برزت في اجتماع أستانة "الأخير" بشأن سورية، 20 و21 حزيران/يونيو، تجاذبات عديدة حول العلاقة بين النظام السوري و"قوات سورية الديمقراطية / قسد" والدورين الروسي والتركي، الضاغطين على "قسد" في اتجاهين مختلفين، في هذه العلاقة.
وقال الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجيّة في "الإدارة الذاتيّة"، بدران جيا كرد، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء "هاوار" الكردية، اليوم الجمعة، "إذا تعاونت حكومة دمشق مع الدولة التركية، ستكون هذه سياسة خاطئة تعرّض سيادة سورية ووحدة أراضيها لخطرٍ كبير".
وأضاف جيا كرد أن روسيا تسعى إلى تطوير العلاقات بين تركيا والنظام السوري في المرحلة المقبلة، معتبراً أن "خريطة الطريق التي تضعها روسيا لخلق تقارب بين الطرفين، ستشكل العديد من التحالفات ضد شعب المنطقة والإدارة الذاتية".
وأعرب المحلل السياسي الدكتور فريد سعدون لـ"العربي الجديد" عن اعتقاده بأن قسد غير متخوفة على المدى المنظور من اتفاق ضدها بين النظام السوري وتركيا، وما زالت تعول على أن أستانة لم تفض حتى الآن إلى نتائج محددة يمكن تنفيذها على أرض الواقع.
وأضاف سعدون "إذا كانت الأمور التي بين أيديهم مثل تسليم المعابر وإدارة المناطق في شمالي غرب سورية، لم يتفقوا عليها، فكيف يتفقون على خطط مشتركة بشأن مناطق لا يسيطرون عليها مثل شرق الفرات".
وكانت دائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية" قالت في بيان، أول أمس الأربعاء، إنها تحرص على تحقيق "حل سلمي سوري من خلال الحوار الحقيقي الهادف"، مشيرةً إلى أن هناك من يصر على "قراءة الواقع بمعزل عن الحالة الموجودة".
"الإدارة الذاتية" في بيانها كانت ترد على مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، الذي قال، في تصريحات صحافية، الثلاثاء الماضي، خلال مشاركته باجتماع أستانة، أن "القوات الأميركية تدعم عددا من المنظمات الكردية التي تعارض وحدة الأراضي السورية وأنشأت شبه دويلة مع إدارة خاصة بها، وهذا أمر غير مقبول إطلاقا".
واعتبرت "الإدارة الذاتية" في بيانها أن التصريحات الروسية "لا تمثل واقع الحال" وتأتي "في سياق إرضاء الأطراف الأخرى من مجموعة أستانة وخلق انطباع معاد للإدارة الذاتية، وشرعنة للهجمات التركية المتصاعدة في المنطقة".
وكان معاون وزير خارجية النظام السوري، أيمن سوسان، اعتبر في تصريحات صحافية، أن "قسد" لا تمثل الأكراد السوريين، وأن "قيادات هذا التنظيم وعقيدته هي غريبة عن سورية، فهم أتوا من خارج سورية من جبال قنديل"، معتبراً أنهم "لا يعنون شيئاً للأميركيين، وأنهم مجرد أداة في مشروعهم، وعندما تنتفي هذه الحاجة سيرمونهم كما رموا غيرهم".
ورغم أن محاربة "قسد" تعتبر قاسماً مشتركاً بين النظام السوري وتركيا، إلا أن آليات التنسيق لتفكيكها ماتزال محل خلاف، ولاسيما أنها تتلقى دعماً عسكرياً وسياسياً من جانب الولايات المتحدة.
وكانت وحدات تابعة للحرس الجمهوري التابعة للنظام السوري اتجهت إلى ريف حلب الشرقي قبيل جولة أستانة الأخيرة، تمهيداً للانتشار على المحور الممتد من العريمة إلى منبج، فيما يبدو أنها محاولة لإظهار جدية النظام وقدرته على الاستجابة لمتطلبات "مكافحة الإرهاب" على أمل دفع مسار التطبيع مع تركيا إلى الأمام، إضافة الى رغبة النظام في الضغط على قسد من أجل ابداء مرونة في المفاوضات بين الجانبين.