أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بترو، الجمعة، أن متظاهرين من السكان الأصليين وسكان الأرياف أفرجوا عن عشرات من رجال الشرطة وستة موظفين من شركة النفط "إميرالد إنرجي" بعد احتجازهم احتجاجاً على الشركة في جنوب البلاد.
وخلال تجمع احتجاجي ضد الشركة في بلدة سان فيسينتي ديل كاغوان، الخميس، جرت صدامات بين سكان المنطقة وقوات الأمن. وقُتل قروي وضابط شرطة في أعمال العنف هذه، بينما احتجز متظاهرون 78 من رجال الشرطة وستة من موظفي شركة النفط رهائن.
وأعلن بترو في تغريدة على تويتر أنه تم إطلاق سراح جميع المحتجزين البالغ عددهم 84 شخصاً. وكتب: "بفضل جهود وزيري الدفاع والداخلية تم إطلاق سراح أفراد الشرطة وموظفي شركة النفط المحتجزة في سان فيسينتي ديل كاغوان كاكويتا".
Gracias a las gestiones del ministro de defensa y del interior han sido liberados todos los miembros de la policía y los funcionarios de la petrolera retenidos en San Vicente del Caguán, Caqueta.
— Gustavo Petro (@petrogustavo) March 3, 2023
ويطالب المتظاهرون منذ بداية حركتهم الاحتجاجية في تشرين الثاني/ نوفمبر شركة "إميرالد إنرجي"، ومقرها في بريطانيا، باحترام الوعود المرتبطة بالبنية التحتية التي قطعتها للمجتمع المحلي. وتشمل وعود الشركة، التابعة لمجموعة "سينوشيم" الصينية، تعبيد 40 كيلومتراً من الطرق وتحسينات أخرى للبنية التحتية وتخفيف الأثر البيئي لعمليات الشركة النفطية.
وأظهرت صور نشرها "مكتب المدافع عن الشعب" الحكومي في وقت سابق عشرات من أفراد الشرطة وعدداً قليلاً من المدنيين في غرفة كبيرة على مقاعد بلاستيكية.
وفي بيان صدر في وقت لاحق من الطائرة الرئاسية، قال بترو، أول رئيس يساري لكولومبيا، إنه سيلتقي المحتجين في الريف، لكنه أصر على عدم اللجوء إلى العنف في سعيهم إلى حياة أفضل. وكتب بترو "سأذهب بنفسي للحوار مع الفلاحين حول احتياجاتهم وشكاواهم ومطالبهم"، ودعا في الوقت نفسه السلطات القضائية إلى "التحقيق وتحديد المجرمين الذين ستتم محاكمتهم".
حركة فلاحية
وبدأت الاحتجاجات ضد شركة النفط في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حسبما أعلنت الحكومة المحلية لمنطقة كاكويتا. لكن صدامات اندلعت الخميس عندما انضم عناصر في الحرس الوطني من الشعوب الأصلية، إلى المتظاهرين.
وأظهرت تسجيلات مصورة نشرتها وسائل إعلام محلية، الخميس، النيران مشتعلة في مباني شركة النفط أثناء وقوع الاشتباكات، ومجموعات من المتظاهرين المسلحين بالعصي وهم يجرون شرطياً أرضاً وهو يتوسل إليهم ألا يضربوه.
وقال وزير الداخلية، ألفونسو برادا إن الحكومة توسطت بين الشركة وسكان الريف منذ 11 شباط/ فبراير في محاولة لإيجاد حل بعدما أقام متظاهرون عدداً من الحواجز على الطرق في المنطقة.
وأعلن مكتب المدعي العام أنه سيحقق في "جرائم قتل وخطف وأعمال عنف أخرى" ارتكبت على هامش التظاهرات. لكن رداً على سؤال حول احتمال مشاركة مجموعات مسلحة في الاحتجاجات حذر برادا من "وصم حركة الفلاحين الاجتماعيين في كولومبيا"، كما حذر في الوقت نفسه من "سذاجة التفكير بعدم وجود (مجموعات) تستخدم الحركة الاجتماعية لمصالحها غير المشروعة".
وأكد مكتب المدافع عن الشعب في بيان "نقدر انخراط الأطراف في عملية حوار من شأنها أن تضع حداً للتوتر الناتج عن الاشتباكات بين مجتمعات الفلاحين وقوى النظام"، وقالت هذه الهيئة المسؤولة عن ضمان احترام حقوق الإنسان في كولومبيا أن "الأشخاص الذين تم استقبالهم في حالة صحية جيدة".
مقتل 116 ناشطاً كولومبياً في 2022
وفي شأن آخر، نبه المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، الجمعة، إلى تصاعد أعمال العنف في كولومبيا عام 2022، واصفاً مقتل 116 ناشطاً بالأمر "الخطير"، وهو عدد قياسي منذ عام 2017.
وسجلت البلاد ارتفاعاً في الاعتداءات الدامية على النشطاء للعام الثاني على التوالي، حيث ناهزت مستويات العنف في عام 2017 ، عندما سلم مقاتلو "القوات المسلحة الثورية في كولومبيا" (فارك) أسلحتهم تنفيذاً لاتفاق السلام المبرم مع الحكومة الكولومبية، وتم تسجيل 120 جريمة قتل فيه.
وقالت جولييت دي ريفييرو، ممثلة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في كولومبيا، "لا يزال الوضع خطيراً للغاية في البلاد. في عام 2022، كانت هناك مستويات عالية من المجازر وجرائم القتل ضد المدافعين عن حقوق الإنسان".
وسجلت المفوضية التابعة للأمم المتحدة 92 مجزرة في 2022، مقابل 78 في 2021 و76 في عام 2020. وهكذا قُتل ما لا يقل عن 321 شخصاً في هذه الاعتداءات في عام 2022.
وإذ قللت الاتفاقية التاريخية الموقعة في عام 2017 بين "القوات المسلحة الثورية في كولومبيا" والحكومة الكولومبية من حدة القتال، إلا أن حرب العصابات والقوات شبه العسكرية وتجارة المخدرات لا تزال ناشطة في أنحاء مختلفة من البلاد.
ويحاول الرئيس الكولومبي اليساري، غوستافو بيترو، المنتخب في صيف عام 2022، إيجاد حل تفاوضي لهذا النزاع المتعدد الأشكال الذي يشارك فيه عدد كبير من الجماعات المسلحة التي غالباً ما تكون منخرطة في تجارة المخدرات المدرة للأرباح.
(فرانس برس)