قصف سورية... معادلة عدم الرد

02 سبتمبر 2022
جيّر النظام مقدرات جيشه لحماية سلطته الاستبدادية (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

لم يمر أكثر من أسبوع على قصف الاحتلال الإسرائيلي لمصياف في سورية، حتى طاول قصف آخر مساء الأربعاء الماضي حلب وريف دمشق. الجملة الخبرية: "تصدَّت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها"، تعيد تذكير المُتَلقي بسياسة عدم الرد.

المعادلة بسيطة ومستمرة منذ نكسة 1967 بعد احتلال الجولان، وفض الاشتباك في 1974. فكرنفالات "الانتصار" تُختزل في "صمود وبقاء النظام"، الذي لم يعد محرجاً أمام جمهوره، باعتبار أن "القصف يستهدف إيران ومليشياتها". وإذا صحت أخبار طلب النظام من إيران عدم الرد من سورية، فذلك يوضح المعادلة المستمرة منذ عهد الأسد الأب، رغم اختلاف الظروف.

لم يعد سراً أن تل أبيب واللوبيات الصهيونية في الغرب، مع اليمين المتطرف، تفضل بقاء الاستبداد في الشام على ديمقراطية الشعب وحريته. فمنذ 2011، رددت صحف عبرية وغربية تلك المعادلة القائمة على مواصلة 4 عقود من المنفعة المتبادلة، بل لم يفوت النظام نفسه تأكيدها في مناسبات عدة، كما فعل رامي مخلوف في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" في 2011.

عُمل لعقود على تكرار لازمة "الاحتفاظ بحق الرد". وبعد مئات الغارات، ثمة وصفة جاهزة: "النظام غير جاهز عسكرياً". ولا ينسى محور الممانعة التذكير بأن الاحتلال في مأزق ووضع ضعيف.

ببساطة، الذين كبروا في ظل الأسد الأب يدركون كذبة خلق "توازن استراتيجي مع العدو"، بدءاً من التسول على أنقاض القنيطرة من حكومات الخليج العربي إلى نهب الوطن والمواطنين، مكتشفين بأجسادهم "بطولة الجيش الباسل" بالبراميل والصواريخ، حتى أطلقوا تهكماً منذ 2012: "أكثر بقعة آمنة في سورية هي الجولان المحتل".

عشرات الاعتداءات الإسرائيلية حدثت قبل 2011، لعل أشهرها قصف موقع الكبر النووي قرب دير الزور (شمال شرقي سورية) في 2007. ولم تُنتج يوماً رداً من نظام جيّر مقدرات جيشه لحماية سلطته الاستبدادية.

وعليه، يبدو أن انتظار جمهور "الممانعة" للرد سيطول، بعدما وصل مشهد انحلال "دول المحور"، برعاية طهران ومليشياتها، إلى مستوى خلق فوضى وكيانات موازية لا تستطيع تأمين حتى خبز وكهرباء، هذا عدا عن "حماية السيادة الوطنية"، التي لا أهمية لها في مشروع مليشياوي لا يشبه تطلعات وآمال أبناء تلك الدول، من اليمن إلى لبنان.

وستظل عنتريات "الرد" منصبة على رؤوس الشعب، قصفاً وبؤساً، والعين على كرسي قصر المهاجرين لا أكثر ولا أقل.