وصل رئيس جهاز المخابرات التركية، إبراهيم كالن، إلى العاصمة العراقية بغداد، ليل أمس الاثنين، لبحث جملة من الملفات مع المسؤولين العراقيين أبرزها أمن الحدود وآليات مواجهة الخطر المتمثل في مسلحي حزب العمال الكردستاني، وضبط الحدود التركية العراقية، بالإضافة إلى إمكانيات التوصل إلى اتفاقات جديدة بشأن ملف المياه المشترك بين البلدين.
وأكد رئيس الجمهورية العراقي، عبد اللطيف رشيد، خلال لقائه مع كالن، أمس الاثنين، على الحاجة لوضع اتفاقية مع تركيا لحل مشكلة المياه بدل الإطلاقات المائية، مبيناً أن أعداد السكان في تزايد مستمر والحاجة إلى المياه تتصاعد باستمرار بسبب التغيرات المناخية وازدياد مساحات التصحر.
وقال رشيد، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، إن "هناك أولوية لدى الحكومة في إدامة وترسيخ الأمن والاستقرار رغم بعض الخروقات داخل وخارج العراق، مع ضرورة احترام سيادة الدول وقرارها المستقل والوصول إلى تفاهمات حول أمن الحدود مع الجيران، ورفض الأعمال أحادية الجانب التي تقوض الأمن والسلام".
من جانبه، أكد رئيس جهاز المخابرات التركية عن دعم بلاده لـ"أمن واستقرار العراق، والتطلع لتعزيز علاقات التعاون خاصة في مجالات الأمن ومحاربة داعش والتنظيمات الإرهابية"، مشيراً إلى أن "الرئيس أردوغان يتطلع لزيارة العراق لكن زيارته تأجلت بسبب الأوضاع في قطاع غزة".
وأضاف كالن، في بيان، أن بلاده "تعمل على تطوير المشاريع التي وقعت سابقاً بين البلدين خاصة في مجال النقل"، مؤكداً أن بلاده "حريصة على حصول العراق على حصة مائية، وهناك لجانا مشتركة بهذا الموضوع ونأمل أن نعمل معاً لحسم هذا الملف".
كالن يعرض خرائط جديدة لأماكن "العمال"
وبحسب مصادر سياسية، مطلعة على تفاصيل الزيارة، فإن "الزيارة لم يعلن عنها إلا بعد وصول كالن إلى بغداد واللقاء مع رئيس الجمهورية"، مبينة أن "كالن حمل معه خرائط جديدة تظهر أماكن انتشار وتوزع مسلحي حزب العمال الكردستاني، والتطور في العمليات العسكرية التركية".
وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد" أن "كالن حمل رسالة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تنفي أي احتمالات للأخطاء العسكرية في المستقبل تجاه الضربات على مقرات العمال الكردستاني، كما تعهد بعدم حدوث أي ضربات جوية على مناطق سكنية أو حيوية، كما حدث أخيراً في أربيل من جرّاء الصواريخ الإيرانية".
وأشارت إلى أن "ملف أمن الحدود يُعد أبرز الملفات التي جرى الحديث عنها"، مؤكدة أن "الحكومة التركية متطلعة إلى عقد اتفاقات جديدة وحديثة بشأن المياه، والعمل على خطط موحدة لمكافحة آثار التغيرات المناخية وتمكين الشرائح المتضررة منها".
كما التقى كالن برئيس جهاز الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، وجرى البحث بشأن التعاون الأمني والاستخباري، وأكد الأعرجي، في بيان، على "أهمية تنامي وتطوير العلاقة بين بغداد وأنقرة وفق مبدأ الاحترام المتبادل للسيادة"، مشيراً إلى أن "جميع المشاكل يمكن حلها من خلال الحوار والدبلوماسية طالما كانت النيات صادقة".
والتقى كالن برئيس تحالف "السيادة" العراقي، خميس الخنجر، وبحثا التعاون الأمني والاستخباري بين البلدين، وأكد كالن على وقوف أنقرة مع العراق في مواجهة الإرهاب والمخدرات والاتجار بالبشر، وخطورة بعض الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الأراضي العراقية مأوى لها، وحثّ على مكافحتها بالتعاون بين البلدين.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التقى عدد من المسؤولين العراقيين بينهم رئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي، ووزير الدفاع، ثابت العباسي، الرئيس التركي في أنقرة من أجل "تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين، ومواصلة التعاون بالخطوات المُشتركة التي يمكن اتخاذها، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب وأمن الحدود"، وفق بيانات رسمية.
وينتشر "العمال الكردستاني" في مناطق متفرقة من إقليم كردستان العراق وفي مناطق غرب نينوى، أبرزها سوران وسيدكان وقنديل وزاخو والزاب والعمادية وحفتانين وكاني ماسي إلى جانب مخمور وسنجار.
ويحظى مسلحو "العمال" بعلاقة مباشرة مع مليشيات عراقية مسلحة حليفة لإيران، أبرزها "كتائب حزب الله" العراقية، و"عصائب أهل الحق". كما نجح الحزب في تجنيد المئات من المسلحين المحليين من الأكراد الأيزيديين في سنجار وضواحيها، وشكّل ذراعاً محلية له تعرف باسم "وحدات حماية سنجار".
وأطلقت أنقرة رسمياً في منتصف عام 2021 عمليات عسكرية برية وجوية تستهدف مقار وعناصر "العمال" في الشمال العراقي، وتحديداً مناطق ضمن إقليم كردستان العراق، وتقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا. ووفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية، أدت تلك العمليات خلال الفترة الماضية إلى مقتل المئات من مسلحي "العمال الكردستاني"، وتدمير مقار ومخازن سلاح ضخمة تابعة له.