أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأربعاء، قرارا يقضي بعدم دستورية لجنة التحقيق الوزارية التي شكلتها حكومة رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، قبل أكثر من عام ونصف، لمتابعة قضايا الفساد والجرائم الكبيرة، في أول قرار من نوعه للمحكمة يتعلق بإجراءات حكومية.
ووفقا لبيان صدر عن المحكمة الاتحادية في بغداد، فإن "قرار رئيس الوزراء عام 2020 بتشكيل لجنة دائمة للتحقيق بقضايا الفساد والجرائم المهمة يعتبر غير دستوري ويتطلب إلغاءه"، وعزت ذلك إلى "مخالفته أحكام المادة (37) من الدستور التي تضمن حماية حرية الإنسان وكرامته ولمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليها في المادة 47 من الدستور ولمبدأ استقلال القضاء واختصاصه بتولي التحقيق والمحاكمة المنصوص عليها في المادتين 87 و88 من الدستور".
ولم توضح المحكمة مصير الشخصيات التي قامت اللجنة بإصدار أوامر قبض واعتقال بحقها بتهم فساد، أو الشخصيات التي جرت محاكمتها سابقا بناء على تحقيقات قامت بها اللجنة وإمكانية الطعن بها في ظل القرار الجديد.
وبحسب مصادر سياسية في بغداد، فإن قرار المحكمة جاء بناء على شكوى تقدم بها ذوو متهم بعملية اغتيال طاولت شخصية أكاديمية مهمة في بغداد قبل أكثر من عام، وينتمي المتهم إلى فصيل مسلح معروف ونافذ في بغداد.
وأبلغ أحد تلك المصادر التي فضلت عدم كشف هويتها، "العربي الجديد"، بأن "الحكومة ستعمل على ضمان نقل المعتقلين على ذمة التحقيق عند اللجنة إلى هيئة النزاهة أو جهاز مكافحة الإرهاب وضمان عدم إطلاق سراحهم".
ونهاية أغسطس/ آب 2020، قرر الكاظمي تشكيل لجنة للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية يرأسها الفريق أحمد أبو رغيف من وزارة الداخلية، و3 ممثلين آخرين، واحد منهم عن جهاز المخابرات الوطني، وثانٍ عن جهاز الأمن الوطني، وثالث عن هيئة النزاهة، فضلاً عن الاستعانة بـ 25 محققاً و15 موظفاً إدارياً.
من جهته قال القيادي في تحالف "الفتح"، سعد السعدي، لـ"العربي الجديد"، إن "قرار المحكمة الاتحادية، يؤكد عدم دستورية الكثير من قرارات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كما أن لجنة أبو رغيف عليها الكثير من الشكاوى المتعلقة بعمليات تعذيب وانتزاع معلومات بالقوة وتصرفات غير قانونية"، مبينا أن "قرار المحكمة الاتحادية سيكون له تبعات على القضايا التي بعهدة اللجنة، كما ويمكن لكل متضرر منها إقامة الدعاوى ضدها، خصوصاً من قبل الشخصيات التي اعتقلت لفترات طويلة وتم الإفراج عنها".
وخول الكاظمي لجنة التحقيق بقضايا الفساد بحق طلب أي أوليات أو معلومات متعلقة بالقضايا التي تنظر فيها، من الوزارات، أو المؤسسات غير المرتبطة بالوزارات، واستدعاء من تقتضي مجريات التحقيق استدعاءه بعد تحديد صفته، باستثناء المتهمين الذين لا يمكن إحضارهم من دون قرار من القاضي المختص.
كما كلف رئيس الوزراء جهاز مكافحة الإرهاب بمهمة تنفيذ القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق أو المحاكم المختصة بالمسائل التي تخص لجنة التحقيق بقضايا الفساد.
وتمكنت لجنة التحقيق بقضايا الفساد من اعتقال عدد من المسؤولين، أبرزهم السياسي البارز زعيم حزب "الحل" جمال الكربولي، على خلفية تهم تتعلق بصفقات فساد في وزارة الصناعة ورئيس دائرة التقاعد العامة أحمد الساعدي، ورئيس هيئة استثمار بغداد شاكر الزاملي، ورئيس شركة "كي كارد" بهاء المعموري، ومدير بلدية المنصور في بغداد علي جار الله، ومحافظ بابل حسن منديل السرياوي، ومن قبله محافظ نينوى نوفل العاكوب، بالإضافة إلى مسؤولين في بنوك محلية أهلية وأخرى حكومية، وشركات تحويل مالي خاصة.