ينعقد المجمع الانتخابي الأميركي غداً الاثنين ليكون الحلقة الأخيرة في مسلسل الانتخابات الأميركية، الذي أراد له الرئيس دونالد ترامب أن يمتد أبعد بكثير من ليلة إعلان النتائج، بعد أن رفض الإقرار بالهزيمة، وتمسّك برواية "التزوير"، ولم يترك باب محكمة إلا وطرقه، مخالفاً بذلك تقاليد عريقة رسّختها الديمقراطية الأميركية عبر تاريخها الحديث. رغم ذلك، فإن الموقف الوحيد الذي أبدى فيه ترامب ليونة حيال التسليم بهزيمته، تصريحه بأنه سيرضخ لقرار المجمع الانتخابي إذا صوّت للفائز في مجموع أصوات الولايات، جو بايدن، رغم أنّه اعتبر أن ذلك سيكون "عاراً كبيراً".
وفي ما يأتي أسئلة وأجوبة تخصّ المجمع الانتخابي قبيل التصويت الذي كان في السابق مجرّد إجراء روتيني، وبات اليوم يمثّل اللحظة المفصلية في الانتخابات، أقلّه بالنسبة إلى ترامب.
ما هو المجمع الانتخابي؟
خلال صياغة الدستور الأميركي، نشب خلاف بين مؤسسي الولايات المتحدة حول طريقة اختيار الشعب لقائده، فانتهى بهم الأمر إلى اعتماد نظام المجمع الانتخابي كحل وسط بين مؤيدي انتخاب الرئيس بناءً على التصويت الشعبي، والداعين إلى تكليف الكونغرس ذلك.
تبعاً للدستور الأميركي، لكل ولاية عدد من الناخبين يساوي عدد مقاعد تلك الولاية في الكونغرس، وهو يشمل عضوي مجلس الشيوخ عن كل ولاية، إضافة إلى عدد الأعضاء الذين يمثلون كل ولاية في مجلس النواب، باستثناء ولايتي ماين ونبراسكا اللتين تمنحان جل أصوات المجمع الانتخابي الخاصة بهما للفائز بالتصويت الشعبي في إحدى تلك الولايتين.
لماذا كل هذا الجدل بخصوص المجمع الانتخابي؟
لقد كان المجمع الانتخابي محطّ انتقاد لأكثر من قرنين من الزمن، ومن التساؤلات الأكثر تكراراً في هذا الخصوص، كيف لأحد قد فاز بأغلبية أصوات الناخبين أن يخسر الانتخابات الرئاسية؟ قد تكرر هذا السيناريو مرتين خلال العقدين الماضيين، وبالتحديد في عام 2000، عندما فاز جورج بوش في أصوات المجمع الانتخابي وخسر التصويت الشعبي، وعام 2016، عندما خسر ترامب مقابل هيلاري كلينتون في التصويت الشعبي بما يقارب ثلاثة ملايين صوت.
أما بايدن، فقد فاز في التصويت الشعبي وحصد 306 أصوات من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 232 صوتاً كان قد حصدها ترامب الذي يُعَدّ خامس مرشح رئاسي في التاريخ الأميركي ممن خسروا جولة التصويت الشعبي، لكن فازوا بأصوات المجمع الانتخابي.
من هم الناخبون؟
عادة ما يكون ناخبو الرئيس من المسؤولين المنتخبين، السياسيين الصاعدين أو موالين قدماء للحزب.
ومن الناخبين هذا العام، محافظ داكوتا الجنوبية، كريستي نوم، وهو من ناخبي ترامب المتوقع ترشحهم للانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 عن الحزب الجمهوري، إلى جانب عضو الحزب الديموقراطي، ستايسي أبرامز، وهي مرشحة الحزب الديموقراطي السابقة لحكم ولاية جورجيا عام 2018، وأحد أهم أسباب فوز بايدن في جورجيا هذا العام.
ومن بين الناخبين الرئاسيين، يلمع اسم بول ماكولسكي البالغ من العمر 93 عاماً، وهو من ناخبي بايدن وعضو مجلس شيوخ سابق عن الحزب الجمهوري، وممن عارضوا ترشيح الحزب الجمهوري ريتشارد نيكسون لرئاسة الولايات المتحدة عام 1972 على خلفية رفضه للحرب على فيتنام؛ وماكسيمو ألفاريز من ولاية فلوريدا، وهو مهاجر كوبي سبق أن ألقى خطاباً في مؤتمر الحزب الجمهوري يبدي فيه قلقه من تمكن الفوضى والشيوعية من الولايات المتحدة تحت رئاسة بايدن، ومحمد عبد الرحمن من ولاية مينيسوتا، الذي أدلى بصوته الانتخابي لمصلحة بيرني ساندرز بدلاً من هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016.
أين يعقد المجمع الانتخابي اجتماعاته وما هي مهامه؟
لا يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي في مكان واحد، إذ يجتمع ناخبو كل ولاية في مكان تحدده الهيئة التشريعية لتلك الولاية، وهو عادة ما يكون في عاصمة الولاية، وهو ما ينطبق أيضاً على ممثلي مقاطعة كولومبيا الأميركية.
تعتمد الانتخابات الأميركية تقنيات بسيطة، فالناخبون يدلون بأصواتهم عبر أوراق الاقتراع التي تشمل ورقتين: إحداهما لانتخاب الرئيس، والأخرى لانتخاب نائبه. عند انتهاء مرحلة الاقتراع، تجمع الأصوات ثم يوقع الناخبون الرئاسيون ستة مغلفات تحتوي على النتائج، ويرفق كل مغلف منها بوثيقة من المحافظ يوضح فيها إجمالي أصوات الولاية التي يديرها.
بعد ذلك، ترسل تلك المغلفات بالبريد إلى عدد من الجهات الموضحة في القانون الأميركي، بينما ترسل النسخة الأهم إلى رئيس مجلس الشيوخ، وهو نائب الرئيس الحالي للبلاد، للاحتفاظ بها كنسخة ستُعتمَد رسمياً في إحصاء الأصوات فيما بعد.
هل يتحتم على الناخبين التصويت للمرشح الفائز في ولايتهم؟
بموجب القانون المتبع في 32 ولاية، ومنها ولاية كولومبيا، على الناخبين التصويت للمرشح الحاصل على عدد الأصوات الأعلى في ولايتهم، وهو ما أيدته المحكمة العليا بالإجماع في يوليو/تموز الماضي. وعلى أي حال، عادة ما يدلي الناخبون بأصواتهم للمرشح الفائز في ولايتهم كنوع من الولاء للحزب السياسي الذي ينتمون إليه.
في عام 2016، خرج البعض عن تلك العادة، فقد حاول 10 ناخبين التصويت لمرشحيهم بدل الفائز في الولاية، وكان من بين هؤلاء أشخاص تعهدوا بدعم كلينتون، ثمّ تراجعوا عن ذلك في محاولة عقيمة لدفع الناخبين الجمهوريين للتخلي عن ترامب واختيار شخص آخر رئيساً.