كامالا هاريس في أزمة رغم غزارة المال الانتخابي

20 أكتوبر 2024
كامالا هاريس في ميشيغين، 18 سبتمبر 2024 (سكوت أولسون/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه كامالا هاريس تحديات كبيرة في حملتها الانتخابية، حيث تُظهر استطلاعات الرأي تقدم دونالد ترامب في ولايات حاسمة، رغم الإنفاق الإعلاني الضخم من قبل الديمقراطيين.
- تشهد الولايات المتحدة إقبالاً قياسياً على التصويت المبكر، مع تسجيل أرقام قياسية في ولايات مثل جورجيا وكارولينا الشمالية، رغم القيود الانتخابية التي فرضها الجمهوريون.
- تعتمد حملة ترامب على استراتيجيات مثل الرسائل البريدية والمكالمات الآلية، مما يلقى قبولاً لدى الناخبين، بينما تركز هاريس على تقدم ترامب في السن دون تأثير كبير.

رغم الإنفاق الإعلاني الضخم، والضخّ المالي غير المسبوق للحملة الرئاسية الديمقراطية في الولايات المتحدة هذا العام، لا تزال مرشحة الحزب، نائبة الرئيس جو بايدن، كامالا هاريس، تواجه عراقيل في محاولتها الوصول إلى البيت الأبيض، وهو ما تُظهره أرقام الاستطلاعات في الولايات المتحدة، على مقربة من موعد الاقتراع، في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، والتي تسجّل تقدماً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، على حساب كامالا هاريس وحزبها، في سبع ولايات حاسمة هذا العام، للوصول إلى الرئاسة وخلافة بايدن.

ويبدو من وراء ذلك، أن تكتيك هاريس، في مواصلة انتقاد ترامب، والتركيز على هذه الاستراتيجية التي يعتمدها الديمقراطيون منذ عام 2016، لم يُترجم زيادة في التأييد لها من قبل الناخبين، حتى الآن، مع بقاء وقت ضيّق حتى يوم الانتخاب، علماً أن المنافسة تبدو حامية بين المرشحين، وهو ما يُظهره التصويت المبكر في البريد، الذي سجّل حتى يوم أمس السبت إقبالاً لافتاً، رغم قيود الانتخاب التي يحاول فرضها الحزب الجمهوري.

أرقام قياسية في التصويت المبكر

تشهد الولايات الأميركية المتأرجحة، وهي ميشيغين وويسكونسن وأريزونا ونيفادا وكارولينا الشمالية وبنسلفانيا وجورجيا، أرقاماً قياسية في التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث بلغ التصويت المبكر في ولاية جورجيا مثلاً، في أربعة أيام، منذ بدئه الثلاثاء الماضي، مليون صوت، بحسب ما أكد سكرتير الولاية براد رافنسبرغر، أول من أمس الجمعة، وسجلت نسبة التصويت في اليوم الأول من التصويت المبكر في الولاية زيادة قدرها 123% مقارنة باليوم الأول من التصويت المبكر في انتخابات 2020، وتكررت كثافة التصويت في كارولينا الشمالية.

تسجّل الولايات المتحدة تصويتاً كثيفاً في الانتخابات المبكرة رغم القيود الانتخابية التي تمكّن الجمهوريون من فرضها

في جورجيا، أدلى نحو 61 ناخباً يبلغون من العمر 100 عام أو أكثر، بأصواتهم، وأحد هؤلاء الناخبين هو الرئيس السابق جيمي كارتر، الذي بلغ من العمر 100 عام في الأول من أكتوبر، وقال حفيده جيسون لصحيفة أتلانتا جورنال كونستيتيوشن إن رغبة كارتر كانت التصويت لهاريس. أما بالنسبة لكارولينا الشمالية، فقد سجّلت في اليوم الأول رقماً قياسياً بنحو 353 ألف صوت الخميس الماضي، بزيادة قدرها 1.3% عن 2020. بلغت نسبة المصوّتين من الديمقراطيين 36% مقابل 35% للجمهوريين و29% للمستقلين. وأظهرت هذه الأرقام انخفاض نسبة التصويت المبكر لدى الديمقراطيين بنحو 10 نقاط عن 2020، وارتفاعها لدى الجمهوريين بنحو سبع نقاط. يأتي ذلك في الوقت الذي يشكك فيه الجمهوريون في التصويت المبكر.

تقارير دولية
التحديثات الحية

رغم أن كارولينا الشمالية بدأت التصويت المبكر في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلا أنه جرى إيقافه قبل ساعات من بدئه، بسبب لجوء الحزبين إلى القضاء لخلافات حول إضافة وحذف أسماء مرشحين، ونجح الجمهوريون وروبرت كينيدي الابن (المرشح للرئاسة الذي عاد وانسحب من السباق) في حذف اسمه من بطاقة الاقتراع، لاعتبارات تتعلّق بدعمه لترامب في ولايات متأرجحة، فيما كان الديمقراطيون يُمنّون أنفسهم باستمراره، متوقعين أن يحصد نسبة من ناخبي الرئيس الجمهوري السابق.

يترشح على بطاقة الاقتراع في كارولينا الشمالية كل من كامالا هاريس ودونالد ترامب، ومرشحة الحزب الأخضر جيل ستاين، ومرشح حزب العدالة للجميع كورنيل ويست، ومرشح الحزب الليبرتاري تشيس أوليفر، ومرشح الحزب الدستوري راندال تيري. ورغم تشكيك الجمهوريين في النتائج مسبقاً، إلا أن قاضياً محلياً حكم هذا الأسبوع أن مسؤولي الولاية يجب أن يمضوا قدماً في التصديق على نتائج الانتخابات بغض النظر عن أي شكوك في أي وقائع احتيال.

وفرضت ولايتا جورجيا وكارولينا الشمالية، اللتان يتولّى المجلسان التشريعيان فيهما جمهوريون، قواعد جديدة، بناء على تشكيك ترامب وأنصاره في نتائج التصويت المبكر في 2020، إذ أقر المجلس التشريعي وحاكمية الولاية في جورجيا قانوناً قلّل من الوقت المطلوب لطلب بطاقات الاقتراع الغيابية، وفرض متطلبات هوية جديدة صارمة لهذه البطاقات، وقيّد بشكل كبير توفر صناديق إسقاط بطاقات الاقتراع الغيابية، كما فرضت ولاية كارولينا الشمالية قيوداً مماثلة، وأرسلت بطاقات الاقتراع الغيابية إلى الناخبين متأخرة بضعة أسابيع كما أمرت المحكمة بإزالة اسم كينيدي في اللحظة الأخيرة من بطاقات الاقتراع.

تجاوزت أعداد من أدلوا بالتصويت المبكر حتى يوم أول من أمس الجمعة أكثر من عشرة ملايين ناخب في جميع الولايات، من بينهم 1.2 مليون في ولاية كاليفورنيا التي تصوّت للديمقراطيين، و988 ألفاً في فلوريدا التي تصوّت غالباً للجمهوريين، فيما كانت أكبر نسبة للمشاركة بالتصويت المبكر في ولاية فيرمونت، بمقدار 16% تليها فيرجينا بمقدار 15%، فيما بلغت نسبة التصويت المبكر في ميشيغين 11%، وويسكونسن 9% ومثلها بنسلفانيا. أما نيفادا فصوّت فيها 13.5 ألفاً بنسبة 1%، وجميعها ولايات متأرجحة. وبلغ إجمالي طلبات التصويت المبكر حتى الجمعة 56 مليوناً بنسبة 28% من إجمالي عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، فيما تجاوز عدد من أدلوا بالتصويت المبكر في 2020 نحو 100 مليون ناخب، ويمكن لمن طلبوا التصويت المبكر أن يدلوا بأصواتهم شخصياً حال عدم تسليم أوراق التصويت المبكر، وتختلف المواعيد طبقاً لقوانين وقواعد كل ولاية.

أكبر المستفيدين من الإنفاق الإعلاني هو الولايات السبع المتأرجحة

وساهم الإقبال الكبير على التصويت المبكر في فوز بايدن عام 2020، غير أنه على مدار السنوات الأربع الماضية، أقرّت ولايات محسوبة على الجمهوريين، قوانين وقواعد من شأنها أن تجعل من الصعب على الناخبين الإدلاء بأصواتهم مبكراً في هذه الانتخابات.

كامالا هاريس تتراجع

في غضون ذلك، لا يبدو أن حجم المال الانتخابي الذي يغدقه الديمقراطيون يتناسب مع ما تحقّقه مرشحتهم في استطلاعات الرأي حتى الآن، في نكسة للحزب، تنسحب أيضاً على انتخابات الكونغرس. وتوقعت شركة التحليلات الأميركية "آد إمباكت"، المختصة بالإعلانات السياسية إنفاقاً قياسياً هذا العام، يصل إلى 10.2 مليارات دولار في انتخابات الولايات المتحدة، بما فيها انتخابات الرئاسة والنواب والشيوخ والانتخابات المحلية، بزيادة قد تصل إلى 13% مقارنة بانتخابات 2020 التي تجاوز حجم الإنفاق فيها تسعة مليارات دولار.

مع تقارب السباق، فإن أكبر المستفيدين من هذا الإنفاق الإعلاني هو الولايات السبع المتأرجحة. وعلى الرغم من أن أرقام إنفاق حملة كامالا هاريس أعلى بكثير عن إنفاق حملة ترامب، إلا أن أرقامها في استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة في تراجع مستمر، ولا تتناسب تماماً مع حجم إنفاق الحزب، بما يشير إلى أزمة كبيرة تواجه الديمقراطيين.

وطبقاً لتقرير أخير لـ"آد إمباكت"، أنفق الديمقراطيون 1.1 مليار دولار على الإعلانات التلفزيونية، وذلك منذ أعلنت كامالا هاريس ترشحها في يوليو/ تموز الماضي، في حين أنفق الجمهوريون 400 مليون دولار. في الولايات المتأرجحة، جرى إنفاق مليار دولار على إعلانات الحملة الرئاسية على محطات التلفزيون المحلية، كما ستحصد الولايات السبع 88% من جميع الحجوزات المستقبلية (للإعلانات) حتى يوم الانتخاب.

ونشرت الشركة الأرقام الخاصة بالأيام الـ20 الماضية على موقع إكس، الخميس الماضي، وكتبت: في حين يتمتع دونالد ترامب بالميزة على كامالا هاريس في حجوزات المستقبل في ساحات المعركة الانتخابية، فإن المجموعات الديمقراطية أنفقت أكثر من المجموعات الجمهورية بمقدار 178 مليون دولار إلى 103 ملايين دولار خلال الأيام الـ20 الماضية من الانتخابات، ويعني ذلك أنها أنفقت أكثر من منافسها بنسبة 73%.

مع بقاء شريحة صغيرة من الناخبين لم تحسم موقفها بعد، يسعى الديمقراطيون لاستخدام طرق جديدة للوصول إلى الناخبين. في الأسبوع الماضي، استعانوا بطائرات تحلق فوق مباريات ملاعب كرة القدم الأميركية لرسم رسالة واضحة باللون الأبيض: "صوتوا لكامالا"، وذلك في بنسلفانيا ولاس فيغاس (نيفادا) وويسكونسن وكارولينا الشمالية.

يغرق الجمهوريون الناخبين برسائل تنتقد هاريس وتربطها ببايدن، وهي سياسة يبدو أنها تلقى قبولاً

ووجدت شركات التحليل أنه في الفترة من 22 يوليو إلى 8 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أنفق الديمقراطيون أكثر من الجمهوريين في جميع الولايات المتأرجحة. وتصدّرت بنسلفانيا الإنفاق على الإعلانات السياسية بمبلغ 279.3 مليون دولار، من بينها 159.1 مليون دولار للديمقراطيين، وجاءت ميشيغن في المرتبة الثانية (203.7 ملايين دولار)، تلتها جورجيا بمبلغ 144.8 مليون دولار وويسكونسن بمبلغ 127.7 مليون دولار.

بثّت حملة كامالا هاريس 138 ألف إعلان تلفزيوني أكثر من حملة ترامب. ورغم ذلك، فلا تزال أرقامها في تراجع مقارنة بالزخم الذي حصلت عليها في الأسابيع الأولى من ترشحها للرئاسة، إذ تتبع حملة ترامب وأنصاره طريقة مختلفة في الدعاية تعتمد على إغراق الناخبين برسائل البريد والبريد الإلكتروني، والاتصالات الهاتفية، مع تركيز على تحسين صورته وربط هاريس بسياسة بايدن، والأوضاع الاقتصادية المتراجعة. وتلقى هذه الاستراتيجية قبولاً لدى الناخبين.

تمتلئ صناديق البريد لسكان الولايات المتأرجحة بالرسائل البريدية من المرشحين الرئاسيين، غير أن ترامب يستحوذ على مكانة كبيرة فيها، مقارنة بمنافسيه الآخرين. كما جرى إرسال ما لا يقل عن 286 ألف مكالمة آلية من حملة ترامب إلى الناخبين، بما في ذلك في الولايات المتأرجحة، وفقاً لبيانات من تطبيق "نوموروبو"، الذي يتتبع المكالمات الآلية، وذلك بدءاً من 2 أكتوبر الحالي.

يبدو أن هذه الاستراتيجية ناجحة بشكل كبير للجمهوريين، وتظهر بشكل كبير في استطلاعات الرأي، حيث أصبح ترامب الآن المرشح الأوفر حظاً للفوز، وذلك بحسب نموذج متوسط استطلاعات الرأي لموقع 538 المتخصص. ويمنح نموذج الموقع ترامب 52 فرصة من 100 للفوز بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي، بينما يمنح كامالا هاريس 48 فرصة من 100. ويظهر النموذج أن هناك فرصاً أكبر لترامب للفوز في أربع ولايات متأرجحة هي بنسلفانيا وأريزونا وجورجيا وكارولينا الشمالية، وذلك بفارق ضئيل للغاية، في حين يتوقع أن تفوز هاريس في ويسكونسن ونيفادا وميشيغن، بفارق ضئيل أيضاً (هامش الخطأ عادة هو ثلاث نقاط).

وعادت هاريس، أول من أمس الجمعة، للعب على وتر تقدّم ترامب في السنّ (78 عاماً)، رغم ما لا تحصده هذه السياسة من اهتمام لدى الناخبي. وأثارت المرشحة الديمقراطية (تبلغ 60 عاماً اليوم الأحد)، من ميشيغن، تساؤلات حول القدرة البدنية لمنافسها، لأداء مهام الرئيس بفاعلية، لكن ترامب اعترض على ذلك بشدة. وقالت هاريس إن التقارير الإخبارية التي تفيد بأن ترامب يتجنب المقابلات بسبب الإرهاق، وأنه فوّت فرصة إجراء مناظرة ثانية معها، تثير تساؤلات عن مدى ملاءمته ولياقته لشغل المنصب. لكن ترامب رفض من ديترويت مثل هذه التصريحات، قائلاً: "لقد أمضيت 48 يوماً الآن دون راحة. أنا لست متعباً حتى. أنا مسرور جداً، هل تعلمون لماذا؟ نحن نسحقها في استطلاعات الرأي، لأن الشعب الأميركي لا يريدها".

المساهمون