قرار جديد من النظام السوري للاستيلاء على أملاك الغائبين

17 سبتمبر 2021
إجراء غير قانوني ومخالف للدستور من قبل سلطات النظام الأمنية ( ديليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

أصدرت وزارة العدل في حكومة النظام السوري قرارا جديدا يقضي بضرورة الحصول على موافقة أمنية للراغبين في إصدار وكالات عن الغائب أو المفقود، وهو ما اعتبره البعض محاولة من النظام للاستيلاء على أملاك المعارضين، أو ابتزاز موكليهم ماليا.
وقالت الوزارة في القرار الذي نشرته على صفحتها في "فيسبوك": "نظرا لإصدار وكالات عن الغائب أو المفقود بشكل كبير في الآونة الأخيرة بسبب الأحداث التي حصلت في سورية خلال السنوات العشر المنصرمة، تبين أن هناك وكالات كثيرة تصدر ويتبين بعد ذلك أن الشخص المدعى فقدانه أو غيابه ميت أو ملاحق بجرائم خطيرة".
وأضافت "وردت حالات يستغل فيها الوكلاء حالة الغائب أو المفقود، ويتصرفون بأمواله تصرفات تضر بمصالحه، وهذا ما يجعل التأكد من الأوضاع القانونية للوكلاء والمفقودين والغائبين ضرورة ملحة"، مشيرة إلى ضرورة حصول كل وكيل على الموافقة الأمنية اللازمة، لدى البدء في إجراءات الحصول على الوكالة أسوة بباقي أنواع الوكالات.

وأوضحت أن الموافقة الأمنية ستكون "وثيقة من الوثائق التي يجب إبرازها ابتداء كمرفق أساسي من مرفقات طلب الحصول على الوكالة".
ويرى خبراء قانونيون أن الموافقة الأمنية التي تفرض على الوكالات تحد من قدرة الأشخاص على التصرف بحق الملكية، مؤكدين أن هذا الإجراء الإداري غير قانوني ومخالف للدستور من قبل السلطات الأمنية للنظام، ما يعني تفويضا من السلطة القضائية للسلطة الأمنية حتى تكون وصية عليها.
وقال المحامي محمد الرشيد في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن حرمان المواطنين من التصرف بممتلكاتهم الخاصة إلا بموافقة أمنية، أمر مخالف للقانون والدستور الذي حفظ الملكية الخاصة، مشيرا إلى أن القرار له أثر رجعي يلغي بموجبه الوكالات الخاصة السابقة ويجبر أصحابها على استحصال الموافقة الأمنية.
من جهته، قال الصحافي محمد بيدق خلال حديث مع الـ"العربي الجديد"، إن النظام يحاول بشتى السبل تأمين موارد مالية لتمويل آلته العسكرية والأمنية، إضافة إلى فتحه بابًا جديدًا لابتزاز المواطنين ومساومتهم على منح الوكالة مقابل مبالغ مالية.
وأوضح بيدق أن "هناك عشرات وربما مئات آلاف الأشخاص الذي لا يعرف مصيرهم في سورية إن كانوا أحياء أم أمواتا، إضافة إلى نزوح وهجرة الملايين خارج الحدود، بعد قيام الثورة السورية والحل الأمني القمعي الذي مارسه النظام، وكل هؤلاء لديهم مصالح في البلاد، وقد نظم القانون الآليات التي تبيح للقاضي الشرعي منح وكالة عن الغائب أو المفقود لشخص يجده القاضي مناسبا، وبموجبها يستطع هذا الوكيل إدارة شؤون ومصالح الغائب أو المفقود وكل ذلك تحت رقابة القاضي وبإذنه".
وأكد أن الإجراء الجديد من قبل وزير عدل النظام يعد تدخلًا سافرًا من السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية، معتبرا أن هذه الخطوة تهدف بالدرجة الأولى إلى معاقبة معارضي النظام وتعطيل مصالحهم وأعمالهم وتجميد ممتلكاتهم، رغم أن ظاهر التعميم يوحي وكأنه صدر لحماية مصالح الغائبين والمفقودين.
ويرى بيدق أن هذا القرار يسعى الى دفع ذوي المعتقلين او المهجرين إلى دفع "إتاوة" في حال الحاجة إلى الحصول على وكالة.
وعلق متابع على منشور صفحة وزارة عدل النظام قائلًا، " أرى أن يتم إلغاء تدريس القوانين بجامعة الحقوق لأن السلطة التنفيذية فوق القانون"، مضيفًا "إذا كانت الوكالة عن غائب لا تجيز البيع إلا بموافقة القاضي الشرعي، فكيف لعنصر أمن أن يتعدى على قرار القاضي الشرعي؟ ومنذ متى يلغي التعميم القانون؟".
ودعا إلى عدم إلغاء دور القضاء وترك كافة الأمور للسلطة الأمنية، مشيرًا إلى أن السلطة التنفيذية ستبقى تعلو على القانون إن لم يُفصل وزير العدل عن السلطة القضائية ومجلس القضاء الأعلى. وعمد النظام في الآونة الأخيرة إلى إصدار قرارات الحجز على أموال تجار وصناعيين وأصحاب رؤوس الأموال لإجبارهم على رفد خزينته بالمال، الأمر الذي دفع العديد منهم إلى مغادرة البلاد.

المساهمون