كيف ساهم البودكاست الخاص بمستشار سابق لترامب في إطاحة كيفن مكارثي؟

05 أكتوبر 2023
ستيف بانون من داخل استوديو البث الخاص به (تشيب سوموديفيلا/Getty)
+ الخط -

لم يخف ستيف بانون، مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فرحته بإقالة الجمهوري كيفن مكارثي، رئيس مجلس النواب الأميركي، أول من أمس الثلاثاء، واصفاً الحدث بالزلزال، وقال أمس الأربعاء: "لقد تحركت الصفائح التكتونية هنا في العاصمة" في مقدمة برنامجه الإذاعي "غرفة الحرب/ War Room" الذي يبثه من استوديو البودكاست الخاص به، الذي يشبه الكهف، بالقرب من مبنى الكابيتول.

واستضاف بانون في هذه الحلقة صباح الأربعاء، بعد ساعات من إطاحة مكارثي نائبين جمهوريين يعتبران من المحرضين الرئيسيين على الانقلاب على مكارثي، وهما: مات غايتس، من فلوريدا، ونانسي ميس من ساوث كارولينا وهي واحدة من سبعة منشقين جمهوريين آخرين.

كهف بانون 

من الاستوديو الذي يشبه الكهف وليس بعيداً عن المكان الذي يجتمع فيه الكونغرس، كان بانون يؤجج الفوضى التي تجتاح الحزب الجمهوري حالياً، مستخدماً البودكاست الشعبوي الخاص به لدعم المتمردين في الحزب الجمهوري، والذين مثل سقوط مكارثي فوزاً لجناحهم.

وكرس بانون جهده في السنوات الماضية للترويج لكذبة مفادها أن الانتخابات الرئاسية لعام 2020 سُرقت من ترامب، ورفض الإجراءات الخاصة بفيروس كورونا، ومهاجمة مهاجري أميركا الجنوبية الذين سماهم "الغزو الإجرامي للحدود الجنوبية". وفي الفترة الأخيرة، كان هاجسه هو إطاحة مكارثي والتخلص من أعضاء بالحزب الجمهوري يعتبر أنه "أصبح من الصعب تمييزهم عن الديمقراطيين".

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في تقرير لها، اليوم الخميس، إن بانون اتخذ خطاً واضحاً ورئيسياً ضمن جماعة "ماغما/ MAGA" (وهم المؤيدون لرؤى ترامب وأفكاره وجاءت التسمية من شعار ترامب الشهير: لنجعل أميركا عظيمة من جديد Make America Great Again)، وبانون جزء فعال في الدعاية الإعلامية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة لهذه الأفكار، كما أنه يحظى بدور كبير في جمع الأموال عبر الإنترنت ومخاطبة القاعدة اليمينية الغاضبة والتي تحب الاضطرابات وتكره المؤسسات.

واجه المتمردون اليمينيون في الكونغرس في العقود الماضية مشكلة في الحصول على دعم حقيقي، مادي وإعلامي، حيث تجنبتهم جماعات الضغط ولجان العمل السياسي ذات الأموال الضخمة وتم استبعادهم من أجنحة القيادة في الكابيتول وتجاهلتهم محطة فوكس نيوز المعروفة بخطها اليميني، ولكن بمساعدة بانون، الذي يبث يومياً لمدة أربع ساعات، لا يحتاج اليمينيون من أمثال غايتس وغيره إلى الاعتماد على الآليات التقليدية للحصول على الدعم.

يصور بانون المتمردين الجمهوريين أبطالا لمتابعيه المخلصين من داعمي MAGA، ويساعد في جمع الأموال الصغيرة لهم، ويشارك في المكالمات مع الأعضاء والجهات المانحة ويقدم نصائح استراتيجية. فهو يقدم منصة غير مقيدة بحيث يمكن للأفراد من "مثيري الرعاع التحدث مباشرة، مما يخلق المزيد من الحوافز لهم لإثارة الفوضى في قاعة مجلس النواب".

لأسابيع كان بانون يخطط مع غايتس بشأن إطاحة مكارثي، مقدماً نفسه منبرا دعائيا بينما كان غايتس يخطط للتحرك. وأرسل بانون رسالة نصية إلى أحد المراسلين قال فيها "انفجر شارع كي/KABOOM"، ليل الاثنين، بعد دقائق من تقديم غايتس اقتراحه بإقالة رئيس مجلس النواب. (شارع كي/K Street هو طريق رئيسي في واشنطن ويُعرف بأنه مركز لمراكز الضغط على الكونغرس/لوبيات وشركات المحاماة).

وشجع بانون المشرعين اليمينيين المتشددين على استخدام مجلس النواب لتوجيه التشريعات نحو أقصى اليمين قدر الإمكان، وقدم بانون ضيفي أمس الأربعاء، ميس وغايتس، في البودكاست على أنهما "مهندسا وبطلا الأمس" وأعطاهما وقتاً من البث لتقديم طلباتهما بجمع الأموال.

وقالت ميس في البث "أنا بحاجة إلى المساعدة لأنهم يلاحقونني، يهددون بوقف جمع الأموال لأني قمت بالتصويت"، ونبهها بانون مرتين بضرورة توضيح موقع حملتها الإلكتروني حتى يتمكن المستمعون من العثور عليه.

بانون المزاجي

ولا يبدو الثلاثي الذي اجتمع الأربعاء كثير التجانس ولكنه، على ما يبدو، تجاوز الخلافات بعد تحقيق ما اعتبروه نصراً تاريخياً، حيث كانت ميس صوتت لصالح اتهام بانون بالازدراء الجنائي بعد تحديه أمر استدعاء من لجنة 6 يناير (لجنة التحقيق باقتحام الكونغرس)، كما سبق لها وصف غايتس بـ"المحتال" واتهمته بمعارضة مكارثي لأنه لم يدافع عنه ضد "الادعاءات بأنه قام بالاتجار بالقاصرين جنسياً".

غالباً ما يجرى الترحيب ببانون باستهجان، حتى بين الموالين لترامب، وينظر إليه البعض على أنه رجل قام بالرهان الخاطئ على المرشحين، مثل مرشح مجلس الشيوخ الفاشل في ولاية ألاباما روي مور، ولديه إحساس متضخم بنفوذه.

كما اتُهم بانون بالاحتيال على المانحين الذين كانوا يقدمون المال لبناء جدار على طول الحدود الجنوبية، قبل أن يعفو عنه ترامب. وحُكم عليه بالسجن لمدة أربعة أشهر بتهمة ازدراء الكونجرس لتحديه أمر استدعاء، وهو حر أثناء استئناف الحكم.

ومن المعروف أيضاً أن بانون مزاجي، حيث انقلب على أصدقاء سابقين، مثل النائبة مارجوري تايلور غرين من جورجيا، لدعمهم مكارثي في انتخابات رئاسة البرلمان وفي صفقة سقف الديون.

وجرى إدراج مارجوري في القائمة السوداء في برنامجه لعدة أشهر، ولكن بعد أن قالت إنها تعارض أي مشاريع قوانين إنفاق تتضمن مساعدة لأوكرانيا، قال بانون إنه يرحب بها مرة أخرى، وأضاف "هناك دائماً طريق للعودة".

سابقة تاريخية

وكان مجلس النواب الأميركي عزل، الثلاثاء، رئيسه مكارثي، في سابقة في تاريخ الولايات المتحدة تجسّد مدى الانقسامات التي يعاني منها الحزب الجمهوري.

وللمرة الأولى، في تاريخه الممتدّ منذ 234 سنة، صوّت مجلس النواب بأغلبية 216 صوتاً مقابل 210 لصالح مذكرة طرحها الجناح المتشدّد في الحزب الجمهوري، تنص على اعتبار "منصب رئيس مجلس النواب شاغراً"، في خطوة تشرّع الباب أمام منافسة غير مسبوقة لخلافة مكارثي قبل عام من الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024.

وقاد غايتس التحرّك ضد مكارثي، ولطالما كان غايتس مناهضاً لمكارثي، وصوّت ثمانية نواب جمهوريين إلى جانب الأقليّة الديمقراطية في مجلس النواب لصالح عزل رئيس المجلس الجمهوري.

وأثار مكارثي حفيظة الجناح اليميني المتشدد في حزبه عندما مرر اتفاقاً مؤقتاً بشأن الموازنة، توصل إليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي ودعمه البيت الأبيض، لتجنّب إغلاق حكومي السبت الماضي.

المساهمون