قتلى في اشتباكات عشائر و"قسد" بريف دير الزور.. وتصعيد عسكري شمالي سورية
قتل وجرح العشرات، اليوم الثلاثاء، إثر اشتباكات بين مسلحين من العشائر العربية و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في ريف دير الزور شرقي سورية، في حين أعلنت "قسد" عن استمرار عملية أمنية أطلقتها أول أمس الأحد دون التعليق على الحوادث الأخيرة في دير الزور عقب احتجازها قياديين من أبناء العشائر.
وقالت مصادر محلية إن عشرة أشخاص من أبناء العشائر العربية بينهم مدنيون قتلوا اليوم جراء اشتباكات بين مسلحين من العشائر وعناصر من "قسد" في قريتي الحريجية وأبريهة في ريف دير الزور.
وذكرت شبكة "نهر ميديا" أن ثمانية أشخاص قتلوا خلال الاشتباكات في الحريجية، بينما قتل اثنان في أبريهة، مضيفة أنه يوجد بين القتلى عناصر من "قسد" بالحريجية.
وذكرت مصادر "العربي الجديد" أن قوات من العشائر مؤيدة لـ"مجلس دير الزور العسكري" احتجزت عشرة عناصر من فصيلي "جيش الثوار" و"لواء الشمال" التابعين لمليشيات "قسد" خلال مناوشات في بلدة العزبة، و تزامن ذلك مع قطع الطريق على قوات تتبع لـ"قسد" على طريق الشحيل في ريف دير الزور الشرقي.
وذكرت المصادر أن "قسد" جلبت تعزيزات عسكرية إلى محيط بلدة العزبة وقطعت الطريق إليها، وسط توقعات بحصول اقتحام وتخوف من المدنيين بتصاعد وتيرة الاشتباكات.
وأضافت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن طفلة قتلت بطلق ناري طائش جراء اشتباكات قرب قرية الحصين حيث هاجم عناصر من "مجلس دير الزور العسكري" الحاجز التابع لميليشيا "قسد" هناك. من جانبها نقلت "قسد" تعزيزات عسكرية إلى قرية الحصين بهدف مواجهة المهاجمين.
وفي بيان لها أعلنت "قسد" استمرار عملية "تعزيز الأمن"، التي أطلقتها قبل يومين زاعمة أنها قبضت أمس على ثلاثة من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي وتاجري مخدرات في اليوم الثاني من العملية.
وجاء في البيان: "لليوم الثالث، تواصل قواتنا حملة تعزيز الأمن منطقة دير الزور لملاحقة خلايا داعش والعناصر الإجرامية وتجار المخدرات، حيث أنهت تمشيط الريف الغربي الممتد من شرق الرقة وصولاً إلى دوار المعامل، فيما تتواصل العملية في الريف الشرقي وأجزاء من الريف الشمالي لدير الزور."
ولم يتطرق بيان "قسد" للأحداث الأخيرة في دير الزور والتي جاءت على خلفية اعتقالها قائد "مجلس دير الزور العسكري" التابع لها أحمد الخبيل (أبو خولة) واعتقال قياديين آخرين من أبناء العشائر العربية، وهو ما أدى إلى تأجيج الوضع في المنطقة.
وفي وقت سابق اليوم طالبت عشائر البكير العربية في بيان لها التحالف الدولي ضد "داعش" بالعمل على الإفراج عن القياديين العسكريين المحتجزين لدى "قوات سورية الديمقراطية" من أبناء العشائر، مهددة بإعلان النفير العام واستهداف كافة مكونات "قسد" بالسلاح في حال لم تتحقق مطالبهم خلال مدة أقصاها 12 ساعة.
تصعيد عسكري في شمال غرب سورية
من جهة أخرى، يشهد الشمال الغربي من سورية والخاضع لـ"هيئة تحرير الشام"، ومجموعات تدور في فلكها، تصعيدا بينها وبين قوات النظام و"حزب الله" اللبناني، منذ عدة أيام، ما أثار مخاوف من تبعات هذا التصعيد على الاحتجاجات الشعبية التي دخلت يومها العاشر في جنوب سورية، لجهة صرف الاهتمام الإعلامي عن الحراك.
وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن خمسة عناصر من قوات النظام و"حزب الله"، قتلوا أمس الاثنين أثناء مهاجمتهم لمحور نحشبا في ريف اللاذقية الشمالي، بعد تصدي مجموعات تابعة لـ"هيئة تحرير الشام" للهجوم.
إلى ذلك، ذكرت شبكات إخبارية محلية أن قوات النظام قصفت صباح اليوم بقذائف المدفعية بلدات وقرى: برزة والكندة والكبينة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي الخارج عن سيطرتها.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الفصائل المعارضة المنضوية ضمن غرفة عمليات "الفتح المبين" قصفت بالمدفعية والصواريخ مواقع لقوات النظام في محور كرسعة في ريف إدلب الجنوبي رداً على قصف النظام بلدات وقرى: كنصفرة، الفطيرة، كفرعويد، في منطقة جبل الزاوية.
ويتزامن التصعيد العسكري في شمال غرب سورية مع حراك ثوري واسع النطاق في محافظة السويداء جنوبي سورية، وهو ما أثار المخاوف لدى الشارع السوري المعارض من تبعات هذا التصعيد وخاصة لجهة صرف الاهتمام الإعلامي عن المشهد في هذه المحافظة التي دخلت يوما عاشرا من إضراب وحركات احتجاج واسعة النطاق وغير مسبوقة.
ويحظى هذا الحراك الذي تلقّى مساندة شعبية واسعة في مختلف المناطق السورية باهتمام كبير من قبل القوى الفاعلة في الملف السوري، ولا سيما انه يتركز في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية من السكان والتي لطالما بذل النظام جهودا لتحييدها عما يجري في البلاد منذ عام 2011.
وبرأي المحلل العسكري العميد مصطفى فرحات فإن "التصعيد العسكري لا يخدم سوى النظام"، مضيفا: "التظاهرات والاحتجاجات تعم الجغرافيا السورية وهو ما يعيد البريق للثورة، ومن ثم توقيت التصعيد العسكري يصب في صالح نظام الأسد، لأنه سيطغى على التحرك الثوري السلمي".
وتابع في حديث مع "العربي الجديد": "كان المفترض تأجيل العملية العسكرية لفسح المجال أمام التحرك المدني الذي يثير اهتمام المجتمع الدولي حاليا. هذه التظاهرات الحضارية السلمية عامل ضغط كبير على بشار الأسد ونظامه، وخاصة أن للسويداء خصوصية لا تسمح للنظام بقمع تظاهراتها".
وبرأي فرحات فإن "التصعيد العسكري في هذا الوقت يساعد النظام في استمرار إيهام حاضنته بأنه خندق الدفاع عنها، في وقت ارتفعت الأصوات المنددة بالنظام وبرأسه حتى داخل الحاضنة الضيقة للأسد".
وأضاف: "نؤيد الأعمال العسكرية التي تُسقط النظام، ولكن هذه العمليات التي تجري في الشمال الغربي ربما تفضي إلى مقتل عدد من عناصر النظام، ولكن إسقاط النظام لا يمكن أن يتحقق بهذه العمليات المحدودة. في الوقت الراهن يجب إفساح المجال للشارع وللحراك المدني السلمي والتظاهرات".
وفي المقابل، أكد العقيد مصطفى البكور وهو قيادي في فصائل المعارضة السورية في حديث مع "العربي الجديد" أن "التصعيد الأخير في شمال غرب سورية يأتي في إطار الرد على المجازر التي ارتكبها النظام والروس بحق المدنيين"، مضيفا: "توافق هذه العمليات زمنياً مع الحراك الشعبي في السويداء ومناطق أخرى في سورية لا يعني أن هذه العمليات هدفها صرف الأنظار عن الحراك".