"كتيبة طوباس": مقاومون يلاحقهم الأمن الفلسطيني بتهمة "حيازة سلاح"

23 اغسطس 2023
زادت الاحتكاكات بين الأجهزة الأمنية والكتيبة بعد اعتقال المطارد عدي الشحروري (Getty)
+ الخط -

يتعرض نشطاء "كتيبة طوباس"، في الفترة الأخيرة، لملاحقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي اعتقلت بعض أفرادها، في وقت يطارد الاحتلال الإسرائيلي جزءاً آخر منهم. 

ومنذ نحو عام، تتبنى "كتيبة طوباس" التابعة لسرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، عمليات عدة لإطلاق نار صوب قوات الاحتلال الإسرائيل، لكن سرعان ما تعرضت لملاحقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي اعتقلت أبرز نشطاء الكتيبة.

وفي السابع عشر من يوليو/تموز العام الماضي، كانت سرايا القدس قد أعلنت انطلاق "كتيبة طوباس" عقب تصديها لاقتحام قوات الاحتلال لمدينة طوباس شمال شرق الضفة الغربية، لكن ومع مرور نحو عام على الانطلاقة، تشهد طوباس منذ الثالث من الشهر الماضي، توتراً ميدانياً نتيجة الملاحقة الأمنية لعناصر الكتيبة، التي جاء عقب اعتقال قائد "كتيبة جبع – سرايا القدس" مراد ملايشة، خلال عودته من طوباس في أوج التصعيد الإسرائيلي على مخيم جنين.

وقال مصدر من حركة الجهاد الإسلامي، فضل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "طوباس لديها تربة خصبة لتشكيل مقاومة على غرار جنين وطولكرم، حال توفرت الإمكانات، وهذا ما كان بالفعل".

ووفق المصدر، فإن "كتيبة طوباس" اتبعت نهج السرية في عملها منذ انطلاقتها، ولم تظهر للعلن إلا خلال تشييع  الشهيد الفتى أحمد أبو صلاح في التاسع عشر من يونيو/حزيران من العام الجاري، وبدأت بعدها سلسلة ملاحقات، واعتقل الأمن الفلسطيني عدداً من الشبّان الصغار المشاركين في تشييع الشهيد أبو صلاح، وجمعت اعترافاتهم لملاحقة عناصر "الكتيبة".

بعد ذلك، وبحسب المصدر، بدأت حملة اعتقالات طاولت عدداً من كوادر حركة الجهاد الإسلامي، أبرزهم "يزن المسلماني، وعيسى أبو دواس، وعبود عبد الرازق"، واستجواب عناصر آخرين للتحقيق، وملاحقة آخرين دون التمكن من اعتقالهم.

وبقيت الأمور بين الكتيبة والأجهزة الأمنية في مد وجزر حتى اعتقل جهاز الأمن الوقائي المطارد أحمد أبو العايدة، ما دفع عناصر "الكتيبة" للخروج إلى السوق القديم في طوباس يحملون أكفانهم، لكن واجهتهم الأجهزة الأمنية بإطلاق الرصاص مباشرةً، وردوا بإطلاق النار في الهواء، وتبع الحدث اعتقال شبّان لا علاقة لهم بالكتيبة.

زادت الأمور سوءاً بين الأجهزة الأمنية و"كتيبة طوباس" بعد اعتقال المطارد عدي الشحروري، عقب حصار منزله في مخيم الفارعة جنوب طوباس، وظهوره بمقطع مصور يستنكر محاولة اعتقاله، قائلاً: "لماذا تحاصرونني؟ أنا مطارد للاحتلال فما مشكلتكم معي؟ (...) لم أقترف أي شيء ضدكم".

وأوضح المصدر في الجهاد الإسلامي، أنه "بعد اعتقال الشحروري، ادعت الأجهزة الأمنية أن 30 شخصاً بينهم عناصر من الكتيبة مطلوبون على خلفية ما يسمى المشاركة في أعمال شغب، حينها قرر عناصر الكتيبة عدم مواجهة الأجهزة الأمنية والابتعاد عن الأنظار، لكن ذلك لا يعني غياب التصعيد والتوتر حال وجود أي حالة اعتقال قادمة للشبان المطاردين، خصوصاً أن السلطة تعتقلهم وتلفّق لهم تهما جنائية".

في هذه الأثناء، لا تعلم عائلة المعتقل أحمد أبو العايدة عنه سوى أنه كان مضربا عن الطعام في أول يومين من الاعتقال إلى حين تدخل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني نضال أبو دخان، والحديث عن وعود للإفراج عنه مقابل أن يفك إضرابه، كما يؤكد شقيقه محمد لـ"العربي الجديد".

وأضاف محمد أبو العايدة، شقيق المعتقل، أنه تم "اعتقال شقيقه على خلفية الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، ولأنه مطارد من الاحتلال، وإن كانت تهمته حيازة سلاح، فهذا شرف لنا أن تكون بندقية أخي طاهرة وموجهة للاحتلال، وهو أصلاً أسير محرر أمضى 3 سنوات على خلفية تصديه لاقتحامات الاحتلال قبر يوسف في نابلس".

من جانبه، قال المحامي مهند كراجة من مجموعة "محامون من أجل العدالة"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأمن الفلسطيني يحقق مع المطارد للاحتلال أحمد أبو العايدة على تهمة (حيازة سلاح)".

وكان نائب محافظ طوباس، أحمد الأسعد قد قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأمن الفلسطيني لا يلاحق المطاردين، بل الخارجين عن القانون والذين يهددون السلم الأهلي"، لكن مصدرا قياديا في الجهاد الإسلامي نفى ذلك، قائلاً  "الملاحقون من الشرفاء والمقاومين والأسرى المحررين، والسلطة تزج ببعض الأسماء ممن لهم قضايا جنائية سابقة لتبرر مطاردة الكتيبة، بحجة أنها تلاحق من يهدد السلم الأهلي، وهناك من يتساوق مع رواية الأمن بتنظيم حركة فتح وبعض العائلات".

ويعتقد المصدر في الجهاد الإسلامي أن ثمة قرارا من المستوى الرسمي الفلسطيني بمحاربة ظاهرة الكتائب المسلحة وعدم اتساعها، وتحرص الأجهزة الأمنية على التخلص من "كتيبة طوباس" لأجل ذلك، وسط غياب دور العائلات واصطفاف تنظيم فتح مع توجه الأجهزة الأمنية، وقطع الطريق أمام تدخل الأسرى المحررين لحل الإشكاليات.

بدوره، قال أمين سر فتح في طوباس، محمود صوافطة لـ"العربي الجديد": "نحن مع فرض القانون والنظام، ولا نمانع من يقاوم الاحتلال، ولكن السلاح الوحيد بالشارع هو سلاح القانون، وجميع التنظيمات مع السلطة، ومن يريد أن يقاوم الاحتلال عليه أن يبتعد عن الاحتكاك الداخلي".

وأضاف صوافطة أن "الاحتلال يستهدف الأجهزة الأمنية وحركة فتح كما استهداف حماس والجهاد الإسلامي، حيث إن أكثر من 60 بالمائة من المعتقلين لدى الاحتلال من أبناء الأجهزة الأمنية، واستشهد عدد منهم دفاعاً عن أبناء الجهاد الإسلامي وحماس، والسلطة مع من يقاوم الاحتلال، ولكن لا أحد فوق القانون".

وشهدت طوباس منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية يونيو/حزيران الماضي، 108 أعمال مقاومة ضد الاحتلال، ما بين إطلاق نار وإلقاء حجارة وتصد لاقتحامات المستوطنين، فيما سجّلت 6 حالات إطلاق نار خلال شهر يوليو/تموز المنصرم، وفق مركز المعلومات الفلسطيني "معطى".

المساهمون