شجعت نتائج الاستفتاء الشعبي على الدستور القوى السياسية في الجزائر، على إعادة طرح مبادرات سياسية جديدة تهدف إلى البحث عن توافقات جديدة تساعد في حل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد، والتأسيس لانتقال ديمقراطي حقيقي في الجزائر.
وجرت عملية الاستفتاء على الدستور الأحد الماضي، وشهدت نسبة مشاركة متدنية بـلغت 23.7 بالمائة.
وأعلنت القوى السياسية، اليوم السبت، عزمها على إطلاق مبادرة سياسية جديدة، تتخذ من التوافقات الوطنية منطلقاً رئيساً لوضع مشروع إجماع وطني على المرحلة الديمقراطية قيد التنفيذ، بمشاركة كل القوى السياسية والمدنية في البلاد.
وأعلن السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، أقدم أحزاب المعارضة السياسية في الجزائر يوسف أوشيش، في بيان افتتاحي ألقاه في بداية مؤتمر صحافي، أن الحزب يعتزم طرح مبادرة سياسية تتضمن "اتفاقية سياسية وطنية في ديسمبر/كانون الأول القادم.
أوشيش: المبادرة ستتيح البدء بنقاش ديمقراطي لصياغة مشروع سياسي حقيقي، تشارك فيه الشخصيات السياسية والمثقفين
وأوضح أن المبادرة ستتيح البدء بنقاش ديمقراطي لصياغة مشروع سياسي حقيقي، تشارك فيه الشخصيات السياسية والمثقفين وهو مفتوح للمواطنين، بهدف جمع كل من يرغب في تغيير سلمي ديمقراطي ومنظم.
وأعلن استعداد الحزب للتعاون في هذا السياق مع القوى الوطنية والمدنية، لكون الجزائر "بحاجة إلى حل سياسي ديمقراطي وتوافقي يفضي إلى ميثاق سياسي وطني يجمع كل القوى الحية في المجتمع، ويضع أسس الدولة الوطنية التي سينخرط فيه الجميع".
وبحسب السكرتير الأول للقوى الاشتراكية، فإن الظرف بات يفرض "مساراً سياسياً وحواراً وطنياً حقيقياً وشاملاً مع مجموع القوى والشخصيات السياسية في مناخ من التهدئة والانفتاح السياسي والإعلامي وحدهما، بما يسمح للبلاد بالخروج من هذا المأزق التاريخي"، محذراً، في المقابل، مما وصفها بـ"محاولات ومناورات أخرى تهدف إلى صناعة حلول خاطئة، من شأنها تقويض الانسجام الوطني".
وأشار إلى أن حل الأزمة السياسية المستمرة في البلاد لا يتعلق بتغيير الرؤساء أو الدساتير، وقال: "كم من دستور تعاقب على البلاد؟ كم من رئيس دولة، كم من مسؤول خلف بعضهم بعضاً على رأس البلاد دون أن نشهد ولوج عهد النظام الدستوري في بلادنا، ولم تعرف البلاد لا دولة الحق ولا سيادة القانون ولا الفصل بين السلطات، ولا احترام حقوق الإنسان والحريات، ولا المساواة أمام القانون ولا استقلالية القضاء".
ووصف أوشيش النتائج التي انتهى إليها الاستفتاء حول الدستور، الذي جرى يوم الأحد الماضي، بأنها حكم شعبي يرسم القطيعة، مشيراً إلى أن "الشعب الجزائري بغالبيته العظمى أدار ظهره لمشروع تعديل الدستور المصاغ والمقترح بطريقة أحادية من طرف النظام لهدف واحد هو التجدد والإبقاء على نفسه".
وتُترجم نتائج هذا الاستفتاء، دون أي غموض رفضاً للنظام بأكمله، بل ورفضاً لكل المسار السياسي والمؤسساتي الذي تمت مباشرته ابتداءً من 22 فبراير/ شباط 2019 من طرف النظام.
وحذر المسؤول السياسي من مخاطر المؤشرات الراهنة لأوضاع البلاد، كل المؤشرات حمراء، اقتصاد شبه مشلول، تراجع رهيب في المداخيل، في مقابل خطة إنعاش اقتصادي واجتماعي، وُضعت دون إجماع ودون نقاش واسع ومعمق، ولا تقدم الحلول اللازمة للتعامل مع هذا الوضع.
من جهتها، دعت حركة النهضة، في بيان لها اليوم، السلطة السياسية إلى قراءة مؤشر المقاطعة قراءة صحيحة واتخاذ التدابير الضرورية بما يعالج التداعيات السلبية المترتبة عن ذلك، واعتبرت أن نسبة المشاركة في الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور رسالة واضحة للسلطة.
ودعت جبهة المستقبل جميع المؤسسات للعمل على تعميق المسار الديمقراطي والتمسك بمسار الإصلاحات كخيار أساسي لبناء جزائر قوية أكثر استقراراً وتلاحماً، وحثت الشعب الجزائري على التشبث بثقافة السلمية والممانعة الإيجابية الهادفة إلى ممارسة سيادته بكل حرية، قصد بناء مؤسسات قوية ذات صدقية.