عاودت قوات النظام السوري، صباح اليوم السبت والليلة الماضية، قصف مناطق مختلفة جنوبي محافظة إدلب، شمالي سورية، فيما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء التصعيد المستمر من جانب النظام وروسيا في المنطقة، المترافق مع تفشي وباء كورونا.
وذكر الناشط محمد المصطفى لـ"العربي الجديد" أن قوات بشار الأسد قصفت بقذائف الهاون بلدتي الفطيرة وفليفل جنوبي إدلب، وبالمدفعية الثقيلة قرية السرمانية في سهل الغاب غربي حماة.
وكانت هذه القوات قد قصفت بالمدفعية والصواريخ فجر اليوم السبت قرى وبلدات الزيارة وخربة الناقوس بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وفليفل وبينين في ريف إدلب الجنوبي، فيما ردت فصائل المعارضة بقنص مواقع لقوات النظام على محور بسرطون بريف حلب الغربي، وسط معلومات عن إصابة عنصرين على الأقل من قوات الأسد.
وفي سياق متصل، قالت الأمم المتحدة إن أوضاع المدنيين السوريين في إدلب صعبة لغاية، جرّاء استمرار التصعيد العسكري لقوات النظام وروسيا وانتشار فيروس كورونا على نطاق واسع. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، في مؤتمر صحافي بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، أمس الجمعة: "نشعر بالقلق إزاء الوضع المزري للمدنيين شمال غربي سورية، حيث أدت الأعمال العدائية والأزمة الاقتصادية وكورونا إلى جعل أوضاع المستضعفين أكثر صعوبة".
وأشار إلى تلقي الهيئة الأممية تقارير بشأن تواصل "الأعمال العدائية طوال شهر سبتمبر/ أيلول المنصرم، مع تكثيف الضربات الجوية على طول الخطوط الأمامية جنوبي إدلب، وتقارير شبه يومية عن أعمال عنف". وأضاف: "كما نشعر بقلق بالغ إزاء الارتفاع المفاجئ في حالات الإصابة بفيروس كورونا، حيث ثبتت إصابة أكثر من ألف شخص يومياً في شمال غرب سورية"، متحدثا عن زيادة بنسبة 170 بالمئة في العدد الإجمالي للحالات الموجبة لكورونا خلال الشهر الماضي وحده.
ولفت فرحان إلى أن المعدات لاختبارات كورونا محدودة، إضافةً إلى النقص الحاد في الأكسجين، مشيرا إلى أنه تم تلقيح أقل من 3 بالمئة فقط من السكان شمال غربي البلاد، قائلا: "ومع وجود 1.6 مليون شخص يعيشون في مخيمات مزدحمة، فإن انتشار الإصابات بالفيروس سيزيد من عبء النظام الصحي المثقل بالأعباء بالفعل".
قصف على البادية السورية
في غضون ذلك، تواصل الطائرات الحربية الروسية طلعاتها الجوية على البادية السورية، مستهدفة المناطق المفترضة لانتشار تنظيم "داعش" الإرهابي ضمن مغارات وكهوف في عمق البادية، على امتداد مثلث حلب - حماة - الرقة، وتحديداً بادية آثريا والرصافة، إضافة الى بادية السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي وبادية دير الزور. ووفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، فقد شنت تلك الطائرات أكثر من 40 غارة جوية خلال الساعات الفائتة، ما أسفر عن مقتل 9 من عناصر التنظيم وإصابة 12 آخرين.
وكانت مواقع موالية للنظام أعلنت، أمس الجمعة، مقتل أحد ضباط "الفرقة الرابعة"، وهو العقيد تمام خضور قائد حملة ريف حلب الجنوبي سابقاً، وذلك بعد استهدافه في بادية حمص بهجوم لتنظيم "داعش"، وهو من منطقة المخرم الفوقاني بمدينة حمص.
من جهة أخرى، استهدفت المدفعية التركية مواقع لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في محيط قرية معلق بريف عين عيسى شمالي الرقة، فيما أشار ناشطون إلى نزوح غالبية أهالي قرية دبس الواقعة غرب عين عيسى قرب الطريق الدولي (إم4)، في حين عمدت "قسد" إلى رفع سواتر ترابية على الطريق قرب القرية المذكورة. ويأتي ذلك بعد أسبوع من الهدوء النسبي الذي شهدته محاور عين عيسى.
آخر التطورات في درعا السورية
وفي جنوب البلاد، انتهت عمليات التسوية في منطقة حوض اليرموك، فيما انسحبت قوات "الفرقة الرابعة" التابعة للنظام بأرتال عسكرية ليلاً من درعا نحو العاصمة دمشق، بعد إخلائها عدداً من حواجزها ونقاطها غرب درعا، وتسليم حواجز أخرى لفرع الأمن العسكري، وفق موقع "تجمع أحرار حوران" المحلي. كما تتواصل عمليات التسوية في مدينة نوى بريف درعا الشمالي الغربي، وسط إقبال ضعيف من جانب الشبان على هذه التسويات، التي امتدت أمس إلى مدينة جاسم وسط تهديدات من النظام ومطالبته بتسليم المزيد من قطع السلاح.
من جهة أخرى، شهد شهر سبتمبر/ أيلول الماضي ارتفاعاً ملحوظاً في عمليات الاعتقال بحق أبناء محافظة درعا، مقارنة بالشهر الذي سبقه.
وذكر مكتب توثيق الانتهاكات في "تجمع أحرار حوران" أنه جرت خلال الشهر الماضي 72 حالة اعتقال، بينها اثنتان لسيّدتين و5 لأطفال في محافظة درعا، على يد قوات النظام، أُفرج عن 21 منهم خلال الشهر ذاته.
وذكر المحامي عاصم الزعبي، مدير مكتب التوثيق، أن أعداد المعتقلين في محافظة درعا تعتبر أكبر من الرقم الموثق لدى المكتب، نظراً لامتناع العديد من أهالي المعتقلين عن الإدلاء بمعلومات عن أبنائهم لتخوّفات أمنيّة. وسجّل المكتب 8 عمليات قامت بها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، أربع منها نفذها فرع أمن الدولة في مدينة الحارّة أسفرت عن اعتقال 5 أشخاص، أفرج عن 3 منهم، وفي بلدة نمر أسفرت عن اعتقال شاب، فيما نفذ فرع الأمن العسكري مداهمة في بلدة قيطة أدت لاعتقال 9 أشخاص، ومداهمة لفرع المخابرات الجوية في مدينة الشيخ مسكين أسفرت عن اعتقال 15 شخصاً.
وبحسب توثيق المكتب، فإنّ معظم عمليات الاعتقال تجرى على الحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري، سواء داخل المحافظة أم خارجها، حيث عمدت قوات النظام إلى سحب عشرات الحواجز العسكرية من بين المدن والبلدات، وأعادت تموضعها في حواجز أكبر وثكنات عسكرية أخرى، جرى تعزيزها بالمدرّعات والآليات الثقيلة، في حين تستمر قوات النظام بالتضييق على الأهالي وتقطيع أوصال المناطق بعضها عن بعض.
وسجّل المكتب خلال الشهر المنصرم مقتل 47 شخصاً بينهم طفل في محافظة درعا، مشيرا إلى أن الإحصائية لا تشمل قتلى الجنايات.
وسجّل المكتب مقتل 27 من قوات النظام في محافظة درعا، 3 ضباط برتبة ملازم و24 عنصراً مجنداً، خلال عمليات استهداف واشتباكات متفرّقة بمحافظة درعا مع مقاتلين سابقين في فصائل المعارضة، مشيرا إلى أن أعداد قتلى قوات النظام والمليشيات الأجنبية يزيد عن الرقم الموثق لدى المكتب، بسبب عدم كشف النظام السوري عن الأعداد الحقيقية لقتلى المواجهات العسكرية. كما وثق المكتب 10 عمليات ومحاولات اغتيال أسفرت عن مقتل 11 شخصاً وإصابة 5 بجروح متفاوتة، فيما نجا اثنان.