قال "التحالف الأميركي لأجل سورية"، المعني بالدفاع عن القضية السورية في الولايات المتحدة، يوم الجمعة، إنه قدم مشروع قانون لمجلس الشيوخ الأميركي بشأن مناهضة التطبيع مع النظام السوري برئاسة بشار الأسد، معلناً عن استكمال الخطوة الرئيسية الثانية في مشروع إجازة "قانون مناهضة التّطبيع مع نظام الأسد لعام 2023"، وذلك بطرح نسخة موازية منه للمرّة الأولى في مجلس الشيوخ، بعد طرحه قبل شهرين فقط في مجلس النوّاب، وبدون أيّ تغيير للنص النّهائي، بحسب التحالف.
ويسعى التحالف، الذي يضم في صفوفه عدداً من المنظمات ذات الصبغة السورية – الأميركية، ينشط في صفوفها فاعلون من أصول سورية، إلى إيصال مشروع القانون إلى المصادقة عليه من قبل الرئيس الأميركي، جو بايدن، بعد استكمال جميع الخطوات التشريعية، بالاعتماد على دعم جماعات الضغط في واشنطن، وحشد واسع من المشرعين الأميركيين، الذين يرفضون "التقارب العربي والإقليمي" مع نظام بشار الأسد.
واعتبر محمد علاء غانم، وهو المسؤول عن التخطيط السياسي في "التحالف الأميركي لأجل سورية" و"المجلس السوري- الأميركي" (أحد مكونات التحالف) هذه الخطوة بـ"الضخمة"، وتابع في حديث مع "العربي الجديد": "الخطوات المتبقية الآن هي أن يجري التصويت على المشروع في الغرفتين، النواب والشيوخ، وفي حال مروره من الكونغرس سيذهب لمكتب الرئيس للمصادقة عليه".
وحول التوقيت المتوقع لتمرير مشروع القانون وصدوره ليكون نافذاً، أشار غانم إلى أن "قانون قيصر للعقوبات (دخل حيز التنفيذ في 17 يونيو/ حزيران 2020)، على سبيل المثال، استمر العمل عليه ثلاثة أعوام ونصف، أما فيما يخص مشروع هذا القانون بالتحديد فنحن نطوي التوقيت طياً بكل معنى الكلمة، فالعمل يجري بسرعة خارقة غير مألوفة هنا في الولايات المتحدة".
وينص قانون قيصر على حزمة من العقوبات الاقتصادية ضد النظام السوري وحلفائه والشركات والأفراد المرتبطين به، لشلّ مفاصل اقتصاد النظام السوري باستهداف البنية المالية له، والشبكات المرتبطة به.
وعلم "العربي الجديد" من مصادر في واشنطن أن النقاشات الحالية بين نواب الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بالإضافة لمقترحات جماعات الضغط السورية في العاصمة الأميركية، تسير باتجاه إقرار التعديلات المقترحة، بما في ذلك تمديد قانون قيصر للعقوبات حتى عام 2032، ووضع بعض البنود التي تتعلق بشمل "الأمانة السورية للتنمية" التي تديرها زوجة بشار الأسد، أسماء بالعقوبات.
وأكدت المصادر، التي فضلت عدم كشف هويتها، أن "هناك توافقاً من الحزبين على تمديد قانون قيصر للعقوبات، والتشديد في فرض عقوبات كبيرة على "الأمانة السورية للتنمية"، مضيفة أن "هناك نقاشات جارية حول بنود أخرى".
وطُرِح مشروع قانون مناهضة التّطبيع مع النظام في دمشق بدايةً في مجلس النوّاب الأميركي، في 11 مايو/ أيار الماضي، أي بعد أربعة أيام من قرار جامعة الدول العربية إعادة مقعد سورية في الجامعة إلى النظام، وأجازته لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس النوّاب بالإجماع بعد يومي عمل فقط من تاريخ طرحه، الأمر الذي اعتبر سابقة من حيث السرعة قياساً للعرف التشريعي في الولايات المتحدة، كما تعرض القانون لبعض التعديلات، لا سيما لجهة توسيعه وجعله أكثر شمولية.
وقال التحالف، في بيان، إن "النسخة التي قدمت إلى مجلس الشّيوخ قد طُرحت أيضاً بسرعة فائقة، لإرسال الرّسالة ذاتها مجدّداً بأنّ الكونغرس الأميركي جادّ في مناهضة التّطبيع والمطبّعين، وفي حظر الاعتراف بأيّة حكومة سورية يرأسها بشّار الأسد".
وأبدت الولايات المتحدة عدم رضاها عبر تصريحات عدة عن التقارب العربي الأخير مع نظام بشار الأسد، لا سيما قرار إعادته للجامعة العربية، لكنها في المقابل لم تلجأ لخطوات ملموسة تجاه الدول التي اختارت التطبيع معه بشكل مباشر، مكتفية بمطالبتها بالضغط عليه لتطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالتسوية السياسية.
وفي حين يعمد، نواب من الحزبين (الجمهوري والديمقراطي)، منذ وصول الرئيس الحالي جو بايدن، للضغط على إدارته لتحريك الأدوات التي بيد واشنطن، من قوانين لحصار الأسد ومحاولة منع التطبيع الإقليمي معه، لا سيما بعد أن أبدت الإدارة في عهد بايدن عدم اكتراث كبير بالملف السوري، والتعامل معه على أنه ملف ثانوي في سلم أولويات الإدارة في الشرق الأوسط، فإن أولئك النواب الذين يتخذون موقفاً حازماً من الأسد اختاروا الذهاب للتشريع كخطوة تلزم الإدارة قانونياً بممارسة الضغوط، وتحرك أدواتها باقتراح قانون يمنع التطبيع مع النظام.
وكان "التحالف الأميركي لأجل سورية" قد أعلن، في مايو/ أيار، عن أبرز البنود التي تتضمنها مسودة مشروع القانون، التي تشير إلى أن "سياسة الولايات المتّحدة لا تعترفَ أو تُطبّعَ علاقاتها مع أية حكومة لسورية يرأسها بشار الأسد، وأنّ من سياسة الولايات المتّحدة أن تُعارضَ حكومتُها اعترافَ وتطبيعَ علاقات الدّول الأخرى أيضاً مع أيةِ حكومة سورية يرأسها بشار الأسد، معارضةً فاعلة ونشطة، بما في ذلك عن طريق تطبيق العقوبات الإلزامية الأوّليّة والثّانويّة المنصوص عليها في قانون قيصر بحقّ المخالفين".
ونص كذلك على أن "تستخدمَ واشنطن الصّلاحيات كافة، بموجب قانون قيصر وغيره من القوانين الأميركية، لردع نشاطات إعادة الإعمار في المناطق التي تخضع لسيطرة بشار الأسد".
ويدعو كذلك وزارة الخارجية الأميركية، بالتّشاور مع وزارة الخزانة، وإدارة هيئة مكافحة المخدّرات الأميركية، ورؤساء الوزارات والوكالات الأميركية، خلال فترة لا تتجاوز 180 يوماً من تاريخ إقرار هذا القانون، وسنوياً بعدها لمدّة خمس سنين، أن تقدّم تقريراً واستراتيجية مشتركة إلى اللجان المختصة في الكونغرس، تصفُ فيهما الأفعال التي اتّخذتها الدول الأخرى، أو التي تُعِدُّ لاتّخاذها، للتطبيع، أو الاتّصال، أو رفع العلاقات الدبلوماسية، أو السّياسيّة، أو الاقتصادية مع النّظام، وعلى التقرير أن يتضمن لائحةً بالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام وروسيا وإيران، بحق السوريين.
وعلى التقرير، أيضاً، أن يتضمّن أيضاً "لائحة كاملة بجميع الاجتماعات الدبلوماسية على مستوى سفير فما فوق بين النظام وأيّ ممثّل عن حكومات المنطقة، بالإضافة لضبط ومراقبة وصول المساعدات الأممية والدولية إلى مناطق سيطرة النظام لضمان عدم سرقتها أو التلاعب بها".