أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، مساء اليوم الجمعة، مقتل شاب خلال قمع الشرطة السودانية مظاهرات خرجت لإحياء الذكرى الثالثة لمجزرة فضّ الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش في يونيو/حزيران عام 2019.
وقالت لجنة أطباء السودان إن القتيل عشريني لم يتم التأكد من بياناته بعد، مشيرة إلى أنه توفي إثر إصابته في الصدر بالرصاص الحي الذي أطلقته ما سمتها "قوات الانقلاب" بغزارة أثناء قمعها لمواكب نقطة محطة 7 بالصحافة.
واشتبك عناصر من الشرطة السودانية، الجمعة، مع متظاهرين في الخرطوم، في نقطة التجمع بمحطة الصحافة، كما سُمع دوي إطلاق رصاص من قبل الشرطة.
وأطلقت الشرطة على المتظاهرين الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، ما أسفر عن وقوع عدد من الإصابات نقلت إلى المستشفيات القريبة.
وخرج آلاف السودانيين، اليوم الجمعة، في مناطق عدة إحياء للذكرى الثالثة لمجزرة فض الاعتصام، فيما كثف الجيش انتشاره في محيط قيادته العامة بالخرطوم، كما أغلق بالكتل الخرسانية كل الطرق المؤدية إليها.
وفي محطة سبعة، جنوب الخرطوم، نقطة التجمع الرئيسة لمدينة الخرطوم، رصد "العربي الجديد" مشاركة واسعة من المتظاهرين. وردد المشاركون في التظاهرة النشيد الوطني ورفعوا الأعلام السودانية، كما أحرقوا إطارات السيارات.
وتحلق المشاركون في دوائر لترديد الهتافات الثورية، ورددوا الشعارات التي تمجد قتلى الثورة، خصوصاً قتلى مجزرة فض الاعتصام.
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أكد حاتم إبراهيم، أحد المشاركين، أن "الثورة التي اشتعلت في العام 2018 مستمرة، ولن نتراجع إلا بعد تحقيق كامل مطالب وأهداف الثورة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة والقصاص للشهداء".
كذلك، قال المشارك في التظاهرات، قصي صديق، لـ"العربي الجديد"، إن "شهداء مجزرة فض الاعتصام سقطوا من أجل مدنية الدولة ومناهضة حكم العسكر، وإن أقل وفاء لهم هو إسقاط الانقلاب العسكري لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وتقديم كل من شارك فيه تخطيطاً وتنفيذاً إلى العدالة على فعلتهم تلك، وما ارتكبوه لاحقاً من جرائم في حق المتظاهرين السلميين".
وبحسب شهود عيان تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن نقاطا أخرى في كل من الخرطوم بحري وأم درمان شهدت تظاهرات مشابهة لما جرى في الخرطوم.
وامتدت رقعة التظاهرات لتشمل مدن القضارف وربك وكوستي وبورتسودان ورفاعة الحصاحيصا والأبيض ونيالا.
وكانت السلطات قد أغلقت صباح اليوم كل الجسور أمام حركة المرور المؤدية إلى العاصمة الخرطوم عدا جسري الحلفايا وسوبا، ما أدى إلى ازدحام كثيف في حركة السير على الجسرين.
ونتيجة لإغلاق الجسور، وجد المواطنون صعوبة في الوصول إلى منطقة وسط الخرطوم، خصوصاً مع الانتشار الكثيف لقوات الشرطة وبقية القوات الأمنية، فضلاً عن إغلاق عدد من الشوارع من بينها شارع المطار.
وأعلنت تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم تنظيم تظاهرات، الجمعة، بالتزامن مع الذكرى الثالثة لفض اعتصام القيادة العامة، حيث يتوقع أن تشهد الشوارع حرقاً للإطارات وإغلاقاً للطرق بالمتاريس، وتسيير تظاهرات عقب صلاة الجمعة، على أن تنتهي باعتصام اليوم الواحد، حسب تنسيقيات لجان المقاومة.
وحددت لجان مقاومة مدينة الخرطوم ولجان أحياء بحري ولجان مقاومة أم درمان القديمة "محطة سبعة" في الخرطوم، و"لفة جنوب شمبات" و"صينية الأزهري" بأم درمان، وجهات للتظاهرات المرتقبة.
🔵 في ذكرى #مجزرة_القيادة_العامة تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم تعلن عن تتريس شامل في جميع الشوارع الرئيسية، وبعدها عند الساعة (١١) ستنطلق المواكب نحو محطة سبعة لتأدية صلاة الجمعة ومنها سيتم إعلان إعتصام اليوم الواحد من قبل اللجنة الميدانية في المنصة .#مليونية3يونيو pic.twitter.com/3T1mmqY4aW
— ذوالكــفـل ® (@HkZuk) June 2, 2022
وخرجت تظاهرات اليوم، إلى جانب إحياء الذكرى الثالثة لمجزرة فض الاعتصام، للتنديد أيضاً بالانقلاب العسكري لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
محاكمة المتورطين بارتكاب المجزرة
ومنذ وقوع المجزرة قبل 3 سنوات، لم تتمكن لجنة وطنية مستقلة، شُكلت بغرض التحقيق فيها، من تحديد المتورطين في الواقعة وتقديمهم للمحاكمة.
وحول الأمر، قال رئيس اللجنة نبيل أديب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن اللجنة واجهت جملة من المشكلات والمعوقات آخرها فراغ منصب رئيس الوزراء باستقالة عبد الله حمدوك في يناير/كانون الثاني الماضي، مؤكداً التزام اللجنة بإنجاز مهمتها وتقديم ملفات جنائية متماسكة أمام القضاء.
وصمة عار وغصة
من جهته، أصدر حزب المؤتمر السوداني، بياناً، قال فيه إن "جريمة فض الاعتصام ومجزرتها ستظل وصمة عار وغصة ووخزة في وجدان العدالة الغائبة والمغيبة بأيدي الجناة والعبث بمسرح الجريمة وأدواتها".
وشدد على أن من "حق الثوار المغدورين في عدالة تدين الجناة وترد حقوق الشهداء والمصابين والمفقودين".
وأضاف أن "مسؤولية لجنة التحقيق التي تأسست برئاسة نبيل أديب المحامي قائمة وعليها واجب قانوني وأخلاقي بضرورة تمليك الحقائق كاملة للشعب السوداني، بعد أن تصدت لهذه المهمة لمدة ثلاث سنوات، ولم تقدم ما يدفع عنها جريمة تعطيل العدالة وتغبيش الحقائق ودفن أحلام الثورة والثوار في عدالة تليق بطموحاتهم وتضحياتهم".
وفي بيان لدول "الترويكا"(النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) في مناسبة ذكرى فض الاعتصام، دعت الدول الثلاث إلى تسريع التحقيق الذي عينته الحكومة في المذبحة والكشف عن النتائج للرأي العام.
وحثت هذه الدول السلطات العسكرية على محاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم ضد المتظاهرين المدنيين السلميين.
كما دعا البيان السلطات إلى اتخاذ المزيد من التدابير لبناء الثقة، ودعم العملية السياسية الميسرة بين بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة إيغاد، وتعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، والامتناع عن الإفراط في العنف ضد المتظاهرين السلميين.