قضاة تونسيون ينتقدون الحركة القضائية: غير منصفة

31 اغسطس 2023
من وقفة سابقة للقضاة التونسيين (العربي الجديد)
+ الخط -

أثار صدور الحركة السنوية للقضاء العدلي بتونس، مساء الأربعاء، بالجريدة الرسمية عدة ردود، حيث وصفها البعض بأنها غير منصفة ولم تشمل القضاة المعفيين من الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذين تم استثناؤهم من هذه الحركة رغم قرار المحكمة الإدارية بإعادتهم إلى مناصبهم، ورأى البعض الآخر أنها عقابية بالأساس وتمثل عودة قوية للوراء.

ومرّ أكثر من عام على عزل 57 قاضياً بقرار من الرئيس التونسي، إثر اتهامه إياهم بالفساد وحماية "الإرهابيين"، إثر ذلك رفضت السلطة تنفيذ أحكام صادرة عن المحكمة الإدارية، في أغسطس/آب 2022، لفائدة 49 قاضياً من المشمولين بالعزل، للسماح لهم بالعودة إلى عملهم.

وأكد الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء (المنتخب) يوسف بوزاخر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحركة لم تصدر العام الماضي وهذا يبرز التدخل الواسع للسلطة التنفيذية فيها"، مبينا أن "هناك عملية انتقام من الناشطين في القضاء، وخاصة أصحاب المواقف ومن دافع عن القضاة المعفيين".

وأشار إلى أن "هناك من نقلوا نقلاً عقابياً ولم يتم إدراج القضاة المعفيين رغم حصولهم على أحكام باتة تقضي بإعادتهم إلى عملهم"، مشدداً على أن "الحركة القضائية كارثية، وتذكر بالحركات ما قبل الثورة".

وأضاف بوزاخر أنها تأخرت "لأن السلطة التنفيذية أخذت الوقت الكافي لاختيار القضاة والانتقام من البعض الآخر، ولم تشمل القضاة المعفيين".

وحول نقل قضاة دون طلبهم، قال إن "أغلبهم ينشطون ويدافعون عن ملفات القضاء المستقل، فوجدوا أنفسهم محل عقاب"، قبل أن يضيف: "صحيح أن صدور الحركة أفضل من عدم صدورها، ولكن نتائجها كارثية".

وقال عضو جمعية القضاة التونسيين رضا بوليمة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحركة شملت عددا هاما من القضاة في القضاء العدلي وهناك قضاة تم توجيههم إلى مصلحة العمل، في حين تم نقل آخرين دون رضاهم".

وأضاف بوليمة أن "جمعية القضاة التونسيين ستتولى في أول جلسة عمل قادمة تقييم الحركة القضائية، وسيتم إصدار بيان في الغرض وإعلام الرأي العام به"، مؤكدا أن "الحركة لم تشمل القضاة المعفيين للأسف، وهذا إشكال سيتم النظر فيه والبحث عن حلول".

وقال رئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي، لـ"العربي الجديد"، إنه "تم تنزيل الحركة القضائية 2023-2024 بعد مصادرتها وحجزها من رئيس الجمهورية خلال السنة الماضية، وقد تضمنت نقلة وترقية عدد من القضاة بعدما حرموا منها ومما يترتب عن ذلك من امتيازات مالية وزيادة في الأجر لمدة عام مضى".

وأضاف "شملت الحركة القضائية أكثر من 1200 قاض، وهو عدد ليس بالكثير لأنها حركة قضائية لسنتين كاملتين، ويبدو أن حجز الحركة طيلة هذه المدة كان إجراء عقابيا على مقاومة القضاة ومساندتهم للقضاة المعفيين، أو ربما بداعي التقشف، لأن الترقيات تترتب عنها زيادة في الأجر تتحملها ميزانية الدولة".

وتابع "السنة الماضية قام مجلس القضاء المؤقت المعيّن بإدماج القضاة المعفيين في الحركة (بعد قرار المحكمة الإدارية بإعادتهم إلى مناصبهم) ولكن رئيس الجمهورية رفض تنزيلها، ويبدو أن هذا الصراع قد حُسم بالاتفاق على عدم الاستجابة لأحكام المحكمة الإدارية الباتة وعدم إعادة إدماج القضاة المعفيين، وتم سد شغور الخطط القضائية التي كانوا يشغلونها".

وأوضح المسعودي أن "السلطة التنفيذية تواصل التنكيل بالقضاة المعفيين وترفض الاستجابة لأحكام القضاء، وهو ما يشكل جريمة في القانون التونسي، لأن منع القضاة من العمل رغم عدم ارتكابهم أي خطأ تأديبي أو جزائي وصدور أحكام باتة لفائدتهم، والإصرار على التنكيل بهم وتجويعهم، يعد جريمة ضد الإنسانية ارتكبت ضد هؤلاء على ضوء مواقفهم من المس باستقلال السلطة القضائية وعلى ضوء قراراتهم القضائية المعللة بالقانون".

وأكد أن "المجلس المؤقت صادق أيضا على التعيينات التي قامت بها وزارة العدل في نهاية السنة القضائية الماضية، وهذه الحركة تضمنت مكافآت لبعض القضاة الذين كان لهم دور كبير في الإيقافات الأخيرة المثيرة للجدل، كما تضمنت إبعادا لبعض القضاة المدافعين عن استقلال القضاء".

وكتب القاضي المُعفى أحمد الرحماني في تدوينة له أن "الحركة القضائية فوق الخيال تنتقم من أشرف القضاة وقامات القضاء المستقل وتستنسخ ممارسات النظام الدكتاتوري الفاسد، وتعود بنا إلى ما يخجل منه الوراء نفسه".

وقال القاضي عفيف الجعيدي في تدوينة له إنه نال شرف النقل دون طلب منه لمحكمة استئناف سليانة، مضيفا أنها "عودة للجذور وجزاء نقبله من حركة لم تنصف زملاءنا المعفيين وذكرتنا بزمن مضى".

"جبهة الخلاص": كفى تنكِيلاً بالمُعارضين السياسيّين

من جهة أخرى، عبرت "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة في تونس عن تنديدها الشديد "بتوظيف القضاء من قبل السلطة السياسية للنيل من حرية المعارضين والتنكيل بهم من خلال قضايا ملفقة تفتقد إلى أدنى عمل مادي يجرمه القانون ويترك ضحاياها دون محاكمة في حالة إهمال قيد الإيقاف التحفظي لمدد تبلغ الحد الأقصى للتحقيق دون إجراء أي عمل قضائيّ بعد الاستماع الأول للمشتبه بهم في أغلب الأحيان".

وقالت الجبهة، في بيان أصدرته اليوم الخميس، إن المعتقل محمد بن سالم موجود في الإيقاف التحفظي منذ زهاء ستة أشهر بتهمة "نية تجاوز الحدود خلسة"، مضيفة أنه "ناهز السّبعين من العمر ويعاني من عدة أمراض مزمنة عرّضته أثناء إيقافه إلى العديد من النوبات أوجبت نقله إلى المستشفى".

وأوضحت أن "محمد بن سالم وجه بارز من المعارضة التونسية، يُعدّ من القيادات التاريخيّة لحركة النهضة وتقلّد عدة مسؤوليات وطنية بصفته وزيرا ونائبا بالبرلمان، وهو اليوم عضو قيادي بحزب عمل وإنجاز وعضو بالهيئة السياسية لجبهة الخلاص الوطني وأصدرت عائلته هذا الصباح نداء عاجلا لإطلاق سراحه في انتظار محاكمته على أثر التدهور الخطير الذي ألم بحالته الصحية".

وحملت الجبهة "المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية كاملة للسيد قيس سعيّد وللقضاء المتعهد بالقضية عما قد ينال صحة وحياة السيد محمد بن سالم من ضرر".

المساهمون