قمة "لم الشمل" العربية: السيسي يتجاهل اتفاق الفصائل الفلسطينية وسط استقطاب مصري جزائري

02 نوفمبر 2022
السيسي طلب دعما عربيا لمساعي القاهرة في ليبيا (Getty)
+ الخط -

تجاهل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتفاق الفصائل الفلسطينية الموقع في الجزائر الشهر الماضي، ولم يطلق في خطابه، الذي ألقاه أمام القمة العربية بالجزائر اليوم الأربعاء، أية إشارات تفيد بموافقة القاهرة على الاتفاق، فيما أكدت مصادر دبلوماسية لـ"العربي الجديد" وجود مقاومة ثلاثية، مصرية وأردنية ومغربية، لاتفاق الفصائل وآليات تنفيذه.

وقالت مصادر دبلوماسية لـ"العربي الجديد" إن التحفظات المصرية على اتفاق الفصائل الفلسطينية، دفعت القاهرة إلى اقتراح أن يتضمن البيان الختامي للقمة "الترحيب" بالاتفاق، دون اعتماده ضمن قرارات القمة. 

وقال السيسي، في خطاب ألقاه أمام القمة العربية بالجزائر اليوم الأربعاء: "تظل المبادرة العربية للسلام، تجسيدًا لهذا التماسك، ولرؤيتنا المشتركة إزاء الحل العادل والشامل، على أساس حل الدولتين، ومبدأ الأرض مقابل السلام وبما يكفل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعيد للفلسطينيين وطنهم، وتسمح بعودة اللاجئين، بما يتسق مع مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية".

وكانت هذه هي كل الفقرة التي خصصها السيسي للملف الفلسطيني، دون إشارة منه إلى اتفاق الفصائل الفلسطينية في الجزائر الذي وُقع في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. 

ويعزز موقف الرئيس المصري، تأكيدات دبلوماسية لـ"العربي الجديد" أمس الثلاثاء، بشأن وجود مقاومة ثلاثية، مصرية وأردنية ومغربية، لاتفاق الفصائل وآليات تنفيذه، برز أيضاً في عدم تطرق ولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله في خطابه اليوم في القمة للاتفاق، إذ كانت العواصم الثلاث قد أحجمت عن إصدار بيانات تعلق على الاتفاق الفلسطيني.

كما أشارت المصادر إلى تحفظات مصرية ومغربية وأردنية، تتعلق أيضا بموضوع رئاسة الجزائر للفريق العربي الذي يتولى تنفيذ الاتفاق الفلسطيني، وفقاً للبند التاسع من الاتفاق، موضحة أنه تم اقتراح صيغة لم يتم حسمها تخص توصيف الإشراف الجزائري على الفريق العربي بأنه "إدارة للفريق"، بدلاً من "رئاسة الفريق".

الجزائر ترفض إدانة تركيا وإثيوبيا

وعلى الرغم من الإعلان عن لقاء سابق تم أمس بين الرئيس عبد المجيد تبون والرئيس المصري، على هامش القمة، وإعلان الرئاسة المصرية عما وصفته عن "توافق الزعيمان بشأن التنسيق بين البلدين في كافة القضايا الإقليمية"، إلا أن اللقاء لم يحسم التباين في المواقف إزاء قضايا خلافية، بما فيها الأزمة الليبية، إذ يصر الرئيس السيسي في خطابه على التمسك بوجهة النظر المصرية، وهو ما عبر عنه السيسي بطلب دعم عربي لمساعي القاهرة في ليبيا. 

وقال السيسي بشأن الأزمة الليبية: "أشارككم هنا، رغبتنا في دعمكم لمساعينا الحالية في ليبيا الشقيقة للتوصل في أسرع وقت، إلى تسوية سياسية، بقيادة وملكية ليبية خالصة، دون إملاءات خارجية وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن واحترام مؤسسات الدولة وصلاحياتها، بمقتضى الاتفاقات المبرمة وتنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية، والمرتزقة والمقاتلين الأجانب، في مدى زمني محدد وإعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية، وحل المليشيات بما يحول دون تجدد المواجهات العسكرية ويعيد للبلاد وحدتها وسيادتها واستقرارها".

وتذهب التفسيرات السياسية إلى أن الاستقطاب السياسي الحاصل في القمة، خاصة بين الجزائر ومصر ودول حليفة للقاهرة، بشأن بعض القضايا الخلافية، يرتبط بتمسك الجزائر برفضها توجيه أية إدانة في القمة، ضد تركيا وإثيوبيا، على خلفية التدخل التركي في ليبيا والعراق، والذي عبر عنه السيسي "بتدخل قوى إقليمية أجنبية في شؤون المنطقة من خلال تغذية النزاعات وصولاً إلى الاعتداء العسكري المباشر على بعض الدول العربية"، وكذا "حث إثيوبيا، على التحلي بالإرادة السياسية وحسن النوايا، اللازمين للتوصل لاتفاق قانونياً ملزم، بشأن سـد النهضة".

من جهة أخرى، علق الرئيس التونسي قيس سعيد على مبادرة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن "لم الشمل العربي"، ووصفها بـ"المبادرة الصحيحة والتاريخية".

وقال الرئيس التونسي، في تصريح صحافي قُبيل افتتاح اليوم الثاني القمة العربية، إن "مقاربة الرئيس تبون للم الشمل، وهي ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الجزائر بلم الشمل، هي الصحيحة والتاريخية، ويمكن أن تحقق منعرجاً في تاريخ البلاد العربية".

وكان الرئيس تبون قد وجه، في خطاب افتتاح القمة العربية، دعوة صريحة إلى القادة العرب للم الشمل، معتبراً أن القمة العربية تنعقد في مرحلة "بالغة التعقيد وباعثة على الانشغال والقلق كما هو الحال في المرحلة الراهنة". 

ودعا إلى "القيام بإصلاحات جذرية عميقة وشاملة لمنظومة العمل العربي المشترك حتى تتمكن الجامعة من الاضطلاع بدورها كأداة رئيسية للعمل العربي المشترك في مواجهة التحديات"، كما حث على بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ المصالح المشتركة.

المساهمون