- الصبيحي، المعروف بـ"أبو طارق"، كان ناشطًا ضد النظام السوري قبل انضمامه لـ"داعش"، وشارك في معارك ضد قوات النظام وتورط في أعمال إجرامية مثل السرقة والخطف.
- بعد اتفاق التسوية في 2018 وسيطرة قوات النظام على درعا، تغيرت حياة الصبيحي، حيث انتقل للعيش في المزيريب وابتعد عن العمل العسكري، لكن مقتل ابنه دفعه للانخراط مجددًا في أعمال عنف والتقارب مع "داعش".
أكدت مصادر داخل اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس، المدعوم من روسيا، يوم الجمعة، القبض على محمد قاسم الصبيحي، الملقب بـ"أبو طارق الصبيحي"، أحد قياديي تنظيم "داعش" في المنطقة الجنوبية، ووصفت الاعتقال بـ"الصيد الثمين"، بسبب معرفته الواسعة بتنظيم "داعش" في جنوب سورية، وقدرته على كشف هوية عناصره وكيفية تمويلهم. وكشفت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن الاعتقال جرى قبل ثلاثة أيام في منطقة اللجاة بشرق درعا، وذلك بفضل تعاون أحد المتعاملين الذي أبلغ عنه خلال عودته من مناطق تنظيم "داعش" في شرق محافظة السويداء.
من جانبه، أوضح أحد جيران الصبيحي، الذي يُدعى أ. المصري، لـ"العربي الجديد": "ينحدر الصبيحي من بلدة عتمان (4 كيلومترات شمال درعا)، ويبلغ من العمر 60 عامًا. كان يعمل في الأعمال الحرة قبل عام 2011، وكان من أوائل المشاركين في التظاهرات ضد النظام السوري، وبعد ذلك، انضم إلى الجبهة الجنوبية تحت راية لواء الكرامة، التابع للجبهة الجنوبية المدعومة من غرفة عمليات الموك'". وأضاف: "شاركت مجموعة الصبيحي في عدة معارك ضد قوات النظام في عتمان وطفس واليادودة غرب درعا، وفي عام 2013، بعد تحرير بلدة عتمان، استولى الصبيحي على مبنى الاتصالات ونهب كل محتوياته وباعها".
وفي العام ذاته، وبعد سيطرة لواء المعتز بالله على كتيبة عسكرية غرب بلدة عتمان، نشب خلاف بين محمد الصبيحي ولواء المعتز بالله بشأن توزيع الغنائم. وتعرض الصبيحي لهجوم من مجموعة تابعة للواء المعتز، ما أدى إلى مقتل أحد أفرادها وإصابة آخرين. وتحت ضغط من فصائل عسكرية، قرر الصبيحي تسليم نفسه لمحكمة دار العدل، حيث دفع فدية وخرج من السجن.
وفي عام 2014، قامت مجموعة الصبيحي بسرقة محتويات مكتب تابع لمنظمة "رابطة أهل حوران"، وخطفت الموظفين. أُعيدت المسروقات وحُرّر المختطفون بعد إلقاء القبض على الصبيحي من قبل عدة فصائل من الجبهة الجنوبية. لاحقاً، أُدين الصبيحي مرة أخرى في محكمة دار العدل، لكنه خرج من السجن بعد سقوط الشكاوى المقدمة ضده.
وأوضح الجيران أن "الصبيحي يسعى جاهداً للسيطرة بشكل فردي على المدخل الشمالي لمدينة درعا، ما يُتيح له ابتزاز جميع الأطراف المعنية، ويمنع أي عمل عسكري من الجهة الشمالية لمدينة درعا من دون موافقته، وفي حال دخول الجيش الحر المدينة، تصبح جبهة عتمان نقطة انسحاب لقوات النظام".
بعد التسوية، لم يعد الصبيحي كما كان في السابق. يقول الناشط الإعلامي أسامة عبد المنعم، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعدما سيطرة قوات النظام، بدعم روسي، على محافظة درعا، وتوقيع اتفاق التسوية في صيف عام 2018، انتقل الصبيحي للعيش في بلدة المزيريب غرب درعا. بدأ يتخلى عن العمل العسكري وأنشأ معملاً لتصنيع حجارة العمار "بلوك"، وعمل فيه مع أولاده حتى تعرض ابنه شجاع للقتل مع أحد أقاربه بالقرب من أحد حواجز المخابرات الجوية في محيط مدينة داعل غربي درعا. اتهم الصبيحي قوات النظام السوري بالوقوف وراء عملية الاغتيال".
ويضيف عبد المنعم أنه "في مايو/أيار عام 2020، هجم على مخفر بلدة المزيريب وقتل تسعة أفراد ورمى جثثهم في الدوار وسط البلدة. كما نفذت مجموعة الصبيحي في بداية عام 2021 كميناً لمجموعة من الفرقة الرابعة برفقة الأمن العسكري في بلدة المزيريب، ما أدى إلى مقتل أكثر من عشرين شخصاً. هذا زاد من سخط قوات النظام على المنطقة وأدى إلى تفجير منزله".
وبحسب عبد المنعم، فقد "حاولت المجموعة اقتحام مناطق اليادودة وطفس والمزيريب، لكن العملية انتهت باتفاق مع اللجنة المركزية، التي سعت للتهدئة بتمشيط المنطقة ودفع مبلغ مالي بلغ 300 مليون ليرة سورية. وطالبت قوات النظام بتهجير ستة أشخاص إلى الشمال السوري، من بينهم الصبيحي، حتى خرج من مدينة طفس وانتقل إلى حي طريق السد بالقرب من درعا البلد".
ويشير المتحدث إلى أنه في هذه المرحلة، أصبح الصبيحي شخصاً ملاحقاً ومنبوذاً، ما دفعه إلى التقارب مع تنظيم "داعش". عمل في حي طريق السد برفقة محمد المسالمة الملقب "هفّو" ومؤيد حرفوش الملقب "أبو طعجة"، اللذين كانا من أبرز المطلوبين للفصائل المحلية بتهمة الانتماء لتنظيم "داعش" والتورط في العديد من الجرائم وعمليات الاغتيال، بما في ذلك قطع رأس شاب يبلغ من العمر 16 عاماً من بلدة معربة شرقي درعا، بعد استدراجه إلى طريق السد، وتفجير منزل يضم اجتماعاً لقادة الفصائل المحلية بدرعا، ما أسفر عن مقتل وإصابة 15 شخصاً.
وفي أواخر عام 2022، شنت فصائل محلية، بدعم من الفيلق الخامس، هجوماً على عدة مواقع في حي طريق السد والمخيم ودرعا البلد، ما أدى إلى مقتل سبعة من أفراد التنظيم واختفاء باقي القادة، بمن فيهم أبو طارق الصبيحي. وأعلنت وسائل الإعلام النظامية ووكالة سبوتنيك الروسية أن الصبيحي كان من بين القتلى بعد إرسال الجثث إلى مشفى درعا الوطني. رغم ذلك، فقد ظهر الصبيحي في تسجيلات مصورة ونفى تلك الاتهامات، مؤكداً أنه لم يطلب من أي شخص التحدث باسمه. كما كشف عن رسائل وصلت إليه من العميد لؤي العلي، قائد فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية، يطالبه بالعمل لصالح الأمن العسكري، إلا أنه رفض الامتثال لهذه الطلبات.