قمة بايدن وزيلينسكي: "خطة النصر" يعرقلها التصعيد الإسرائيلي

26 سبتمبر 2024
بايدن وزيلينسكي في قمة "ناتو"، واشنطن، يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قمة بايدن وزيلينسكي: مناقشة الضربات بالأسلحة بعيدة المدى، تمويل أوكرانيا، واستمرار الدعم الأميركي بعد الانتخابات. زيلينسكي يعرض "خطة النصر" لتعزيز الدفاعات الأوكرانية وإجبار موسكو على التفاوض.

- التحديات الدولية: النزاع مع روسيا لا يمكن إنهاؤه بالمفاوضات وحدها. الوضع في الشرق الأوسط قد يؤثر على أولويات السياسة الخارجية الأميركية ويحد من الدعم العسكري لأوكرانيا.

- موقف الولايات المتحدة: بايدن يرفض حاليًا السماح بضرب الأراضي الروسية بالأسلحة بعيدة المدى لتجنب تجاوز "الخطوط الحمر" لبوتين، مع احتمال تغيير الموقف لاحقًا.

يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يزور الولايات المتحدة للمشاركة في فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، نظيره الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض بواشنطن، اليوم الخميس، وسط توقعات أن تتناول محادثات قمة بايدن وزيلينسكي ثلاث قضايا رئيسية، وهي الضربات بالأسلحة بعيدة المدى على روسيا وتمويل أوكرانيا واستمرار الدعم الأميركي لكييف بعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وسط احتدام المنافسة بين مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس. وفي وقت ذكر فيه البيت الأبيض أن قمة بايدن وزيلينسكي ستناقش الخطط الاستراتيجية لكييف، أوضح المكتب الإعلامي للرئاسة الأوكرانية هو الآخر أن زيلينسكي سيعرض "خطة النصر" على بايدن وسينال دعمه، حسب ما تعوّل عليه كييف. تطلب "خطة النصر" من إدارة بايدن أن تنفّذ ما لم تحققه في فترة العامين ونصف العام الماضية، منذ غزو روسيا لأوكرانيا، وهو التصرف بسرعة لدعم حملة كييف العسكرية. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، التي قيل وفق "أسوشييتد برس" إنها اطلعت على الخطة، إن الخطة "يمكن أن تنجح".

عرض "خطة النصر" في قمة بايدن وزيلينسكي

رغم أن "خطة النصر" التي سيتم عرضها في قمة بايدن وزيلينسكي لا تزال طي الكتمان، فقد ظهرت بعض ملامحها، بما في ذلك الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة بشأن القرارات التي كان الحلفاء الغربيون يدرسونها منذ بدء الغزو الروسي عام 2022. وتشمل، وفق مدير مكتب زيلينسكي أندريه يرماك، الضمان الأمني الذي تشكله عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو مطلب رئيسي لكييف، وسط تشكيك حلفائها الغربيين، ومن ضمنهم الولايات المتحدة، في هذا الخيار. وأشارت "أسوشييتد برس" إلى أنه بموجب الخطة، فإنه خلال المدة من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/ كانون الأول المقبلين، يجب على الحلفاء تعزيز قوة كييف بشكل كبير، من خلال تعزيز دفاعات أوكرانيا، وبينها الدفاع الجوي، بما يكفي لإجبار موسكو على التفاوض. كما تتألف الخطة من عناصر عسكرية وسياسية ودبلوماسية واقتصادية، ومن المتوقع أيضاً طلب تشديد العقوبات لإضعاف الاقتصاد الروسي وصناعة الدفاع في موسكو. وكان زيلينسكي قد قال في وقت سابق إن توغل كييف العسكري في كورسك الحدودية في روسيا جزء من خطة النصر، من دون الخوض في تفاصيل إضافية.كيريل كوكتيش: الوضع في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى تراجع مكانة أوكرانيا في أولويات السياسة الخارجية الأميركية 

وفي مؤشر لمسعى كييف للبحث عن مزيد من الدعم العسكري الغربي، قال زيلينسكي في كلمة أمام مجلس الأمن في نيويورك، أول أمس الثلاثاء، إن النزاع العسكري مع روسيا "لا يمكن إنهاؤه بالمفاوضات وحدها"، بل ثمة "أعمال مطلوبة". وأضاف أنه "لا يمكن إلا إرغام روسيا على السلام. هذا هو المطلوب تحديداً، أي إجبار روسيا على القبول بالسلام". ورأى زيلينسكي أنه لن يتسنى إنهاء النزاع إلا بناء على "معادلة سلام" اقترحها وتستند إلى ميثاق الأمم المتحدة، موجهاً انتقادات إلى دول تروّج لإجراء مفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو خطط سلام تقتضي تقديم "تنازلات" لموسكو، بالقول: "لا ميثاق روسياً - إيرانياً أو صينياً - برازيلياً منفصلاً للأمم المتحدة". وبعد تقدمه بالشكر إلى حلفاء أوكرانيا على دعمهم، حث زيلينسكي البرازيل والهند وبلدان أفريقيا وأميركا اللاتينية على زيادة الضغوط على روسيا بغية وقف أعمال القتال. وكانت الصين والبرازيل قد أعلنتا في مايو/ أيار الماضي مبادرة مشتركة، دعتا فيها إلى عقد مؤتمر دولي تشارك فيه روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب.

كيريل كوكتيش: الوضع في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى تراجع مكانة أوكرانيا في أولويات السياسة الخارجية الأميركية 

دعم إسرائيل أولوية واشنطن

منذ بداية أغسطس/ آب الماضي، تطالب أوكرانيا حلفاءها بالسماح بضرب الأراضي الروسية بالأسلحة الغربية بعيدة المدى، لكن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لم توافق على ذلك حتى الآن. فقد طلبت لندن وواشنطن من كييف في وقت سابق من سبتمبر/ أيلول الحالي، خطة استخدام الصواريخ الغربية، ويُشاع أن زيلينسكي سلّمها لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. إلا أن ظروفاً دولية جديدة طرأت على المشهد السياسي في الأيام الأخيرة بعد بدء إسرائيل عدوانها المباشر على لبنان، ما يشغل واشنطن عن الملف الأوكراني بصرف النظر عن موقفها من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق ما أوضحه الأستاذ المساعد بقسم النظرية السياسية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية كيريل كوكتيش. وتوقع كوكتيش في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يؤدي هذا الوضع إلى تراجع مكانة أوكرانيا على سلم أولويات السياسة الخارجية الأميركية. كما توقّع أن "يسود صوت العقل وألا تسفر محادثات زيلينسكي وبايدن عن الانفراجة في البتّ في المطالب الأوكرانية باستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، بل قد يقتصر الأمر على بعض المساعدات المالية لا العسكرية نظراً لعجز واشنطن عن مواصلة تقديم دعم لامتناهٍ لإسرائيل وأوكرانيا في آن معاً".

وحول رؤيته لأسباب وضع الولايات المتحدة مصالح إسرائيل فوق مصالح أوكرانيا، اعتبر كوكتيش أن "الإدارة الديمقراطية تشعر بالاستياء تجاه نتنياهو الذي سارع لمهاجمة لبنان إدراكاً منه أن واشنطن لن تقلص الدعم له عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية". وأوضح أن "مناصرة إسرائيل تُعد ورقة هامة للسياسة الداخلية الأميركية نظراً لوجود ما يعرف بمنطقة الحزام الإنجيلي الداعمة لإسرائيل دعماً مطلقاً، والمؤثرة في نتائج الانتخابات"، لافتاً إلى أن "إسرائيل التي لم تنتصر على حركة حماس في غزة، فما بالها بالنسبة لحزب الله اللبناني، استطاعت توريط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لفترة طويلة". ومع ذلك، توقع كوكتيش أن "تحصل أوكرانيا على ضوء أخضر أميركي خفي لضرب العمق الروسي بالأسلحة بعيدة المدى"، موضحاً أن الطلب الأوكراني خلال قمة بايدن وزيلينسكي "سيُقابل علنياً بالرفض، ولكن ذلك لا يعني أننا لن نستيقظ قريباً على أنباء بدء أوكرانيا باستخدام الأسلحة الغربية بعيدة المدى لضرب العمق الروسي بلا ضوء أخضر أميركي مثلما شنت كييف هجوماً مباغتاً على مقاطعة كورسك بلا تنسيق مسبق مع الغرب".

وقبل قمة بايدن وزيلينسكي بأيام عدة، رأى النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي أن الرئيس الأوكراني اختار طريق التصعيد بعد الهجوم على مقاطعة كورسك الحدودية الروسية المتواصل منذ السادس من أغسطس الماضي، معتبراً أن هذا "خير جواب" لمن أمل في سعي كييف للسلام. وقال بوليانسكي في حديث لوكالة نوفوستي الحكومية الروسية: "نحكم على الآخرين من خلال أعمالهم لا كلامهم. لذلك اختار هو (أي زيلينسكي) طريق التصعيد. أعتقد أن ذلك خير جواب لمن أمل في سعي القيادة الأوكرانية للسلام".

مكسيم يالي:  لن يغيّر بايدن موقفه حول ضرب العمق الروسي التزاماً منه بخطوط بوتين الحمر

في كييف، توقع الأستاذ في قسم العلاقات الدولية في الجامعة الوطنية للطيران مكسيم يالي هو الآخر أن يرفض بايدن في المرحلة الراهنة طلب زيلينسكي السماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بالأسلحة الأميركية خشية من تجاوز "الخطوط الحمر" التي يرسمها بوتين وتحذيراته من مغبة الضلوع الغربي المباشر في النزاع. وقال يالي في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه في قمة بايدن وزيلينسكي "ستجري مناقشة مدى قدرة الولايات المتحدة على مساعدة أوكرانيا في تحقيق خططها على ضوء اعتماد كييف على المساعدات الأميركية اعتماداً كاملاً، وسط تلميحات صادرة عن واشنطن إلى ضرورة إجراء مفاوضات مع روسيا". ومع ذلك، لا يستبعد يالي احتمال أن تحصل أوكرانيا على ضوء أخضر أميركي في مرحلة لاحقة، مضيفاً أنه "على الأرجح، لن يغيّر بايدن موقفه الرافض للسماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بالأسلحة بعيدة المدى التزاماً منه بخطوط بوتين الحمر، ولكن المسألة تبقى مطروحة". وتابع: "لنتذكر تأني إدارة بايدن في تسليم أوكرانيا صواريخ هيمارس ومقاتلات إف-16، وقد تحسم المسألة الحالية في وقت لاحق باعتبار ذلك إجراء جوابياً عندما يتجاوز بوتين نفسه خطاً أحمر جديداً مثل بدء استخدام صواريخ إيرانية ضد القوات الأوكرانية".

وكان بوتين قد اعتبر أن رفع القيود عن استخدام الأسلحة الغربية لضرب العمق الروسي سيعني ضلوعاً مباشراً لدول "ناتو" في النزاع، قائلاً في وقت سابق من الشهر الحالي إن بلاده ستتخذ "قرارات مناسبة انطلاقاً من التهديدات التي ستنشب". ومع ذلك، أعربت موسكو مراراً عن قناعتها بأن الغرب اتخذ بالفعل مثل هذا القرار، إذ رأى نائب وزير الخارجية الروسي المعني بقضايا العلاقات مع الولايات المتحدة ومنع الانتشار والرقابة على الأسلحة سيرغي ريابكوف أن الدول الغربية قررت رفع القيود، متوعداً بالرد. وكان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف قد اعتبر هو الآخر أن الولايات المتحدة حسمت أمرها في مسألة رفع القيود عن استخدام أوكرانيا صواريخ "أتاكمس" لشن ضربات على الأراضي الروسية المعترف بها دولياً، عازياً الحملة الإعلامية حول هذه المسألة إلى دوافع "إضفاء الطابع الرسمي على قرار قد اتُخذ".

المساهمون