أدى أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، اليوم الأربعاء، اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة في جلسة خاصة عملاً بالمادة 60 من الدستور الكويتي، ليتسلم مهامه الرسمية كأمير للبلاد خلفاً للراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي توفي يوم أمس عن 91 عاماً في الولايات المتحدة الأميركية، في ظل تحديات تواجه بلاده.
وبحسب المادة الرابعة من قانون توارث الإمارة، فإنه وفور خلو منصب الأمير ينادى بولي العهد أميراً للبلاد، على أن يمارس الأمير الجديد صلاحياته بعد أدائه لليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.
وتواجه الكويت تحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي عقب وفاة الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي كان أحد أقوى زعماء المنطقة وأكثرهم حنكة ومعرفة بخبايا الدبلوماسية العالمية، وهي الخبرة التي مكنته من تجنيب الكويت الاضطرابات الحادة التي عاشت فيها المنطقة في السنوات الأخيرة.
وعلى صعيد الإمارة، يتعين على الأمير الجديد، وفقاً للمادة الرابعة من الدستور الكويتي، تسمية ولي عهد خلال سنة من تاريخ توليه منصب الإمارة، على أن تتم تسميته بأمر أميري وبناء على تزكية من الأمير ومبايعة من مجلس الأمة، وتتم في جلسة خاصة.
وفي حالة عدم تعيين الأمير لشخص بعينه خلال مهلة العام، يزكي الأمير ثلاثة شيوخ ويرشحهم لتولي منصب ولاية العهد ويبايع مجلس الأمة واحداً منهم.
تواجه الكويت تحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي عقب وفاة الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي كان أحد أقوى زعماء المنطقة وأكثرهم حنكة ومعرفة بخبايا الدبلوماسية العالمية، وهي الخبرة التي مكنته من تجنيب الكويت الاضطرابات الحادة التي عاشت فيها المنطقة في السنوات الأخيرة
وتنحصر اختيارات الأمير لمنصب ولاية العهد، بحسب مصادر "العربي الجديد"، بين أخيه غير الشقيق الشيخ مشعل الأحمد الصباح، نائب رئيس الحرس الوطني، وابن أخيه الشيخ ناصر المحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء السابق.
ومن المتوقع أن يتم الاختيار في غضون أسبوع من تاريخ تولي الأمير الجديد مقاليد الحكم.
وبعد اختيار ولي العهد، سيتجه الأمير إلى تسمية رئيس مجلس الوزراء وممارسة كافة صلاحياته الدستورية بعد ذلك، فيما يتوقع أن تسفر الانتخابات البرلمانية المقبلة، والمتوقع عقدها في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، عن توضيح خارطة الطريق السياسية الداخلية بناء على الكتل السياسية الحاصلة على أكبر عدد من المقاعد.
ويعد ملف العفو عن "مقتحمي مجلس الأمة" إثر احتجاجات شعبية ضد رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح عام 2011 أحد أبرز الملفات المطروحة على طاولة الشيخ نواف الأحمد بعد توليه مقاليد حكم البلاد.
وأصدرت محكمة التمييز أحكاماً متنوعة بالسجن على مقتحمي مجلس الأمة، ومن بينهم نواب سابقون في البرلمان وزعماء سياسيون وناشطون، مما اضطرهم للخروج من البلاد قبل إمساك السلطات الأمنية بهم والاتجاه إلى تركيا، حيث يقيمون فيها بانتظار إصدار عفو بحقهم.
ويطالب المتورطون بحادثة الاقتحام بإصدار عفو شامل بحقهم، مما يؤهلهم للعودة إلى الحياة السياسية وترشيح أنفسهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما تصر السلطات الكويتية على تقديم المتورطين في حادثة الاقتحام لاعتذار علني مقابل العفو الجزئي بحقهم، مما يحرمهم من العودة للحياة السياسية.
كما تعد قضايا تعديل قوانين الانتخابات، واستكمال إحالة ملفات الفساد الكبرى مثل "صندوق الجيش" و"الصندوق السيادي الماليزي" وقضايا "غسل الأموال"، التي تورط بها مسؤولون في الدولة، أحد أبرز التحديات الداخلية.
وتمثل قضية البدون في الكويت تحدياً داخلياً كبيراً، إذ لا يزال البدون، الذين تصل أعدادهم إلى 120 ألف نسمة داخل الكويت، بلا حل، وسط إصرار البدون على حق الجنسية الكويتية الذي يقولون إنهم تعرضوا للظلم فيه وقت إقرار قانون الجنسية في عام 1959.
وتبرز التحديات الاقتصادية في ظل انخفاض أسعار النفط، مصدر الدخل الوحيد للبلاد، وتعطل العديد من المشاريع التنموية، إضافة إلى الركود الاقتصادي الذي أصاب البلاد بعد فيروس كورونا.
وعلى الصعيد الخارجي، تبدو الأزمة الخليجية ووقوف الكويت موقف الحياد فيها، إضافة إلى محاولتها الحفاظ على وحدة وتماسك منظومة مجلس التعاون الخليجي، أحد أبرز التحديات الإقليمية التي تواجهها الكويت.
واختار أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح الحياد في الأزمة الخليجية، وحاول تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الخليجيين، وأعلن رفضه لحصار قطر، كما أعلن رفضه لأي شروط تم إملاؤها على قطر ومست سيادتها واستقلالها، وذلك أثناء لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
وتحضر أيضاً قضية العقوبات المفروضة على إيران، والعلاقات الكويتية العراقية، إذ دأبت الكويت طوال وجود الشيخ صباح الأحمد الصباح في السلك الدبلوماسي منذ استقلال البلاد عام 1961، وحتى بعد توليه منصب الإمارة عام 2006، على محاولة التوازن بين النفوذ الإيراني والعراقي والسعودي في المنطقة، والوقوف موقف الحياد من القضايا الإقليمية الكبرى.
وعلى صعيد الشرق الأوسط، تمثل قضية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، والضغوط التي تعرضت لها الكويت من قبل الإدارة الأميركية بسبب موقفها الصريح والرافض لأي حوار أو تعاون مع إسرائيل، تحدياً كبيراً للأمير الجديد، في وقت لا يتوقع أن يحدث أي تغيير على السياسة الكويتية في ما يتعلق بدعمها المستمر للقضية الفلسطينية.
وعقب أدائه اليمين الدستورية، قال الشيخ نواف الأحمد الصباح، أمام مجلس الأمة، إن الكويت تعرضت "خلال تاريخها الطويل إلى تحديات جادة ومحن قاسية نجحنا بتجاوزها متعاونين متكاتفين، وعبرنا بسفينة الكويت إلى بر الأمان". وأكد أن الكويت تواجه "ظروفا دقيقة وتحديات خطيرة"، داعياً إلى مواجهتها عبر وحدة الصف وتضافر الجهود، مؤكداً اعتزازه بدستور البلاد ونهجها الديمقراطي.