- تعاون بلجيكي-تشيكي لكشف شبكات الدعاية الروسية وقلق من تمويل روسي لأحزاب اليمين المتشدد مثل حزب البديل لأجل ألمانيا، مما يعزز المخاوف من تقوية المعارضة للتدخل الأوروبي في أوكرانيا.
- الاتهامات بالتدخل الروسي تثير قلقاً إضافياً وتطالب بتحقيقات أمنية لفهم الآثار السياسية، خاصة مع تزايد النفوذ الروسي وفوز مرشحين مقربين من روسيا في انتخابات بدول مثل سلوفاكيا، مما يشير إلى تحديات أمام النهج الأوروبي المتشدد تجاه روسيا.
يبدو أنّ الخوف من تدخّل روسي مزعوم في انتخابات البرلمان الأوروبي (6 و9 يونيو/حزيران 2014) يشغل بال ساسة بروكسل. وكان رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو أعلن، الجمعة، أنّ الروس "يسعون إلى مساعدة (بعض الأحزاب) من أجل انتخاب مزيد من المرشّحين الموالين لروسيا في البرلمان الأوروبي".
تزامنا مع ذلك، بدأ مكتب المدعي العام في بلجيكا التحقيق في تلقّي عدد من البرلمانيين الأوروبيين أموالاً من روسيا لنشر دعايتها، بعد إعلان دي كرو أنّ جهاز الاستخبارات في البلاد كشف شبكة موالية لروسيا في بلجيكا تحاول، من بين أمور أخرى، التأثير في نتائج الانتخابات الأوروبية.
وترى بروكسل أنّ التأثير الروسي المحتمل في انتخابات البرلمان الأوروبي يستهدف تعزيز خطاب معيّن، صديقٍ لروسيا، في تلك المؤسسة، بحسب صحيفة لو سوار، التي أشارت إلى ظنون سياسية وأمنية بأنّ "هناك شبكة موالية لروسيا في البلد"، وانتشارها في بلجيكا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي بهدف "إضعاف دعم الأوروبيين للأوكرانيين الذين يخوضون حرباً مباشرة مع الروس منذ فبراير/شباط 2022". ويسود الاعتقاد في عدد من دول أوروبا بأنّ موسكو سوف تستفيد من تقوية المعسكر المعارض لاستمرار التدخّل الأوروبي في دعم كييف.
ومنذ نهاية مارس/آذار الماضي، تعاونت بلجيكا مع السلطات في جمهورية التشيك لكشف شبكة نشر الدعاية الروسية في أوروبا، بل إنّ ما يجري الحديث عنه مجدداً هو تمويل روسي لبعض البرلمانيين الأوروبيين بهدف نشر الرسائل والدعاية الروسية. وشدّد رئيس الحكومة على أنّ بعض البرلمانيين الأوروبيين لديهم عمل يومي في بروكسل، مع أنّ مقر البرلمان الأوروبي هو ستراسبورغ الفرنسية.
تقوم مخاوف الطبقات السياسية التقليدية في أوروبا على فرضية أنّ موسكو تتعاون مع أحزاب أقصى اليمين القومي المتشدد في القارّة. ويتعزز هذا الخوف في أعقاب الكشف، في الأسبوع الماضي، عن أنّ مرشّح البرلمان الأوروبي عن حزب البديل لأجل ألمانيا، اليميني المتشدد، بيتر بيسترون، يتلقى أموالاً روسية لنشر وجهات نظر ودعاية مؤيدة لسردية الكرملين في علاقاته المتوترة بأوروبا والغرب عموماً، على خلفية المزيد من الانخراط الغربي في جهود أوكرانيا للتصدي للغزو الروسي منذ أكثر من عامين.
وتثير المزاعم الأوروبية بالتدخّل الروسي في الانتخابات البرلمانية في القارّة قلقاً إضافياً على خلفية اتهامات قبل الحرب في أوكرانيا عن علاقة موسكو بأجنحة التشدد القومي في عدد من دول القارّة، بما في ذلك شخصيات سياسية وتشريعية في دول اسكندنافية، وفي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وغيرها من دول القارّة.
انتخابات البرلمان الأوروبي واليمين المتطرف
وتأتي الاتهامات بتأثير روسي مزعوم في العملية الانتخابية، وفي مرشّحين أوروبيين مشككين أصلاً بالمشروع الأوروبي برمته، ولديهم مواقف نقدية من الهجرة والحرب في أوكرانيا، لتضع المزيد من الأسئلة حول علاقة اليمين المتطرف الأوروبي بموسكو. وتطالب أحزاب في يسار الوسط في دول أوروبية مختلفة بتحقيقات أمنية عميقة حيال "الآثار السياسية التي ستترتب على هذا التعاون في انتخابات برلمان أوروبا المقبلة"، كما ذكر أمس الاثنين، حزب يسار الوسط راديكال فينسترا في كوبنهاغن.
وكان البرلمان الأوروبي فرض في الأسبوع الماضي نحو 9 آلاف يورو غرامة مالية على البرلمانية عن لاتفيا (من دول البلطيق) تاتيانا شدانوك بتهمة "انتهاك قواعد سلوك البرلمانيين (في البرلمان الأوروبي)". ويسود الظن بأن شدانوك "عملت عميلةً سريةً لمصلحة جهاز المخابرات الروسي (أف أس بي) على مدار سنوات مضت". ووفقا لـ"بوليتكو أوروبا" فإنّ شدانوك رفضت جميع التهم الموجهة إليها، ومع ذلك قبلت الغرامة التي فُرضت بحقّها.
القلق الأوروبي من تزايد النفوذ الروسي في مستويات المشّرعين والسياسيين يعززه تقدم الأطراف المشكّكة بالرواية الغربية بشأن العلاقة بموسكو والحرب في أوكرانيا. فعلى سبيل المثال تنظر أوروبا بعين قلقة إلى هزيمة إيفان كوركوك، المؤيد للتعاون الوثيق مع الغرب، في الانتخابات الرئاسية السلوفاكية، في وقت سابق من الشهر الحالي. فقد فاز في تلك الانتخابات بيتر بيليغريني المعروف بقربه من روسيا، ويشكّل مع رئيس الحكومة روبرت فيكو ثنائياً مشكّكاً في استمرار دعم بلاده وأوروبا للنهج المتشدد في العلاقة مع روسيا. ويعتقد الرئيس الجديد؛ بيليغريني، أنّ الصراع بين روسيا وأوكرانيا لا يجب أن يكون في ساحات الحرب.
عادة ما يُنظر إلى مثل هذه التصريحات على أنها دعوة لأوكرانيا للموافقة على التخلي عن أراضٍ، مثل شبه جزيرة القرم أو منطقة دونباس، في إطار اتفاق سلام مع روسيا. ويتصور الأوروبيون أنّ تزايد رقعة المشكّكين بالجهود الأوروبية مع أوكرانيا، سواء على المستويات الوطنية أو على مستويات الاتحاد الأوروبي، تشكل إضعافاً لمواقف القارّة والغرب في مواجهة روسيا.