قوة جديدة لـ"الحشد الشعبي" في سنجار: هل يستغلها "الكردستاني"؟

17 ابريل 2023
مقاتلة أيزيدية عراقية بضواحي الرقة السورية، 2017 (بولنت كيليج/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر عراقية من داخل "الحشد الشعبي" لـ"العربي الجديد"، عن بدء تشكيل قوة جديدة داخل مدينة سنجار بحجم لواء، يتم من خلالها تطويع عناصر محلية جديدة من داخل المدينة فيها، في خطوة من شأنها تعزيز هيمنة الفصائل الحليفة لإيران داخل المدينة الواقعة على مقربة من الحدود العراقية السورية، غربي الموصل، مركز محافظة نينوى، وفيها نفوذ كبير لمسلحي حزب "العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة.

وبعد مرور أكثر من عامين على توقيع اتفاقية "تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار" بين بغداد وأربيل، الذي تم برعاية الأمم المتحدة، في أكتوبر/تشرين الأول 2020، القاضية بإخراج عناصر "الكردستاني" وفصائل "الحشد الشعبي" من مدينة سنجار وإعادة النازحين، والبدء بخطوات إعادة الإعمار، لم تُنفذ بنود هذا الاتفاق حتى الآن.

وما زال عناصر "الكردستاني" ينشطون داخل المدينة بعناوين مختلفة، وفي مناطق محيطة بها، أبرزها خانصور وسنوني وجبل سنجار وصولاً إلى فيشخابور، وهي المنطقة الحدودية مع سورية من جهة الحسكة، إلى جانب فصائل مسلحة أخرى، أبرزها "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"عصائب أهل الحق".

وكشف عضو بارز في هيئة "الحشد الشعبي"، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس "الحشد"، فالح الفياض، حصل على موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على استحداث قوة جديدة بحجم لواء ضمن قوات "الحشد" داخل مدينة سنجار، مكوّن حصراً من أبناء القضاء، الذي يحمل نفس اسم المدينة.

لواء الحشد الشعبي في سنجار

وأوضح المصدر في "الحشد" أن "لواء الحشد الشعبي الجديد في سنجار لم يتم الانتهاء منه وتم الحصول على الموافقات على البدء به، وسيتألف من 4 أفواج، وهذه الأفواج من متطوعين من أهالي سنجار حصراً"، مضيفاً: "سيكون هناك دمج لعناصر فصائل موجودة داخل سنجار من المكون الأيزيدي، ويتولى مراد شيخ كالو، والذي يعتبر أحد قياديي منظمة بدر، ويعمل حالياً مستشاراً لرئيس هيئة الحشد الشعبي في المناطق الشمالية، مهمة تشكيل هذا اللواء الجديد".


مصدر في سنجار: التطوع سيقتصر على التزكية من قيادات الحشد الشعبي

وأكد مصدر آخر من داخل مدينة سنجار هذه المعلومات، كاشفاً أنه "لن يكون هناك فتح باب للتطوع بشكل عام أمام جميع أهالي قضاء سنجار، بل إن التطوع لهذا اللواء سيقتصر على التزكية من قيادات ومسؤولي الحشد الشعبي". وأضاف، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن عناصر في مليشيا "وحدات مقاومة سنجار" (اليبشة)، سيكونون من ضمن القوة الجديدة.

هذه المعلومات أكدها لـ"العربي الجديد"، النائب عن "الإطار التنسيقي"، وعد القدو، والذي كان يشغل قيادة فصيل "حشد الشبك"، في محافظة نينوى، موضحاً أن "تشكيل لواء جديد في هيئة الحشد الشعبي في سنجار، يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في القضاء". ولفت إلى أن "أحد أهم الأسباب التي تمنع عودة النازحين الأيزيديين وخلق المخيمات في دهوك، هو عدم الاستقرار الأمني في سنجار".

وبيّن القدو أن "لواء الحشد الشعبي الجديد، سيكون حصراً لأهالي قضاء سنجار، ولا توجد أي خطوة سياسية من هذا الأمر، بل الهدف منه أمني لضبط الأمن والاستقرار في القضاء، لخلق حالة من الأمن والعمل على عودة النازحين الأيزيديين إلى مناطقهم الأصلية داخل القضاء".

لكنه نفى أيضاً المعلومات التي تتحدث عن ضم عناصر من فصائل مرتبطة بـ"الكردستاني" ضمن القوة الجديدة، وشدّد على أن الأمر "غير صحيح إطلاقاً، والمتطوعين من أهالي سنجار. هذا الحزب (الكردستاني) غير عراقي وله أهداف وأجندة دولية، ولا يمكن جعله جزءاً من المنظومة الأمنية العراقية، فهذا الأمر يخالف القانون والدستور".

من جهته، قال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "هذه الخطوة لا تخلو من الأهداف السياسية، وأبرزها السيطرة الكلية على قضاء سنجار، ولهذا يجب الحذر من هذه الخطوة، التي ستعزز سيطرة الفصائل المسلحة على قضاء سنجار، والتي بكل تأكيد ستمنع تطبيع الأوضاع في القضاء".

استفادة "الكردستاني" من اللواء الجديد

وأشار فيصل إلى أن "هذه الخطوة ستعطي الشرعية لبعض قيادات وعناصر حزب العمال الكردستاني، الذين ينخرطون في لواء الحشد الشعبي الجديد، وهذا الأمر سيسبب قلقاً كبيراً للجانب التركي، وسيفتح الباب أمام أنقرة لقصف قوات الحشد في سنجار والمناطق القريبة منها".

وشدّد على أنه "يجب إيقاف تشكيل هذا اللواء في قضاء سنجار، لأنه سيسبّب مشاكل أمنية وتوتراً، ولا يحل أي مشكلة، ويجب تعزيز الأمن والاستقرار في سنجار بقوات الجيش والشرطة وإخراج كافة الفصائل المسلحة من سنجار، التي ما زالت تسيطر على كامل المشهد، وسط صمت حكومي".


غازي فيصل: اللواء الجديد سيمنح الشرعية للكردستاني

ومنذ انسحاب قوات البشمركة من قضاء سنجار عام 2017، على خلفية عمليات فرض القانون التي قادها رئيس الحكومة العراقية الأسبق حيدر العبادي، لا تزال أوضاع بلدة سنجار ذات الغالبية الأيزيدية غير مستقرة، ولم تعد إليها العائلات النازحة، التي تفضل العيش في المخيمات على العودة في هذه الأوضاع المتوترة.

وتبرز أزمة سنجار الواقعة على بعد 115 كيلومتراً غربي الموصل، مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، في واجهة الأحداث مجدداً، مع تعثر السلطات في تنفيذ اتفاقية تطبيع أوضاع المدينة وإعادة أهلها إليها والموقعة مع حكومة إقليم كردستان العراق، بإشراف بعثة الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2020.

ويقضي الاتفاق بإخراج عناصر "العمال الكردستاني" وفصائل "الحشد الشعبي" من مدينة سنجار وإعادة النازحين، والبدء بخطوات إعادة إعمار المدينة المضطربة منذ تحريرها نهاية عام 2015 من سيطرة تنظيم "داعش".

وعلى الرغم من إرسال تعزيزات عسكرية من الفرقة العشرين التابعة إلى قيادة قوات عمليات نينوى، ما يزال عناصر "الكردستاني" المصنّف على قائمة الإرهاب في تركيا ودول أخرى ينشطون داخل المدينة ومناطق محيطة بها، أبرزها خانصور وسنوني وجبل سنجار وصولاً إلى فيشخابور.