كورونا مصر: توصيات حكومية للاستعانة بالجيش

30 ديسمبر 2020
أعراض الموجة الثانية من تفشي الفيروس أضعف من الموجة الأولى (Getty)
+ الخط -

طالبت وزارة الصحة المصرية، خلال اجتماع اللجنة العليا لأزمة فيروس كورونا يوم الأحد الماضي، بدخول القوات المسلحة ووزارة التعليم العالي بكامل إمكاناتهما في مجال الرعاية الصحية العاجلة لمصابي كورونا. وهو ما كشفته مصادر مطلعة في مجلس الوزراء ووزارة الصحة لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أن الاجتماع استعرض إحصائيات حول عدم قدرة وحدات العناية المركزة على استيعاب المصابين المسجلين في المستشفيات الحكومية والمستشفيات الجامعية القليلة، التي دخلت حيز العمل خلال الموجة الثانية من الوباء. وأضافت المصادر أن اللجان التنسيقية المكلفة متابعة الوضع الوبائي أوصت بضرورة التفعيل العاجل للمستشفى الميداني، الذي جهّزته القوات المسلحة في أرض المعارض الجديدة في التجمّع الخامس شرقي القاهرة، وهو مستشفى افتتحه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في يونيو/ حزيران الماضي، من دون استضافة أي مصاب من خارج ضباط وأفراد القوات المسلحة وأسرهم.

وذكرت المصادر أن هذه التوصية ووُجهت بتحفظ من المخابرات العامة، التي ما زالت تعتبر أنه من المبكر اتخاذ خطوات يمكن أن يتسبّب إعلانها في إحداث حالة من "الذعر" في الشارع المصري. وتجاهلت في هذا السياق الملاحظات العامة في كل المحافظات تقريباً، حول الزيادة المطردة في أعداد الإصابات والوفيات، سواء من الحالات التي تم تشخيصها كمرضى كورونا أو من دون تشخيص. وارتفعت نسبة الحالات المسجلة المعلنة يومياً بشكل كبير، مع أنها تبقى أقلّ بكثير عن الأعداد الحقيقية التي ترصدها الحكومة بطرق عدة، ومنها النموذج الافتراضي المحدث الذي تطبقه اللجنة التنسيقية العلمية، وعدد الوفيات المسجلة في مكاتب الصحة على مستوى الجمهورية، والتحاليل غير المركزية التي تجرى في المعامل الخاصة.

لن تبلغ مصر ذروة الموجة الثانية إلا في شهر فبراير
 

وأوضحت المصادر أن من المؤشرات الخطيرة التي رصدتها لجان متابعة مستشفيات العزل والصدر والحميات في الأيام العشرة الأخيرة انخفاض متوسط الوقت الذي يقضيه مصاب كورونا في وحدات العناية المركزة بتلك المستشفيات. وعددت المصادر أسباب ذلك، ومنها التسجيل المتأخر للإصابات وعدم إجراء التحاليل المطلوبة مبكراً، خصوصاً في المحافظات والمناطق الشعبية. ومن الأسباب أيضاً صعوبة استيعاب جميع الحالات الخطيرة التي تُحوّل بشكل مركزي إلى المستشفيات في المناطق التابعة لها جغرافياً، بسبب ضعف الطاقة الاستيعابية واستمرار انخفاض كميات أسطوانات الأكسجين المتاحة في المستشفيات الحكومية منذ منتصف الشهر الحالي، حتى بعد زيادة الضخ والتصنيع وفقاً لما أعلنته وزارة الصحة في وقت سابق. وأشارت المصادر إلى أنه وفقاً للنموذج الخاص بالأعداد المتوقعة للمصابين، فإن عدد الإصابات حالياً تخطى 28 ألفاً. وهو رقم قريب مما كان متوقعاً في منتصف الشهر الحالي، بناء على عدد الإصابات الرسمية المسجلة في المستشفيات، وعدد النتائج الإيجابية في المعامل المركزية والخاصة، وحالات الاشتباه المسجلة في المستشفيات الحكومية والخاصة، ومتوسط عدد التحاليل التي كان من المفترض إجراؤها قياساً بحالات الاشتباه تلك. وتُمثل كل هذه الحالات خُمس إجمالي الحالات المصابة الموجودة في الشارع، في محاكاة قريبة لنماذج افتراضية أخرى عديدة متبعة في عددٍ من الدول، خصوصاً ألمانيا وبريطانيا وفرنسا.

وأوضحت المصادر أنه بعد أسبوعين من بدء الاستنفار في الموجة الثانية، أظهرت المؤشرات الحالية أن مصر ربما لن تبلغ ذروة هذه الموجة إلا في فبراير/ شباط المقبل، خصوصاً إذا استمرت الإجراءات الحكومية الضعيفة التي يتمادى النظام فيها، على خلفية التخوف من التأثيرات السلبية اقتصادياً وسياحياً. وكان اجتماع اللجنة العليا للأزمة قد أسفر عن اتخاذ قرارات اعتبرها مراقبون أضعف بكثير من التصدي للوضع الوبائي الحالي، متمثلة في الاكتفاء بإلغاء الاحتفالات بمناسبة رأس السنة واتخاذ إجراءات الغلق لأي منشأة تقوم بتنظيم أي احتفالية. كذلك دعت اللجنة إلى وقف الفعاليات والاحتفالات والمهرجانات والإغلاق الكامل لدور المناسبات، مع فرض غرامة فورية تبدأ من 50 جنيهاً (3.18 دولارات) للأفراد الذين لا يُطبقون الإجراءات الاحترازية في المواصلات العامة، وغرامة 4 آلاف جنيه (254.6 دولاراً) مع إغلاق المنشأة لمدة أسبوع، للأماكن التي لا تلتزم بالإجراءات الاحترازية، وذلك ابتداء من الأحد المقبل.

وسبق لمصادر حكومية أن ذكرت منذ شهرين أنّ النقاشات التي دارت في اللجنة عطّلت اهتمام الوزراء بما جاء في تقارير الصحة، التي تحذّر من كارثة إذا ما توحشت مؤشرات الموجة الثانية من الوباء. ودعا ممثلو وزارة الداخلية والمخابرات إلى ضرورة التعامل "بروية" مع المواطنين وأصحاب المصالح الاقتصادية، تحسباً لإمكانية حدوث انفجار اجتماعي، نتيجة ضعف المداخيل وحاجة المواطنين للوظائف، والعمل في أشغال عدة يومياً، وتطرقوا إلى تضرّر بعض القطاعات من فترة التوقف الأولى بسبب الوباء، ولم تتعافَ حتى الآن من آثار ضعف الموارد، بل ازدادت قرارات فصل واستبعاد مئات الآلاف من العمال المؤقتين، لا سيما مع تزامن فترة التوقف وتفشي الوباء مع قرار وقف البناء على مستوى الجمهورية، الذي استمر حتى الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وفقاً للنموذج الخاص بالأعداد المتوقعة للمصابين، فإن عدد الإصابات حالياً تخطى 28 ألفاً

كذلك دخل على الخط في المناقشات وزراء المجموعة الاقتصادية، تحديداً وزير المالية محمد معيط، الذي حذّر من انتكاسة كبرى في حجم تدفق النقد الأجنبي اليومي، وقدرة الحكومة على التعامل مع آثار الأزمة. وذكر خصوصاً مسألة فرض التدابير، من بينها وقف الرحلات الجوية أو تقييد الانتقال بين المدن الساحلية على البحر الأحمر والقاهرة والأقصر وأسوان، وحتى وقف الاحتفاليات الثقافية والفنية، من بينها مهرجانا الموسيقى العربية القاهرة والجونة السينمائيان الدوليان، بسبب ظهور أعداد كبيرة من الإصابات وحالات الاشتباه. ووفق تقرير من اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، سبق أن نشرت "العربي الجديد" تفاصيله، فإن الموجة الثانية تختلف عن الأولى، فالإصابات تبدو أكثر وأسرع انتشاراً، مما سينعكس في ارتفاع الأعداد. كما أن الوفيات باتت أكثر قياساً ببداية الموجة الأولى، ولكن في الوقت نفسه تتسم الأعراض بأنها خفيفة ومتوسطة في مجملها، إذا ما قيست بالأعراض السائدة في الموجة الأولى. وتستند اللجنة العلمية في هذا الاستنتاج إلى زيادة أعداد المتعافين سريعاً من المصابين المسجلين، وعدم وصول الحالات المسجلة إلى المستشفيات بالكثافة التي كانت عليها في شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران الماضيين، واستقرار حالة معظم الحالات المسجلة الموجهة إلى العزل المنزلي وعدم تفاقمها.

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون