قصف إسرائيلي لمصياف السورية: استمرار التنسيق الأمني مع روسيا

11 ابريل 2022
كثّف الاحتلال خلال العام الحالي ضرباته على أهداف في سورية (فرانس برس)
+ الخط -

لا يكاد يمرّ شهر من دون استهداف إسرائيلي لأهداف عسكرية يُعتقد أنها تابعة للحرس الثوري الإيراني في سورية، خصوصاً في محيط العاصمة دمشق، وفي وسط البلاد، حيث يقصف الطيران الإسرائيلي بشكل دائم مراكز علمية في ريف حماة، يُعتقد أنه يتم فيها تطوير أسلحة.

قصف إسرائيلي يستهدف مصياف السورية

وفي هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء "سانا" التابعة للنظام النظام السوري، عن مصدر عسكري قوله، إن "العدو الإسرائيلي نفّذ في الساعة السابعة إلا ربع" من مساء أول من أمس السبت، "عدواناً جديداً من اتجاه شمال لبنان مستهدفاً بعض النقاط في المنطقة الوسطى"، مشيراً إلى أن "وسائط دفاعنا الجوي تصدت لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها".

ونشرت صفحات تواصل اجتماعي محلية صوراً ومقاطع مصورة، قالت إنها لاستهداف طيران إسرائيلي قرية السويدة ونقاطاً في معامل "الزاوي" بريف مدينة مصياف، في ريف حماة الغربي.

استهداف الطيران الإسرائيلي قرية السويدة ونقاطاً في معامل الزاوي بريف مصياف

ويتموضع بالقرب من مدينة مصياف مركز علمي تابع لوزارة الدفاع في حكومة النظام، يُعتقد بأن خبراء من الحرس الثوري الإيراني ينشطون فيه منذ سنوات لتطوير أسلحة صاروخية بعيدة المدى، وأسلحة كيميائية وقذائف مدفعية.

وصنعت قوات النظام في هذا المركز البراميل المتفجرة قليلة التكلفة، ولكن شديدة القدرة على التدمير والفتك بأرواح المدنيين، وهو ما تأكد بعدما استخدمها النظام على نطاق واسع وبشكل عشوائي على مدى نحو 10 سنوات، ما أدى إلى تدمير أحياء كاملةK خصوصاً في ريف دمشق وفي مدينة حلب، وقتل أغلب سكّانها.

وأوضح الباحث السياسي وائل علوان، المهتم بملف الاستهداف الإسرائيلي لمواقع في سورية، أن القصف مساء السبت "استهدف مواقع عدة في منطقة مصياف في ريف حماة الغربي، أبرزها مركز البحوث العلمية". وبيّن علوان في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذا المركز "مهم جداً بالنسبة للجانب الإيراني، إذ يطور فيه أجهزة التوجيه الحراري الخاصة بالصواريخ متوسطة وبعيدة المدى". وأضاف الباحث أن "هناك مستودعات ومقار في محيط مدينة مصياف، يُعتقد بأن إحداها خاصة بالطيران المسيّر".

ووضع علوان القصف الذي طاول مصياف في إطار "الاختبار للتنسيق الأمني بين إسرائيل وروسيا حول قصف المواقع الخطرة بالنسبة لتل أبيب في سورية"، معتبراً أن "هذا التنسيق كان تعرض لبعض الاهتزاز بسبب الأزمة الأوكرانية، لكن قصف السبت يؤكد استمراره".

وفي السياق، ذكّر العميد فاتح حسون، وهو قيادي في فصائل المعارضة السورية في شمال البلاد، لـ"العربي الجديد"، بأن "مدينة مصياف تقع في المنطقة الوسطى لسورية، وبالتالي هي بعيدة عن خطوط الجبهة مع إسرائيل، وتتمتع بتضاريس تسمح بأن تكون موقعاً جيداً لإنشاء المصانع الحربية، وتخزين منتجات هذه المصانع بالقرب منها".

وبيّن حسون أن "نظام الأسد أنشأ في منطقة الزاوي على أطراف مدينة مصياف معامل الدفاع، التي تصنع العديد من المواد والمنتجات المستخدمة في الصواريخ وكذلك المواد الكيميائية، مستفيداً من وجود خبراء إيرانيين يقدمون خدماتهم في هذه المعامل". ولفت إلى أن إسرائيل "تقصف بشكل دائم هذه المعامل ومخازنها وطرق النقل، كلّما رصدت أمنياً ما تجد أنه يستوجب تدميره. وهذا ما حدث السبت بواسطة الصواريخ".

وكان طيران الاحتلال الإسرائيلي قد كثّف خلال العام الحالي ضرباته على أهداف عسكرية تابعة للإيرانيين في سورية، وأخرى تابعة لـ"حزب الله" اللبناني، في العديد من المناطق السورية، آخرها كان مطلع شهر مارس/آذار الماضي، حين قصف محيط مطار دمشق الدولي جنوب شرقي العاصمة.

فاتح حسون: تتمتع مصياف بتضاريس تسمح بأن تكون موقعاً جيداً لإنشاء المصانع الحربية

وفي فبراير الماضي، سُجلّت أربع هجمات جوية إسرائيلية داخل سورية، استهدفت مواقع في محيط دمشق، أبرزها مركز علمي في جمرايا شمال غربي العاصمة، ومواقع لـ"حزب الله" ضمن ثكنات "الفرقة السابعة" التابعة للنظام والمتمركزة جنوبي وجنوب غربي دمشق وتنتشر ألويتها وكتائبها بين بلدتي خان الشيح وزاكية. ولطالما تعرضت مقار وأبنية هذه الفرقة للقصف من الطيران الإسرائيلي، للاعتقاد بأنها باتت قاعدة للحرس الإيراني جنوبي دمشق.

مراكز النظام "العلمية": أسلحة تقليدية ومحرمة

وللنظام السوري العديد من "المراكز العلمية" التي تنتج أسلحة تقليدية وأخرى محرمة دولياً مثل الغازات السامة التي قصف بها مناطق سورية على امتداد سنوات الثورة، لعل أبرزها القصف الذي طاول الغوطة الشرقية لدمشق منتصف عام 2013، والذي أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين.

ومن المراكز المعلنة، مركز مصياف في وسط سورية، ومركز جمرايا شمال غربي دمشق، خلف جبل قاسيون الشهير. وفي إبريل/نيسان 2017، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على عاملين في مركز جمرايا، موضحةً أن "إدارة مراقبة الأصول الأجنبية أدرجت على قائمة العقوبات، 271 موظفاً يعملون في معهد البحوث في جمرايا، التابع للحكومة السورية، المسؤول عن تحضير أسلحة دمار شامل ووسائل إيصالها".

ولدى النظام "مركز علمي" شديد التحصين والسرّية في منطقة برزة في الجهة الشمالية من دمشق، تعرض للقصف من قبل الطيران الإسرائيلي. ولكن المركز الأكبر مساحة هو ما يسمّى بـ"معامل الدفاع"، والواقع في منطقة السفيرة إلى الجنوب الشرقي من مدينة حلب بنحو 10 كيلومترات.

وتعرّض هذا المركز الذي يُعتقد بأنه يضمّ العديد من الخبراء الأجانب، للقصف أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، آخرها كان منتصف 2021. وحاولت فصائل المعارضة في السنوات الأولى من عمر الثورة السيطرة على هذه المعامل، إلا أنها فشلت كونها من المراكز العسكرية شديدة التحصين والتي تحتاج إلى فترات طويلة من الحصار. ويحيط النظام مراكزه العلمية بستار محكم من السرّية، حيث يعمل فيها الأشخاص شديدو الولاء له.

المساهمون