قائد القوات البرية العراقية لـ"العربي الجديد": نحتاج الأميركيين بثلاث حالات

31 ديسمبر 2021
المحمدي: المجموعات الإرهابية لا تمثل تحدياً أمنياً للبلد (Getty)
+ الخط -

مع إعلان السلطات العراقية اكتمال خروج آخر التشكيلات القتالية التابعة للتحالف الدولي من العراق، وفقاً للاتفاق الموقع بين بغداد وواشنطن، نهاية يوليو/تموز الماضي، يتحدث قائد القوات البرية في العراق، الفريق الركن قاسم محمد المحمدي، في مقابلة مع "العربي الجديد"، عن تصورات المرحلة الأمنية المقبلة في العراق، وطبيعة مهام التحالف الدولي الجديدة، والاعتداءات الإرهابية المتكررة لتنظيم "داعش" في العراق وسبل مواجهتها.

والمحمدي سبق أن قاد العديد من محاور القتال ضد تنظيم "داعش"، خلال مرحلة استعادة المدن من سيطرته شمال وغرب البلاد، قبل أن يتولى قيادة القوات البرية منتصف العام الماضي، وهي أهم وأكبر التشكيلات العسكرية في العراق.

عناصر "داعش" يتحركون بشكل متفرق

 

* بداية ماذا عن الاعتداءات الإرهابية الأخيرة لتنظيم "داعش"، وأين تتركز حالياً؟

العناصر الإرهابية فقدوا إرادتهم على القتال كمجموعات كبيرة. الآن يتحرك عناصر "داعش" بشكل متفرق، عبر مجموعات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. وتحركاتهم تكون في مناطق صحراوية شاسعة، بعيداً عن أنظار الأهالي وكذلك القوات الأمنية. وبالتالي هم انقسموا إلى عدة أقسام، منهم من يتحرك بصفات مختلفة، مثل رعاة أغنام ويأخذون الطعام والوقود من أماكن قريبة من هذه المناطق، وآخرون يتواجدون في سلسلة جبال حمرين في ديالى.

أبرز التهديدات الإرهابية لأمن البلد تأتي من الحدود العراقية السورية

أما عمل هذه المجموعات فيكاد يكون معدوماً في أوقات النهار بشكل تام. فقط ليلاً يتحركون ويهاجمون، حيث إن نسبة 98 في المائة من هجماتهم تتمثل بإطلاق النار المباشر، ومنها عن طريق القنص، من خلال مصادرهم في المناطق التي تخبرهم عن النقاط العسكرية، وبالتالي يستهدفون القوات عن طريق القنص من خلال التسلل القريب من مكان النقاط.

ولكن نؤكد أن هذه التحركات هي لمجموعات صغيرة لا تتعدى 4 أو 5 أشخاص فقط. وهذه المجموعات لا تمثل تحدياً أمنياً للبلد، بل تشكل مصدر إزعاج ليس أكثر. وبالتالي عملية مراقبة هذه المجموعات، وكيفية مجابهتها تكون عبر طائرات استطلاعية، وهي الوسيلة الرئيسية لكشف تحركاتهم. وهذه الطائرات تتحرك إما عن طريق معلومات استخبارية دقيقة بمكان تواجد عناصر العدو، أو من خلال الاشتباك مع العدو. وبالتالي الجهد الجوي الاستطلاعي متواصل للقضاء على العدو.

* وأين تتركز هذه المجموعات؟

محافظة ديالى من أكثر المناطق التي يشكل "داعش" إزعاجاً كبيراً فيها، والحوادث الأخيرة كانت شاهداً على تحركاته. وبعد محافظة ديالى يأتي إقليم كردستان، حيث يشكل العدو خطراً على تخوم مدن أربيل والقرى التابعة لها، إضافة إلى مدن صلاح الدين وجنوب كركوك، وصولاً إلى الأقل خطراً، وهي قاطع محافظة الأنبار وغرب نينوى وغرب سامراء.

* هل يعني هذا أن هناك تهديدات حقيقية على أمن العراق؟

على ضوء المؤشرات المرصودة، فإننا في العراق لدينا أكثر من تهديد إرهابي لأمننا. لكن أبرزها هي الحدود العراقية السورية، لأن الآلاف من العناصر الإرهابية هربوا بعد عمليات التحرير في العراق إلى شمال شرق سورية، عن طريق نينوى أو القائم، وقسم من عوائلهم موجودون بمخيم الهول، خصوصاً أن عشرات الآلاف متواجدون في سجون "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، وربما في أي لحظة تفتح السجون وقد يتجهون إلى العراق.

تأثير انسحاب قوات التحالف القتالية على العراق

 

* انتهى فعلياً انسحاب القوات القتالية التابعة للتحالف الدولي من العراق. ما مدى تأثيرها على عملياتكم؟

أود هنا أن أجيب عن نقطة في غاية الأهمية. لا يوجد عمل قتالي على الأرض لقوات التحالف الدولي نهائياً، والقوات المقاتلة على الأرض عراقية فقط، ولا يوجد أحد غيرها. أما بالنسبة للدور الأميركي فهو محدد بطائرات الاستطلاع الجوية بالدرجة الأولى، وفي بعض الأحيان ضربات جوية حسب طلب القيادات العسكرية، حيث إن أغلب الضربات الجوية تتم حالياً بطائرات "أف 16" العراقية. علماً أن هناك استطلاعاً أميركياً دقيقاً، والإحداثيات مهمة، لكن التنفيذ عراقي بامتياز مائة في المائة.

الدور الأميركي محدد بطائرات الاستطلاع بالدرجة الأولى

* هل هذا يعني أنكم ما زلتم بحاجة إلى قدرات التحالف الدولي؟

بكل تأكيد هناك احتياجات مهمة يوفرها التحالف الدولي، وهي المساعدة بعمليات الاستطلاع الجوي، كون الجانب الأميركي يرصد ويراقب ساحة التحركات السورية والعراقية في آن واحد. 

والأمر الآخر نحتاجهم في ملف التجهيز، خصوصاً أن تجهيزهم لقواتنا كان، طوال الفترة الماضية، مهماً واستثنائياً في ظل نفقات حكومية محدودة جداً، وبالتالي نحتاجهم في التجهيز اللوجستي. علماً أننا حققنا تقدماً في بناء القدرات العسكرية، إضافة إلى حاجتنا لهم في الضربات الجوية. وهذه الحاجة بكل تأكيد تكون بدراسة وطلب حصري من القيادات العسكرية العراقية.

مراكز تنسيق مشتركة بين القوات الاتحادية والبيشمركة

 

* ماذا عن التنسيق مع البيشمركة في إقليم كردستان؟

هناك ثقة متبادلة بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة، وتجري عملية كبيرة مشتركة، إضافة إلى وجود تبادل للمعلومات الأمنية والاستخبارية الدقيقة بين الطرفين. وتشكلت مراكز تنسيق مشتركة بيننا، والاجتماعات مستمرة بين الطرفين، وصدرت الأوامر بتشكيل لواءين ينتشران في المناطق بين الإقليم والقوات الاتحادية لسد الفراغات الحاصلة بين الطرفين. ونتوقع أن تباشر هذه الألوية بالانتشار الأمني فعلياً في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة تحت قيادة العمليات المشتركة ووزارة الدفاع.

* هذا يقودنا للحديث عن سنجار، وحقيقة أنها خرجت عن سيطرتكم؟

الأخبار التي تتحدث عن عدم وجود سيطرة للقوات العراقية في سنجار هي بالتأكيد أخبار كاذبة لا صحة لها. لدينا سيطرة تامة، ولدينا الواقع والأدلة التي تثبت أن المدينة محكمة ومطوقة ومسيطر عليها رسمياً والعلم العراقي مرفوع. وقمنا أخيراً بتعيين قائد جديد للفرقة العسكرية الموجودة هناك، وحالياً العميد الركن أثير (المياحي) هو المسؤول عنها.

الأخبار التي تتحدث عن عدم وجود سيطرة للقوات العراقية في سنجار كاذبة

نأمل أن تكون هناك إدارة محلية تتواجد في قضاء سنجار بشكل متواصل حتى تحل مشاكل المواطنين. وهذا الأمر من واجب محافظة نينوى لحسم هذه القضية المُعقدة. ويجب حسم ملف تعويض أهالي سنجار، وكذلك ضرورة حسم ملف تعيين أكثر من 2500 شخص من الأهالي في السلك الأمني لغرض حماية مدينتهم.

* أين وصل ملف تسليح القوات البرية العراقية؟

الموجود لدينا ليس بمستوى الطموح، والعراق بلد غني بثرواته وخيراته، ونطمح لبناء قوات عسكرية قوية، هدفها حماية البلد من أي خطر خارجي أو داخلي، وحماية الشعب وفرض هيبة الدولة. 

ولكن واقع الحال أننا نتمنى زيادة التخصيصات المالية لبناء القدرات العراقية، أسوة بدول الجوار، حيث نحتاج إلى تخصيصات أكبر ونحتاج لتنويع مصادر السلاح. حالياً لدينا أفضل الدبابات الأميركية والروسية، ومتعاقدون على مدافع فرنسية متطورة. ويبقى أن هناك ضرورة لإحياء التصنيع الحربي الذي يمثل هيبة الدولة في تسليح جيشها وقواتها العسكرية.

* ماذا عن التنسيق مع فصائل "الحشد الشعبي"؟

قوات "الحشد الشعبي" تتواجد بشكل كبير في محافظتي صلاح الدين ونينوى، وفي أجزاء كبيرة في ديالى وعلى الحدود. وفي ذات الوقت لدينا تنسيق مهم مع قياداتهم في ما يتعلق بالتحركات الأمنية والعمليات ضد العدو.

المساهمون