جدد مظلوم عبدي قائد قوات "سورية الديمقراطية" الحاكمة لمعظم الشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يُعرف بـ "شرقي الفرات"، رفضه عودة الأوضاع في البلاد إلى ما كانت عليه قبيل انطلاق الثورة عام 2011، في مؤشر على انسداد الآفاق أمام أي تفاهم في مستقبل قريب مع النظام.
وفي تصريحات له الخميس، لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، طالب عبدي النظام بالاعتراف بـ"الإدارة الذاتية" ذات الطابع الكردي التي تدير "شرقي الفرات" وشرعنة وجودها دستوريا، مضيفا: "نحن لا نقبل العودة إلى السابق".
غير أن عبدي أكد أن "علاقاتنا مع النظام متواصلة ولم تنقطع"، مضيفا: "نحن نريد أن نصل إلى حل للخلافات بيننا، والذي استنبطناه هو أن نظام الأسد غير جاهز حاليا للتوصل لحلول".
وتابع بالقول: "تعنت النظام في الحوار والتوصل لحلول ينبع من أيديولوجية وسياسة حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سورية، الذي يرفض تقبل الآخرين".
وقال قائد "قسد"، إنّ علاقة قواته مع المعارضة "ليست جيدة"، في إشارة منه إلى الائتلاف الوطني السوري، غير أنه أشار إلى أنه "لدينا علاقات مع بعض أطراف المعارضة في الخارج كمنصتي موسكو والقاهرة"، مؤكدا أنه "ليس لدينا علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين".
وطالب عبدي ببقاء القوات الأميركية في شمال شرق سورية حتى التوصل لحل سياسي، معربا عن اعتقاده بأن "النظام السوري مُجبر على تغيير مواقفه"، مضيفا: "الوضع الداخلي والاقتصادي والدولي لا يسمح له بالعودة إلى عام 2011".
طالب عبدي ببقاء القوات الأميركية في شمال شرق سورية حتى التوصل لحل سياسي
ويقود مظلوم عبدي (55 عاما) قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي كانت تأسست في نهاية عام 2015 لمحاربة تنظيم "داعش" بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. واستطاعت في معارك جرت بين عام 2016 وبداية عام 2019 طرد التنظيم من منطقة شرق نهر الفرات التي تشكل نحو ربع مساحة سورية وتعد الأغنى بالثروات.
وتشكل الوحدات الكردية (الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي) النواة الصلبة لهذه القوات التي تضم العديد من الفصائل الأخرى، وتحكم منطقة غالبية سكانها من العرب.
ويُنظر إلى هذه القوات على أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني، وهو ما أدى إلى استبعادها من العملية السياسية في سورية، حيث تصر المعارضة السورية على فك الارتباط بين هذه القوات و"العمال" قبل الجلوس إلى طاولة مباحثات.
من جانبها، تعتبر تركيا قوات "قسد" خطرا على أمنها القومي، وهو ما دفع الجيش التركي للقيام بعمليتين ضدها الأولى في غربي الفرات عام 2018 شملت منطقة عفرين والثانية شرقي الفرات في عام 2019.
وجرت خلال الأعوام الفائتة جولات حوار بين مجلس سورية الديمقراطي (الذراع السياسي لقسد) وبين الإدارة الذاتية من جهة، وبين النظام من جهة أخرى لحسم مصير شرق الفرات إلا أنها فشلت بسبب رفض النظام الاعتراف بـ "قسد" جزءا من قواته، والاعتراف بـ "الإدارة الذاتية"، كطرف في المعادلتين السياسية والإدارية في المنطقة.
ولم يقدم النظام سوى بعض الحقوق الثقافية للكرد السوريين مقابل استعادة السيطرة على المنطقة التي كان خروجها عن سلطة هذا النظام سببا محوريا في تدهور اقتصاده كونها تضم جل الثروات المائية والنفطية والزراعية في سورية.
التفاوض لحل الإشكاليات
وأشار الباحث السياسي المختص بالشأن الكردي في مركز "جسور" للدراسات أنس الشواخ في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "الحوار بين قوات قسد والنظام مستمر"، مضيفاً: "ولكنه يتعثر حتى الآن".
وتابع بالقول: "النظام يصر على مبدأ الإدارة المحلية بدون أي شكل من أشكال الإدارة الذاتية أو الفدرالية أو اللامركزية التي تطالب بها قوات قسد".
واعتبر الشواخ تصريحات مظلوم عبدي "مجرد رسالة تأكيد على مطالبهم المطروحة حالياً على طاولة مفاوضاتهم مع النظام"، وفق الشواخ.