كتيبة جنين تتهم الأمن الفلسطيني بالتهرب من مسؤولية قتل المواطنين

03 يناير 2025
عناصر من الأمن الفلسطيني في مخيم جنين، 21 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- نفى الناطق باسم قوى الأمن الفلسطيني مسؤولية المؤسسة الأمنية عن حادثة مقتل محمود الحاج وطفله في مخيم جنين، محملاً المسؤولية للمقاومين ووصفهم بـ"الخارجين عن القانون".
- اتهمت كتيبة جنين الأجهزة الأمنية بارتكاب جرائم ضد المواطنين، مشيرة إلى مقتل 16 مواطناً منذ أكتوبر، ووصفت الحوادث بأنها تمت بدم بارد، مؤكدة تمسكها بسلاح المقاومة.
- عبرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عن قلقها من التطورات، مؤكدة ضرورة تحقيقات شاملة ومحاسبة المسؤولين، ودعت إلى حوار وطني لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون.

نفى الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني أنور رجب مسؤولية المؤسسة الأمنية عن الحادثة التي أدت إلى مقتل المواطن محمود حسين قاسم الحاج في مخيم جنين، وكذلك مقتل طفله قسم، وإصابة طفلته أسماء، مشيراً إلى أن المنطقة التي وقع فيها الحادث "لم تكن ضمن نطاق عمليات القوى الأمنية على الأرض"، ومحملاً المقاومين الذين وصفهم بـ"الخارجين عن القانون" المسؤولية، لكن كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي اتهمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالتهرب من مسؤوليتها عن جرائم قتل المواطنين.

وقال رجب، في بيان صحافي مصور، إن "المؤسسة الأمنية تؤكد أنه لم يكن هناك أي وجود للقوى الأمنية في المنطقة المذكورة، وأن المسؤولية الكاملة عن الحادثة يتحملها الخارجون عن القانون الذين يعرضون حياة المواطنين للخطر". وبحسب رجب، فإن "المؤسسة الأمنية، ومنذ بدء عملية "حماية وطن"، أكدت أن حماية المواطن وصون دمائه وممتلكاته تُعدّ أولوية قصوى". وأشار إلى أن التعليمات الصادرة للمؤسسة الأمنية تتضمن قواعد صارمة للاشتباك، مع التشديد على أهمية تجنيب المدنيين أي ارتدادات جانبية خلال تنفيذ العملية.

وفي هذا السياق، لفت رجب إلى أن المواطنين طُلب منهم "اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، سواء في تنقلهم داخل المخيم أو أثناء وجودهم في منازلهم". وادعى رجب أن المقاومين الذين وصفهم بـ"الخارجين عن القانون" بـ"اتباع أساليب تهدف إلى الضغط على المؤسسة الأمنية لإيقاف عملية "حماية وطن" من خلال ابتزاز المواطنين وتعريض حياتهم للخطر". وأكد التزام المؤسسة الأمنية بمواصلة عملية "حماية وطن" حتى تحقيق أهدافها، مشيراً إلى أن العملية تهدف إلى "إلقاء القبض على الخارجين عن القانون وتقديمهم للعدالة، بما يضمن تعزيز الأمن والاستقرار في المخيم".

على صعيد آخر، وفي بيان تلاه أحد أفرادها الملثمين، وجهت كتيبة جنين اتهامات حادة للأجهزة الأمنية الفلسطينية، بارتكاب جرائم وانتهاكات واسعة النطاق بحق المواطنين الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشيراً إلى مقتل 16 مواطناً أعزل على أيدي الأجهزة الأمنية، واصفاً هذه الحوادث بأنها "تمت بدم بارد ودون أي محاسبة".

وتطرق المتحدث إلى أن الأجهزة الأمنية "تحاول التنصل من مسؤولياتها عن هذه الجرائم"، مستشهداً بحادثة مقتل المواطن ربحي الشلبي، التي قال إن الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية، العميد أنور رجب، قدم روايات متضاربة حولها. ووفقاً للمتحدث، فقد زعمت الأجهزة الأمنية أن الشلبي كان يلقي عبوات متفجرة، ثم عادت لتدعي لاحقاً أنه قتل برصاص كتيبة جنين، وهو ما وصفته الكتيبة بأنه "دليل قاطع على كذب رواية العميد رجب".

واتهمت كتيبة جنين الأجهزة الأمنية بتحويل مستشفى جنين الحكومي إلى "ثكنة عسكرية" لمدة تزيد عن 30 يوماً، إذ تمركزت داخله وأطلقت النار باتجاه منازل المواطنين في المخيم. وأشارت الكتيبة إلى اعتقال عدد من الممرضين الذين يقدمون العلاج للجرحى، وكذلك الطاقم الطبي التابع لمخيم جنين، بالإضافة إلى إحراق مركبة إسعاف تابعة له. في حين، أكد المتحدث أن مقاتلي الكتيبة تمكنوا قبل أيام من الدخول إلى منزل سيطرت عليه قوات الأمن الفلسطيني وطردها تحت وابل كثيف من الرصاص.

في هذه الأثناء، أكدت كتيبة جنين في بيانها أنها "أبدت مرونة في التعامل مع المبادرات التي قدمها رجال الإصلاح والعشائر الفلسطينية"، لكنها اعتبرت أن "عنجهية السلطة الفلسطينية" أفشلت جميع هذه الجهود. وجددت الكتيبة تمسكها بسلاح المقاومة، قائلة: "لو دفعوا لنا وزنه ذهباً ما تركناه". وشدد المتحدث على "استعداد الكتيبة لقبول أي حل يضمن حقن الدم الفلسطيني ويحترم حقها المشروع في مواجهة الاحتلال".

في موازاة ذلك، أكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، في بيان لها، أنها تتابع بقلق بالغ التطورات الخطيرة التي شهدها مخيم جنين ظهر اليوم الجمعة، والتي أسفرت عن مقتل المواطن محمود الحاج ونجله الطفل قسم الحاج وإصابة ابنته الطفلة أسماء إصابة حرجة، بالإضافة إلى مقتل الرائد رشيد شقو، أحد أفراد جهاز المخابرات العامة، الذي أعلن الناطق الرسمي باسم قوى الأمن أنه قُتل في حادث عرضي أثناء تأديته الواجب. وبذلك، ترتفع حصيلة الضحايا منذ بداية الحملة الأمنية في المخيم إلى 14 ضحية، بينهم امرأة وثلاثة أطفال، في مشهد يدعو إلى القلق العميق إزاء استمرار سقوط الضحايا، فضلاً عما يرافق الحملة من حالة توتر واستقطاب خطيرين في الشارع الفلسطيني.

وعبرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عن أسفها الشديد لهذه الحوادث المؤلمة، مؤكدة ضرورة إجراء تحقيقات جنائية شاملة ومحايدة في جميع حالات القتل التي وقعت، وضمان إعلان نتائج التحقيقات بشفافية كاملة أمام الرأي العام. وأكدت الهيئة ضرورة محاسبة كل من تثبت مخالفته القانون، بما يضمن سيادة القانون وتحقيق العدالة للضحايا وأسرهم.

وقالت الهيئة: "آن الأوان لوقفة جادة، ومراجعة الإجراءات الأمنية التي اتخذت منذ بداية الحملة، والتأكيد أن الحل الأمني لا يمكن أن يكون بديلاً عن الحلول الشاملة والعادلة، التي يجب أن تتبنى الاستجابة الجادة للمبادرات التي أطلقتها المؤسسات والقوى والشخصيات الوطنية". وأضافت: "ستستمر الهيئة في متابعة حالات القتل التي وقعت مع النيابة العامة، صاحبة الولاية والاختصاص في التحقيق الجنائي، وسيشارك طبيب شرعي ممثل عن العائلة والهيئة المستقلة في عملية التشريح التي ستجرى لجثامين المواطنين من عائلة الحاج". وأكدت الهيئة المستقلة أنها تؤمن بأن الحل الوحيد للوضع في مخيم جنين يكمن في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، من خلال حوار وطني شامل يهدف إلى تعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون، بما يحقق الأمن والكرامة لجميع المواطنين.

المساهمون