في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الموعد السنوي لمناقشة مسار ملف الصحراء داخل أروقة مجلس الأمن الدولي في شهر أكتوبر الجاري، أوصى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء " مينورسو" لمدة عام واحد حتى 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
جاء ذلك في تقرير للأمين العام للأمم المتحدة موجه إلى مجلس الأمن الدولي، نشر مساء أمس الجمعة، حيث سيعقد الأخير نهاية الشهر اجتماعا لدراسة تطورات ملف الصحراء، وإصدار قرار أممي بشأن التمديد للبعثة الأممية في الصحراء "المينورسو"، المرتقب أن تنتهي مهمتها في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وفي هذا السياق، جدد الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره، التأكيد على التزامه بتعيين مبعوث شخصي جديد للبناء على التقدم المحرز في مسلسل الطاولات المستديرة التي جمعت المغرب، والبوليساريو، والجزائر وموريتانيا، مشددا على ضرورة أن لا ينقطع سير هذه العملية السياسية.
واعتبر غوتيريس، في التقرير، أن المبعوث الشخصي السابق، هورست كوهلر، تمكن من إعادة دينامية وزخم ضروريين للعملية السياسية، ولا سيما من خلال مسلسل الطاولات المستديرة.
ومنذ استقالة كوهلر في مايو / أيار 2019 لـ"دواعٍ صحية"، لم يغير مجلس الأمن من قراءته للوضع والمخرج السياسي لملف الصحراء، وهو ما بدا جلياً من خلال سعيه، خلال الجلسة المغلقة التي عقدها في إبريل/نيسان الماضي، إلى السعي نحو إعادة الدينامية والزخم إلى العملية السياسية، عبر إحياء آلية "الطاولات المستديرة".
وكان كوهلر راهن على هذه الآلية لتحقيق اختراق في جدار نزاع عمر طويلاً، بسبب تباعد وجهات النظر بين أطرافه، خصوصاً بعد أن جدد المجلس التأكيد على المعايير التي حددها بوضوح في قراراته 2414 و2440 و2468 و2494 من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع حول قضية الصحراء.
إلى ذلك، برمجت الرئاسة الروسية لمجلس الأمن الدولي ثلاث جلسات خلال الشهر الجاري لمناقشة ملف الصحراء، ابتداء من 12 أكتوبر/ تشرين الأول، ثم جلسة ثانية في الـ14 من الشهر نفسه، على أن تكون ثالث الجلسات في الـ28 لإصدار قرار جديد لمجلس الأمن بشأن بعثة "المينورسو" التي تنتهي ولايتها في 31 أكتوبر/ تشرين الأول.
برمجت الرئاسة الروسية لمجلس الأمن الدولي ثلاث جلسات خلال الشهر الجاري لمناقشة ملف الصحراء
وكان مجلس الأمن الدولي، قد مدد السنة الماضية، مهمة البعثة الأممية لسنة كاملة، عبر القرار رقم 2494 والذي تقدمت به الولايات المتحدة، ونال 13 صوتا، فيما امتنعت روسيا وجنوب أفريقيا عن التصويت، وهو القرار الذي اعتبر نجاحا للدبلوماسية المغربية.
نذر أزمة جديدة
وتأتي توصية غوتيريس بتمديد مهمة "المينورسو" لسنة إضافية، في وقت تلوح فيه نُذر أزمة جديدة في الأفق بين المغرب وجبهة البوليساريو، في ظل تخطيط قيادة الجبهة لإغلاق معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا في وجه الحركة التجارية والمدنية بشكل نهائي، وذلك في سياق خطوات تصعيدية برزت خلال الأيام الماضية، كان من أبرزها إعلان أميناتو حيدر، أحد أبرز وجوه ما يعرف بـ"انفصاليي الداخل"، عن تأسيس هيئة معارضة للمغرب في قلب مدينة العيون (كبرى حواضر الصحراء)، قبل أن يأمر القضاء المغربي بفتح تحقيق مع الواقفين وراء التأسيس.
ومنذ بداية سبتمبر/أيلول الحالي، كثفت البوليساريو تحركاتها من خلال توجيه زعيم الجبهة إبراهيم غالي رسالة تحذيرية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تطالبه بضرورة اتخاذ إجراءات، وصفها بـ"الملموسة والجادة من أجل التنفيذ الصارم لخطة السلام" لتمكين الصحراويين "من ممارسة تقرير المصير".
وبالتزامن مع التلويح بمرحلة تصعيدية جديدة، والتخلي عن المسار الأممي لحل القضية، كان لافتاً تعزيز الجبهة لتواجدها في منطقة ما وراء الجدار، وتخطيطها لبناء مزيد من المنشآت هناك.