لاءات قيس سعيّد

10 ابريل 2023
سعيّد خلال مشاركته بإحياء ذكرى بورقبية (رئاسة الجمهورية التونيسة)
+ الخط -

عاد الرئيس التونسي قيس سعيّد، بعد أيام من الغياب، ليهاجم معارضيه، ويتهم المعتقلين السياسيين في السجن بأن "أيديهم ملطخة بالدماء" على حد تعبيره. ومن أمام قبر الرئيس الراحل، الحبيب بورقيبة، في ذكرى وفاته، كشف سعيّد، يوم الخميس الماضي، ما يشبه خريطة طريق جديدة أعلن عن بعض تفاصيلها بوضوح، وتتلخص تقريباً في لاءات ثلاث واضحة.

أولها أنه لن يقبل بحوار وطني، والثانية أنه لن يوقع اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي، والأخيرة والأخطر هو ما قاله بخصوص الانتخابات الرئاسية المقبلة المفترض عقدها في 2024. ومما  قاله سعيّد: "ليس في منافسة مع أحد" و"لن أتخلى عن المسؤولية، ولست مستعداً لأن أسلّم وطني لمن لا وطنية له".

طبعاً لا يوضح الرئيس ما الذي يعنيه بأنه لن يسلم الوطن لمن لا وطنية له، وهل أنه سيقصي من الترشح للانتخابات كلّ من هو غير وطني في نظره، ولا يكشف مقاييس هذه الوطنية وبأي قانون سينظمها؟

لا يقدم الرئيس أي بديل عن لاءاته، كيف سيعوض الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ومن أين سيموّل موازنة بنيت أساساً على هذا الاتفاق المنتظر، برغم أنّ مسؤوليه في الحكومة يقولون العكس ويشتغلون منذ أشهر على هذا الاتفاق، ليمحو هو بجرة قلم كل تلك الجهود ويضع الجميع أمام مشهد ضبابي لا أحد يعرف كيف سيكون المخرج منه.

ويرفض الرئيس طبعاً للمرة الألف مبادرة الحوار الوطني، ويسأل (اتحاد الشغل وبقية المنظمات) لماذا نتحاور أصلاً وقد انتخبنا برلماناً! ما العلاقة بينهما بالمناسبة؟

وطبعاً لم ينبس أحد بكلمة بعد هذا الموقف القاطع إلى حد الآن، مع أن بعض قيادات هذه المنظمات كانت تصر إلى آخر لحظة على أن تعرض مبادرتها على الرئيس، وتحاول جاهدة أن تبحث عن تموقع لا يدفعها إلى الجلوس مع جبهة الخلاص، لا قدّر الله، ونتوقع ألا يتأخر ردها على حديث سعيّد.

واليوم، يضع سعيّد الجميع أمام حقيقتهم، ويُحسب له أنه كان دائماً واضحاً ومباشراً وصريحاً، لا يعترف بأحد منهم، ويرفض الجلوس والتفاوض معهم، بينما لا يزالون على نفس موقفهم وحساباتهم وخلافاتهم منذ 24 يوليو/تموز 2021، يتوهمون تقسيم البلد على أهوائهم، حتى ضاع منهم كاملاً، وبرغم ذلك لا يفهمون ولا يتعظون.

لقد جاءت لاءات سعيّد لتوضح المشهد الجديد للجميع، في الداخل والخارج، وربما تسطر خريطة طريقه الجديدة التي سيمشي فيها غير عابئ بأحد كعادته، بينما يواصل البقية صراخهم المشتت.

المساهمون