قالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن القوات الإثيوبية والقوات الخاصة لإقليم أمهرا تصدّت لمحاولات مقاتلي جبهة تيغراي، والقوات المتحالفة معها السيطرة على بلدات جورو ومرابيت في إقليم أمهرا.
وكشفت المصادر نفسها أن قتالا شرسا يدور منذ مساء أمس حول مدينة دبري سينا، التي تبعد نحو 200 كيلومتر عن العاصمة أديس أبابا.
وأضافت المصادر التي فضلت عدم نشر هويتها، أن عمليات كرّ وفر تتواصل بين القوات الحكومية، من جهة، ومسلّحي جبهة تيغراي والقوات المتحالفة معها من جهة ثانية، بهدف السيطرة على مدينة ميلي بهدف السيطرة على الطريق الرئيسية بين أديس أبابا وجيبوتي.
وأشارت المصادر إلى أن القتال كذلك يتواصل في مناطق كميسي، وكبوعو، وبسديما القريبة من باتي في الطريق إلى إقليم العفر.
من جهة ثانية، قالت المصادر إن القتال بين القوات الخاصة للعفر ومقاتلي جبهة تيغراي لا يزال مستمراً في المناطق الشمالية والغربية للإقليم. وأضافت أن القوات الإثيوبية والقوات الخاصة لإقليم أمهرا استولت على منطقة دبري برهان في إقليم أمهرة، والتي تبعد 130 كيلومترًا عن العاصمة أديس أبابا، بقيادة قوات الأمهرا الداعمة للحكومة الإثيوبية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، في تصريحات لوكالة الأنباء الإثيوبية، إن دعوة رئيس الوزراء الموجهة إلى جميع الإثيوبيين، ستلهم جميع الأفارقة في جهودهم المتواصلة لتعزيز السيادة الوطنية وتحقيق الاستقرار.
وأضاف مفتي أنّ "الحرب التي تشنّ على إثيوبيا هي جزء من الحملة التي تستهدف حرمان الأفارقة من الحرية والانتصارات". وأشار إلى أن "إثيوبيا دولة ناضلت من أجل استقلال أفريقيا وكانت رمزاً لحرية السود في جميع أنحاء العالم".
وأوضح أن الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء أبي أحمد، لها جانب قاري يمكن توسيعه في جميع أنحاء العالم. وقال إن العديد من الدول الأفريقية بما في ذلك إريتريا والصومال ودول صديقة أخرى تدعم إثيوبيا بقوة لمنع الضغوط الأجنبية غير المبررة.
مساع دبلوماسية تهددها التطورات العسكرية
وأعلن الموفد الأميركي إلى إثيوبيا، اليوم الثلاثاء، عن "تقدم" نحو التوصل إلى حل دبلوماسي بين الحكومة ومتمردي تيغراي، لكنّه حذّر من أن تحبطه "التطورات المقلقة" على الأرض. وقال جيفري فيلتمان "هناك بوادر تقدّم، لكنه معرض لخطر أن يطغى عليه التصعيد العسكري من الجانبين". وجاءت تصريحاته للصحافيين لدى عودته من مهمة جديدة في أديس أبابا.
وأضاف فيلتمان أن أطراف الصراع يتحدثون الآن عما يتوقعون مناقشته على طاولة المحادثات، لكنّ "المأساة" هي أنه في حين أن العناصر المطروحة للمناقشة متشابهة، إلا أن الآراء تختلف حول أيّها له أولوية المناقشة.
وأضاف فيلتمان "لسوء الحظ، يحاول كل طرف تحقيق أهدافه بالقوة العسكرية، ويعتقد أنه على وشك الفوز". وأشار إلى أن قوات تيغراي يجب أن توقف تقدمها باتجاه العاصمة، محذّراً من أنّ مطالبهم قد تزداد مع اقترابهم.
وأضاف أنّ رئيس الوزراء الإثيوبي أبلغه بأنه واثق من قدرته على دفع قوات تيغراي للعودة إلى منطقتهم الأصلية في شمال البلاد، إلا أن فيلتمان استطرد قائلا "أشك في هذه الثقة".
كما أكّد المبعوث الأميركي أنه يشعر بالتفاؤل لأن أبي أحمد كان على استعداد للحديث عن تفاصيل ما قد تكون عليه العملية الدبلوماسية بهدف وقف القتال. وقال: "لا يوجد مؤشر في الأفق على أنه ستجرى محادثات مباشرة بين الجانبين قريبا"، مضيفًا أن هناك العديد من السبل لإطلاق محادثات لتقريب وجهات النظر.
وتشمل القضايا الملحة إيصال المساعدات الإنسانية إلى تيغراي، التي تخضع لحصار حكومي منذ أواخر يونيو/حزيران، وإلى منطقتي أمهرا وعفر المجاورتين اللتين منع وصول المساعدات إليهما جراء القتال.
معركة بقيادة أبي أحمد
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، قد أعلن مساء أمس، أنه سيتوجه اليوم إلى ساحة المعركة لقيادة قوات الدفاع، مشيرا إلى أنه حان الوقت للتضحية من أجل الوطن.
وقال في بيان نشره على صفحته في فيسبوك: "لكل من يريد أن يدافع عن بلده إثيوبيا. دعونا نلتقي هناك. وأدعو الآخرين الذين لا يمكنهم المشاركة إلى أن يبذلوا قصارى جهدهم في سدّ الثغرات ومواصلة مشوار التنمية".
وعن دلالات إعلان أبي أحمد قيادة المعركة ضدّ مسلحي تحالف المعارضة بقيادة تيغراي، يرى المحلل السياسي الإثيوبي خضر عبد المنان في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّه ربما أراد أن يعطي رسالة للقادة السياسيين بألا يتوانوا في الدفاع عن إثيوبيا، وهي أيضًا دعوة واضحة إلى المسؤولين كافة للانخراط في الصفوف الأمامية للقتال.
ويضيف أن الوضع بات لا يُحتمل، في ظل زحف قوات تيغراي إلى عمق إقليم أمهرا، مضيفًا "إن لم يتقدم أبي أحمد الصفوف الأولى، فلربما يفقد منصبه وينفرط عقد البلاد".
كما يوضح أن هناك شعورًا لدى رئاسة الوزراء بعدم وجود تناغم بين قيادة الجيش، مشيرًا إلى أن توالي سقوط مدن وبلدات في إقليم أمهرا بيد جبهة تحرير تيغراي والقوات المتحالفة معها، ولّد الإحساس بإمكانية سقوط أديس أبابا.
دول تجلي رعاياها
في هذه الأثناء، ذكرت وثيقة رسمية اطلعت عليها وكالة فرانس برس الثلاثاء، أن الأمم المتحدة ستجلي جميع أفراد عائلات الموظفين الدوليين المباشرين من إثيوبيا في موعد أقصاه 25 نوفمبر، حيث يزعم المتمردون أنهم يتقدمون بالقرب من العاصمة.
وبحسب وسائل إعلام فرنسية، فقد دعت فرنسا أيضا، اليوم الثلاثاء، مواطنيها إلى مغادرة إثيوبيا على خلفية احتدام الاشتباكات.
بدورها، دعت السفارة التركية لدى أديس أبابا، يوم أمس، مواطنيها الموجودين في إثيوبيا إلى مغادرتها. ونقلت وكالة الأناضول عن السفارة التركية قولها، عبر حسابها الرسمي على تويتر، الإثنين "بناء على التطورات المتسارعة في الوضع الأمني لإثيوبيا، ننصح مواطنينا الموجودين في البلاد بمغادرتها عبر الرحلات الجوية المجدولة".
كما حضّت الولايات المتحدة، الإثنين، رعاياها مجدداً على مغادرة إثيوبيا التي تشهد حرباً مدمرة "فوراً"، محذّرة من أنه لن تكون هناك عملية إجلاء على غرار تلك التي نفّذت في أفغانستان.
وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الإثيوبي و"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، بعدما دخلت القوات الحكومية الإقليم، ردًّا على هجوم استهدف قاعدة للجيش. وفي الـ28 من الشهر نفسه، أعلنت إثيوبيا انتهاء عملية "إنفاذ القانون" بالسيطرة على كامل الإقليم، رغم ورود تقارير عن استمرار انتهاكات حقوقية في المنطقة، حيث قُتل آلاف المدنيين.
ووفق مراقبين، تسبب الصراع بتشريد مئات الآلاف، وفرار أكثر من 60 ألفا إلى السودان، فيما تقول الخرطوم إن أعدادهم بلغت 71 ألفا و488 شخصا.