أعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، اليوم الأربعاء، برمجة اجتماع رفيع المستوى بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، مطلع فبراير/ شباط المقبل، في خطوة تؤشر إلى المنحى الجديد الذي اتخذته العلاقات بين البلدين، بعد طي صفحة أزمة دبلوماسية حادة، وعام من القطيعة على خلفية استقبال مدريد، في 24 إبريل/ نيسان 2021، زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية إبراهيم غالي.
وكشف وزير الخارجية الإسباني بعد وصوله إلى عاصمة النيجر عن أن رئيس حكومة بلاده سيلتقي بالعاهل المغربي في اجتماع اللجنة العليا المشتركة الذي سيشارك فيه 12 وزيراً من الحكومة الإسبانية، مبيناً أن القمة ستجعل من الممكن مراجعة سلسلة كاملة من القضايا ضمن ما هو "علاقة وثيقة ومهمة ومتينة"، والتي "تعززت" خلال العام الماضي، بحسب ما أوردت وسائل إعلام إسبانية اليوم.
ويأتي انعقاد الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا في الأول والثاني من فبراير/ شباط المقبل، بعدما أرجئ مرتين عامي 2020 و2021، بسبب الموقف الإسباني السابق من قضية الصحراء بعد الاعتراف الأميركي بسيادة الرباط عليها، وأيضا بسبب أزمة استقبال مدريد زعيم "البوليساريو" بهوية جزائرية مزيفة للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا، قبل أن يتم الاتفاق على عقد هذا الاجتماع في نهاية السنة الماضية، بعد إعلان إسبانيا دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب لحل قضية الصحراء، في تحول لافت في موقف المستعمر السابق للمنطقة.
كما تأتي القمة في وقت تبدي فيه الرباط رضاها عن سير النقاش بين الجارين لتفعيل "خريطة الطريق" التي فتحت، في إبريل/ نيسان الماضي، صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
ورغم الأزمات المتتالية التي مرت بها تلك العلاقات خلال السنوات الماضية في سياق ما يسمى بـ"الجوار الصعب"، إلا أنها تتميز بالتطور على أكثر من صعيد، حيث تعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للمملكة منذ 2012، كما استطاع البلدان على الصعيد الأمني بناء جسور الثقة لمواجهة الإرهاب العابر للحدود جعلت "أمن مدريد يمر عبر الرباط".
وبدا المنحى الجديد الذي اتخذته العلاقات بين المغرب وإسبانيا جلياً بعد تأكيد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، عقب مباحثات جمعته في الأمم المتحدة بنظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، أن المغرب يتعامل مع إسبانيا "كشريك وحليف موثوق"، مبرزاً أن "البلدين سيشتغلان بروح إيجابية وطموح حتى تكون هذه العلاقات الثنائية مشهودا لها بالقوة".
وينتظر أن يتناول الاجتماع رفيع المستوى بين الرباط ومدريد بدرجة أولى قضايا الهجرة والدفاع والأمن وإعادة افتتاح دائرة جمارك مليلية المغربية المحتلة، بالإضافة إلى افتتاح مكتب جديد في سبتة المحتلة. كما يتوقع أن يكون ترسيم الحدود البحرية للواجهة الأطلسية بين المغرب وجزر الكناري التابعة للحكم الإسباني من بين أهم الملفات المطروحة على الاجتماع.
وبحسب مراقبين مغاربة، فإنه يرتقب أن يكون الاجتماع مناسبة لوضع الخطوط العريضة للعلاقات بين الدولتين وإنهاء بعض النقاط الخلافية العالقة، كما سيكون لحظة مهمة بالنسبة للمرحلة الجديدة من العلاقات بين الرباط ومدريد، والتي انطلقت عقب المباحثات التي جمعت العاهل المغربي، في الثامن من إبريل/ نيسان الماضي، برئيس الحكومة الإسبانية، وهي المباحثات التي رسمت تفاصيل "خريطة الطريق" لإنهاء القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.
وبحسب مضامين الخريطة، تم الاتفاق على الاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستويين البري والبحري، وإعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين حالا وبشكل متدرج إلى حين فتح مجموع الرحلات.
وبموجب "خريطة الطريق" أيضاً، تم الاتفاق على تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري على الواجهة الأطلسية، بهدف تحقيق تقدم ملموس، وسيتم إطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية، بالإضافة إلى إعادة إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة.