فحص ملفات المرشحين للرئاسة... تحدٍ جديد في وجه الانتخابات الليبية

20 نوفمبر 2021
لم يتبق سوى يومين لقبول طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية (Getty)
+ الخط -

دخلت العملية الانتخابية في ليبيا تحديا جديدا يتمثل في قدرة المفوضية العليا للانتخابات والجهات المساعدة لها على المرور بالانتخابات إلى مرحلة ما بعد البت في ملفات المرشحين، خصوصاً مع انضمام أغلب الشخصيات المؤثرة في مشهد الصراع السياسي إلى حلبة السباق الانتخابي على رئاسة البلاد.

ولم يتبق سوى يومين لقبول طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية، في الوقت الذي بدأت فيه المفوضية العليا للانتخابات في إحالة ملفات المرشحين إلى مكتب النائب العام وجهاز المباحث الجنائية وجهاز الجوازات والجنسية، لفحصها والتوثق من صحة أوراق المرشحين.

وكانت مصادر ليبية على صلة بالإدارة العامة للمرشحين بالمفوضية كشفت، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، عن بدء المفوضية إحالة عدد من ملفات المرشحين للانتخابات الرئاسية إلى مكتب النائب العام وجهازي المباحث الجنائية والجوازات والجنسية، وهو ما أكده إعلان لاحق مساء الخميس للمفوضية، بشأن إحالتها ملفات عشرة مرشحين إلى ذات الجهات.

وينتظر أن ينضم للسباق الانتخابي رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، فقد كشفت ذات المصادر أنه من المنتظر أن يتقدم الدبيبة بأوراقه للترشح، غدا الأحد، مشيرة إلى أنه في انتظار تعديل وشيك على قانون الانتخابات الرئاسية.

ووفقاً لمعلومات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الدبيبة "ينتظر نجاحاً وشيكاً لاتصالات تجريها أطراف إقليمية ودولية وسيطة، عبر سفرائها في ليبيا، لإقناع الأطراف الليبية بشأن ضرورة تمرير تعديلات على قانون الانتخابات الرئاسية، تسمح للدبيبة وشخصيات أخرى بالترشح، واتصالات أخرى يجريها المجلس الرئاسي الليبي مع عدد من المناطق الرافضة لسير العملية الانتخابية، والتي تطالب بإجراء الانتخابات وفقاً لـ"قاعدة دستورية متفق عليها"، وترفض ترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر.

وفي مؤشر على نجاح هذه المساعي، تناقلت وسائل إعلام ليبية، أمس، صوراً للدبيبة داخل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، للحصول على إقرار ذمته المالية، حيث تُعد شهادة الإقرار بالذمة المالية أحد المسوغات الهامة في ملف المرشحين.

ويتعلق الأمر بالمادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، التي تنص على ضرورة تخلّي شاغلي الوظائف العامة عن وظائفهم قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات يوم 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ويسمح هذا التعديل بانخراط شخصيات أخرى في السباق الانتخابي، مثل رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، لكن أوساطا مقربة من المجلس الأعلى للدولة تحدثت، خلال الساعات الماضية، عن إمكانية ترشح خالد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة، المقرب من المشري وشخصيات أخرى محسوبة على تيار الإسلام السياسي.

23 مرشحاً حتى الآن

وحتى مساء الجمعة، تقدمت خمس شخصيات جديدة للانتخابات الرئاسية، لا يعرف عنها نشاط سياسي سابق، بينهم وزير التعليم في حكومة الوفاق السابقة، عثمان عبد الجليل، ليرتفع عدد المرشحين إلى 23 مرشحاً.

لكن المفوضية لم تعلن حتى الآن إلا عن تسلّمها لأوراق كل من عبد الحكيم بعيو، وسيف الإسلام القذافي، وفتحي بن شتوان، وعبد الله ناكر، وأسعد محسن زهيو، وفيضان عيد حمزة، والسنوسي عبد السلام الزوي، وخليفة حفتر، وسفير ليبيا السابق لدى الإمارات العارف النايض، ومحمد المزوغي، وعبد الحكيم زامونة، ورئيس وزراء ليبيا الأسبق علي زيدان، ورئيس الأركان السابق في حكومة الوفاق الفريق محمد المهدي، وعضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أحمد معيتيق، ووزير التعليم في النظام السابق أحمد الشريف، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

وواجهت عملية الترشح للانتخابات الرئاسية موجة جدل ومعارضة حادة، وتحديدا حول ترشح نجل القذافي، وخلفية حفتر، قبل أن تحسم المفوضية العليا للانتخابات الأمر بإعلانها، الثلاثاء الماضي، عن أن تسلمها لأوراق المرشحين لا يعني بالضرورة قبولها، بل سيتم النظر في صحتها من خلال إحالتها إلى مكتب النائب العام وجهازي المباحث الجنائية والجوازات والجنسية.

ترشح خليفة حفتر ونجل القذافي يمثل تحدياً كبيراً للمفوضية (Getty)
ترشح خليفة حفتر ونجل القذافي يمثل تحدياً كبيراً للمفوضية (Getty)

وفيما لم تعلن المفوضية عما إذا كان ملفي سيف الإسلام القذافي وحفتر ضمن الملفات العشرة المحالة إلى الأماكن المذكورة أمس، إلا أن إحالتهما سيشكل تحدياً للأجهزة القضائية والأمنية، بالإضافة للمفوضية بشأن قدرتها على تسيير العملية الانتخابية.

وكان لافتاً أن إحالة المفوضية الملفات إلى مكتب النائب العام لم تكن تتعلق بالبت في الوضع القضائي لسيف الإسلام، خصوصاً ما يتعلق بصدور حكم ضده من المحكمة العليا في يوليو/تموز 2015، أما الإحالة إلى جهاز المباحث الجنائية فيتعلق بوضع حفتر، وتحديداً ما يتصل بالجرائم والانتهاكات التي تورط فيها أثناء حروبه التي اكتسحت أغلب أنحاء البلاد، بالإضافة للبت في جنسيته المزدوجة من قبل جهاز الجوازات والجنسية.

ومن جانب آخر، فالنتائج التي ستصدر عن الجهات الثلاث ستشكل تحدياً آخر للمفوضية، بل للعملية الانتخابية برمتها، سواء إذا ما جاءت النتائج لصالح سلامة ملفاتهما الانتخابية أو العكس، فلكل منهما أنصاره وأعداؤه.

ويطاول الأمر شخصية الدبيبة، الذي يتمتع بشعبية واسعة منذ توليه رئاسة الحكومة، وزادت بشكل واسع إثر قرار مجلس النواب حجب الثقة عن حكومته وخروج عدد من المظاهرات الرافضة للقرار، فهو أيضاً من شخصيات النظام السابق، ولا تزال أمواله وممتلكاته رهن الحجر القضائي بموجب القانون رقم 27 لسنة 2012، والقاضي بحراسة أموال عدد من رموز النظام السابق، في مقدمتهم العقيد الراحل معمر القذافي وأبناؤه وزوجته، ضمن قائمة تضم 241 شخصية، من بينهم الدبيبة.

العملية الانتخابية رهن كل الاحتمالات

وحول قدرة مكتب النائب العام والجهازين الأمني والقضائي على البت في أوضاع حفتر وسيف الإسلام، يرى سليمان الرطيل، أستاذ القانون الدستوري بجامعة طرابلس، أنه "صعب جداً"، موضحاً أن حكم الإعدام الصادر بحق سيف الإسلام "ليس نهائيا، فقد تم الطعن فيه ولا يزال قيد الاستئناف، وما يزيد الأمر صعوبة دخول الجهات القضائية في دائرة التأثير السياسي مبكرا".

ويلفت الرطيل، في حديث لـ"العربي الجديد"، النظر إلى عديد المحطات التي جعلت المؤسسة العدلية والقضائية رهن الاتهام بالانحياز، منها حكمها بعدم دستورية جلسات مجلس النواب في طبرق واعتباره منحلا عام 2014، وبعدها تعليق قضايا تم الاستئناف فيها كقضية سيف الإسلام من دون البت فيها بشكل نهائي بسبب تشابكات الوضع السياسي داخلياً وخارجياً".

 وتابع في هذا السياق "وأخيرا تعديل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا من دون داع قانوني، وهي الجهة الوحيدة القادرة على البت في الوضع القانوني لصدور القوانين الانتخابية عن مجلس النواب".

ولا يبدو أن الصعوبة تواجه مكتب النائب العام فقط، فجهازا المباحث العامة والجوازات والجنسية، يقعان أيضا في دائرة الخلافات، خصوصا وأنهما يتبعان الحكومة التي تواجه أزمة انقسام لم تتوحد بسببها الأجهزة الأمنية بشكل فعلي، ما يجعل مسار العملية الانتخابية رهن كل الاحتمالات والتوقعات.