- يعزز القانون الجديد العقوبات ضد المتورطين في إنتاج وتجارة الكبتاغون، مكملًا جهود قانون الكبتاغون 1 ويهدف لتعطيل تمويل نظام الأسد عبر تجارة المخدرات.
- على الرغم من الجدل حول فاعلية العقوبات في إضعاف نظام الأسد، يعتبر البعض قانون الكبتاغون 2 خطوة مهمة لتوسيع صلاحيات الولايات المتحدة في مكافحة تجارة المخدرات.
بات في الولايات المتحدة قانونان لمكافحة مخدرات النظام السوري، لاسيما عقار الكبتاغون الذي غزا دول المنطقة ووصل إلى أوروبا، فيما باتت أصوات أميركية ترتفع خشية وصوله إلى شواطئ الولايات المتحدة. ويوم الأربعاء الماضي، وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن مشروع قانون "قمع الاتجار غير المشروع" المعروف باسم قانون الكبتاغون 2، والذي يهدف إلى مكافحة تجارة نظام بشار الأسد بالمخدرات. وجاءت مصادقة بايدن بعد موافقة مجلس الشيوخ على مشروع القانون بنسبة تأييد بلغت 79 صوتاً مقابل 18 صوتاً، والذي تم تمريره كذلك في مجلس النواب بأغلبية 410 أصوات مقابل 13 صوتاً.
تعطيل وتفكيك إنتاج الكبتاغون
وقال النائب في الكونغرس الأميركي عن الحزب الجمهوري فرينش هيل، راعي مشروع القانون في مجلس النواب، عبر منصة إكس، إنه "من المهم اتخاذ المزيد من الإجراءات لتعطيل وتفكيك إنتاج الكبتاغون والاتجار به، لأنه يوفر مليارات الدولارات من التمويل غير المشروع لنظام الأسد، ويدمر العائلات في المنطقة"، مضيفاً أنه "مع التوقيع على مشروع القانون، سيُستهدف المتورطون بشكل مباشر في انتشار هذا الداء الخطير وسيعاقبون".
يتيح التشريع إصدار عقوبات جديدة ومباشرة ضد المتورطين في إنتاج الكبتاغون والمتاجرة به
وجرى تمرير القانون بسرعة قياسية قبل وصوله إلى التوقيع من جانب بايدن، إذ مرره مجلس النواب ضمن حزمة مستعجلة في 20 إبريل/نيسان الحالي، واجتاز مجلس الشيوخ بأغلبية كبيرة. ويتيح هذا التشريع إصدار عقوبات جديدة ومباشرة ضد المتورطين في إنتاج الكبتاغون والمتاجرة به، بحسب بيان صدر عن الموقع الرسمي للنائب فرينش هيل في 16 الشهر الحالي.
ويعد القانون الجديد، النسخة الثانية من قانون "الكبتاغون 1" الذي كان بايدن صادق عليه، نهاية العام 2022، وذلك بعدما مرره الكونغرس بغرفتيه، النواب والشيوخ. وبعدما أصبح القانون سارياً، فرضت الولايات المتحدة بموجبه عقوبات على كيانات وأشخاص من النظام أو مرتبطين به، على خلفية تورطهم بتجارة المخدرات. ووجدت منظمات سورية ـ أميركية، وجماعات الضغط السورية في أميركا، أن مفاعيل القانون غير كافية للحد من محاصرة تجارة الأسد للمخدرات، فعملت على طرح "الكبتاغون 2"، منذ خريف العام الماضي.
جدل حول فاعلية القوانين
لكن قانون الكبتاغون بنسختيه الأولى والثانية، وقبلهما "قانون قيصر" للعقوبات، بالإضافة إلى مشروع قانون يجري العمل عليه تحت عنوان "مكافحة التطبيع مع الأسد"، ولوائح عقوبات أخرى صدرت بشكل منفصل، باتت محط جدل حول فاعليتها في إضعاف النظام أو حتى إرغامه على الرضوخ للحل السياسي، بحسب الأهداف التي تبغيها واشنطن وحلفاؤها الغربيون من اللجوء إلى هذه القوانين. ولا يزال النظام واقفاً بدون بوادر للسقوط، فيما نشط في إعادة تطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية، على الرغم من وجود قوانين وعقوبات، من المفترض أنها اتُخذت لمحاصرته.
وكان التحالف الأميركي لأجل سورية والمجلس السوري الأميركي، قد أشارا إلى أنّ "القانون الجديد يهدف لمنح الحكومة الأميركية صلاحيات جديدة وموسّعة لمحاسبة نظام بشار الأسد وحزب الله اللبناني وشبكاتهما وجميع من ينشط أو ينخرط في الاتجار بمخدرات الكبتاغون أو تصنيعها أو تهريبها أو الاستفادة من الريع النّاجم عنها من أيّ جنسيّة كان، وذلك من جملة بنود أخرى من شأنها تمتين وترسيخ سياسة الولايات المتحدة بمكافحة اتجار نظام الأسد وحلفائه بهذه الآفة الخطيرة، والتي أقرّت بعد دفعٍ من منظّمات الجالية السورية الأميركيّة".
وعند طرح القانون، لفت المجلس السوري الأميركي إلى أنه في حال إقراره، سيكون على الإدارة الأميركية ممثلة ببايدن وخلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر، أن تنظر وتبت في فرض عقوبات بموجب نصّ القانون على الشخصيات التالية: ماهر الأسد (قائد الفرقة الرابعة في جيش النظام وشقيق رئيس النظام)، وعماد أبو زريق، وعامر تيسير خيتي، وطاهر الكيالي، وراجي فلحوط، ومحمد آصف عيسى شاليش، وعبد اللطيف حميدة، ومصطفى المسالمة، وجميعهم من المتورطين بتصنيع المخدرات وتهريبها إلى خارج البلاد، وهو ما سيوجب على الإدارة تقديم تقرير للكونغرس بشأن عزمها على فرض عقوبات عليهم في مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ تقديم التقرير للكونغرس.
شكك محمد العبد الله في أن يكون للقانون الجديد تأثير أكبر مما سبقه
ويتضمن نص القانون أن الكونغرس يلاحظ أن "التصنيع الضخم للكبتاغون وإنتاج مواده الأوًليّة في المناطق الخاضعة لسلطة نظام بشار الأسد قد تطوّرا إلى درجة تهدّد الأمنين الإقليمي والدولي"، وأنّ "أطرافاً في الحكومة السورية (النظام) هم مهندسون رئيسيون للاتجار الحرام بمخدرات الكبتاغون، مع ضلوع مسؤولين سوريين رفيعي المستوى في تصنيعه وتهريبه، مستعينين بجماعات مسلحة مثل حزب الله للدعم الفني واللوجستي". كما يتضمن أن "دأب أطراف مرتبطة بالحكومة السورية على تهريب الكبتاغون يقوّي طيفاً واسعاً من الشبكات الإجرامية، والجماعات المسلحة، وعصابات المافيا، والحكومات الاستبداديّة عبر هذه التجارة". كما ينصّ على أن "سياسة الولايات المتحدة هي أن تستهدف الأفراد والكيانات وشبكات الاتجار المرتبطة بنظام الأسد وحزب الله لإضعافها وتفكيكها".
صلاحية إصدار عقوبات جديدة
وحول الفرق بين "الكبتاغون 1" و"الكبتاغون 2"، أشار مدير "المركز السوري للعدالة والمساءلة" محمد العبد الله، ومقره في واشنطن، إلى أن "القانون الأول، لم يتحدث سوى عن إنشاء استراتيجية مشتركة بين الأجهزة الأميركية حول تفكيك شبكات الكبتاغون واستخدام كافة الصلاحيات الممنوحة للإدارة الأميركية لإيقافها، أما القانون الثاني، فيتحدث ويشير للعقوبات بشكل صريح، ويعطي للرئيس الأميركي صلاحية إصدار عقوبات جديدة".
لكن العبد الله شكك، في حديث لـ"العربي الجديد"، في أن يكون للقانون الجديد تأثير أكبر مما سبقه، لا سيما أن عقوبات "قانون قيصر" أو اللوائح والعقوبات الأخرى موجودة وفاعلة أساساً. وعلل ذلك بأن "الكبتاغون 2، يذكر ثمانية أسماء من بينهم ماهر الأسد شقيق بشار، والنائب في مجلس الشعب (البرلمان) السوري عامر خيتي، على أن ينظر الرئيس الأميركي فيما إذا كانوا يستحقون العقوبات أو لا، لكن معظم هؤلاء الأشخاص معاقبون أساساً، سواء بموجب قيصر أو غيره". وأوضح أن "هذه الصلاحيات، كما وردت في القانون، ستكون في حال كانت شبكات الكبتاغون أو الأشخاص العاملون في هذه التجارة مرت نشاطاتهم في الولايات المتحدة أو كان لديهم أصول أو أملاك، وبالتالي فأثر مثل هذا الإجراء شبه محدود، لأن معظمهم ليس لديهم أملاك في الولايات المتحدة".
ونوه العبد الله إلى أن القانون الجديد فيه من الأهمية مسألة "ربط حزب الله بهذه التجارة والإشارة إليه صراحة"، رغم أنه أمر معروف للجميع. لكنه أعرب عن اعتقاده أن "القانونين لا يملكان الأدوات لوقف التصنيع والإتجار والتهريب، لا سيما إغراق السوق المحلية والتهريب لدول الجوار، وهذا ليس تقليلاً من القانونين، وإنما الواقع". وأشار العبد الله إلى أن الولايات المتحدة "لم يعد لديها فكرة إنهاء النظام أو التدخل بشكل مباشر لتحقيق هذا الهدف، واليوم هي تختبئ وراء أصبعها في إصدار مثل هذه القوانين، التي تريد القول من خلالها إنها ليس راضية عن بقائه فقط".
قانون الكبتاغون 2 أشد من الأول
من جهته رأى الباحث والمحلل السياسي رضوان زيادة، المقيم في واشنطن، أن "قانون الكبتاغون 2 أشد من الأول فيما يتعلق بالعقوبات، خصوصاً على مستوى الأفراد والمنظمات التي تتعامل مع الأسد وتستفيد من هذه التجارة". وأضاف زيادة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه قوانين مهمة لمعاقبة نظام الأسد، لكن الأسد دوماً يتجنب هذه العقوبات بطرق مختلفة وملتوية، فتأثيرها في إسقاط الأسد والنظام ربما يكون مشكوكاً به، لكن لها دورا مهما في إضعافه وعزله".