائر ليست من بين الدول التي يمكن أن تملى عليها التوجيهات.
وقال لافروف، في حوار بثته قناة "روسيا اليوم": "سمعت أن أعضاء من مجلس الشيوخ، قرابة 27 منهم، قد وجهوا رسالة خاصة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعربون فيها عن انزعاجهم بشأن عدم انضمام الجزائر إلى العقوبات ضد روسيا، واقترحوا في الرسالة بهذا الصدد أن تتم معاقبة الجزائر تحت قانون (كاتسا) الذي يعني مواجهة خصوم الولايات المتحدة عن طريق العقوبات".
وأضاف، ردا على ما إذا كانت هذه الضغوط الغربية يمكن أن تؤثر على المواقف الجزائرية: "لدينا مقولة شعبية مفادها: هاجمتم الشخص الخطأ، الجزائريون ليسوا ذلك الشعب الذي يمكن أن يملي عليه أحد ما يفعله بهذا الشكل، ولا يمكن أن ينتظر من الجزائريين أن يمتثلوا وينفذوا بإشارة يد من وراء المحيط توجيهات تتناقض بشكل مباشر مع مصالحهم الوطنية. الجزائر، مثل غالبية البلدان، دولة تحترم نفسها وتاريخها ومصالحها التي على أساسها ترسم سياساتها".
وجاءت تصريحات وزير الخارجية الروسي مباشرة بعد إعلان الرئاسة الجزائرية تأجيل زيارة الرئيس تبون إلى موسكو إلى مايو/أيار المقبل، بدلًا من مطلع السنة الجارية.
وقال لافروف إن علاقات موسكو مع الجزائر تمتد إلى ما قبل فترة الاستقلال، مضيفا: "لدينا حوار سياسي مكثف مع الجزائر، وفي شهر إبريل/نيسان الماضي أجرى الرئيس تبون اتصالا مفصلا، وفي الشهر نفسه أجرى وزير الخارجية رمطان لعمامرة، الذي أعرفه منذ عملنا في ممثليتنا الدبلوماسية في نيويورك، زيارة إلى موسكو، كما زرت في مايو الماضي الجزائر، حيث أجرينا مشاورات مفصلة، وواصلنا ذلك مع الرئيس تبون الذي يفهم بالفعل جوهر وتاريخ ومستقبل الشراكة الاستراتيجية الروسية الجزائرية".
وأوضح لافروف أن "الجزائر كانت أول دولة في القارة الأفريقية وقعنا معها اتفاقية التعاون الاستراتيجي عام 2001، والتي تضمن علاقة وطبيعة مميزتين لاتصالاتنا"، مذكرا بسلسلة مناورات عسكرية مشتركة جرت في روسيا وفي بشار جنوبي الجزائر منذ خريف العام الماضي، مضيفا: "لدينا حوار نشط مع الجزائر في جميع المجالات، ومستويات التبادل التجاري والاقتصادي مع الجزائر مثيرة للإعجاب وهي واحدة من أكبر ثلاثة شركاء في أفريقيا، ولكن لم يتم استغلال كل إمكانيات التعاون بعد، خاصة في مجالات الزراعة والطاقة وصناعة الأدوية".
وردا على موقف موسكو من ترشح الجزائر لعضوية منظمة "بريكس"، أكد لافروف: "اتفقنا في اللقاءات الأخيرة لأعضاء (بريكس) على وضع نهج مشترك للبت في طلبات الانضمام وخصائص وشروط قبول الدول في مجموعتنا، والجزائر وفقا لمميزاتها تحتل الصدارة في قائمة المتقدمين"، مردفًا: "نحن شركاء مع الجزائر وليس فقط في إطار (أوبك بلس)، بل هناك أيضا منتدى الدول المصدرة للغاز".
نائبة وزير الخارجية الأميركية تبحث مع لعمامرة قضايا التعاون الثنائي
بدورها، أجرت نائبة وزير الخارجية الأميركية ويندي شيرمان، الأربعاء، اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية الجزائرية رمطان لعمامرة. وذكر بيان للخارجية الجزائرية أن الاتصال بحث جملة من قضايا التعاون الثنائي والأمن الإقليمي والتطورات العالمية، وتبادل وجهات النظر حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما في ذلك الأزمة الحالية في العلاقات الدولية على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وفي السياق، قالت السفيرة الأميركية في الجزائر، إليزابيت مور أوبين، في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية: "الجزائر قوة إقليمية، والولايات المتحدة الأميركية وإياها تعملان معا وبشكل وثيق سواء في المحافل الدولية أو على الصعيد الثنائي للمساهمة في تحقيق السلام في كل مكان، وللبلدين جهود استباقية وواقعية في علاقاتهما مع دول الجوار في محاولة لتعزيز الاستقرار".
وثمنت أوبين ما اعتبرته "تسجيل تقدم معتبر في العلاقات الثنائية خاصة في المجال الاقتصادي، فضلا عن تحقيقنا لخطوات مهمة هذه السنة في مجال الطاقة وهو قطاع تعاون تقليدي بين بلدينا، ولكن أيضا في جميع المسائل الاقتصادية".
وأعلنت الدبلوماسية الأميركية احتمال التوقيع على اتفاق حول فتح خط جوي مباشر بين الجزائر ونيويورك هذه السنة بين البلدين، وقالت: "المفاوضات التقنية انتهت وآمل التوصل إلى اتفاق في القريب العاجل خلال هذه السنة، والرحلة المباشرة ستغير كليا العلاقة الجزائرية-الأميركية وستسمح بتنقل أفضل للسلع وللأشخاص بين البلدين".