- في اجتماع مجلس الأمن بمالطا، تم مناقشة مشروع قرار لدعم عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، مع توقع استخدام الولايات المتحدة لحق النقض ضده.
- تم التأكيد على أهمية دعم طلب فلسطين لعضوية كاملة في الأمم المتحدة كخطوة نحو حل الدولتين وإنهاء الاحتلال، مع دعوات دولية لوقف العنف وتحسين الأوضاع الإنسانية.
رأى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، اليوم الخميس، أن "إنهاء الأعمال العدائية في غزة، من شأنه أن ينزع فتيل التوترات في جميع أنحاء المنطقة بشكل كبير"، مكرراً دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة. وأشار إلى قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية على أيدي القوات الإسرائيلية والمستوطنين، قائلًا إنّ الفلسطينيين يقتلون "على يد المستوطنين وأحياناً بحضور قوات الأمن الإسرائيلية التي تقف متفرجة".
وجاءت تصريحات غوتيريس خلال اجتماع عقدته مالطا، رئيسة مجلس الأمن الدولي للشهر الحالي، على مستوى وزراء الخارجية. بينما سيصوت مجلس الأمن مساء اليوم في جلسة منفصلة على مشروع قرار جزائري حول طلب فلسطين بالحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. ومن المتوقع أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد المشروع.
وأضاف غوتيريس: "خلقت سبعة أشهر من العمليات العسكرية الإسرائيلية مشهداً إنسانياً أشبه بالجحيم. وقد قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص. لقد عانى مليونا فلسطيني من الموت والدمار وحرمان المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة؛ إنهم الآن يحدقون في المجاعة. ومن شأن عملية إسرائيلية في رفح أن تؤدي إلى تفاقم هذه الكارثة الإنسانية".
وأشار إلى أن "أرقام الضحايا هائل وغير مسبوق من حيث الحجم والفترة الزمنية منذ أن توليت منصبي كأمين عام. ووفقاً لليونيسف، فقد قُتل أكثر من 13,900 طفل فلسطيني في هجمات مكثفة وعشوائية". وتحدث غوتيريس عن القيود "الصارمة التي فرضتها السلطات الإسرائيلية على إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، الذين يواجهون الجوع على نطاق واسع". وأشار إلى "رفض إسرائيل أكثر من 40 بالمائة من طلبات الأمم المتحدة لإدخال المساعدات الإنسانية منذ بداية الشهر الحالي"، مشدداً على أنه "لتجنب المجاعة الوشيكة، والمزيد من الوفيات التي يمكن الوقاية منها بسبب الأمراض، نحتاج إلى قفزة نوعية في المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة، بما فيها الغذاء والمياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الصحية".
وقال غوتيريس إن "الشرق الأوسط على حافة الهاوية. لقد شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً محفوفاً بالمخاطر، قولاً وفعلاً"، محذراً من أنّ "أي خطأ في الحسابات، أو سوء الفهم سيؤدي إلى ما لا يمكن تصوره، مثل صراع إقليمي واسع النطاق من شأنه أن يكون مدمراً لكل الأطراف المعنية، وبقية العالم". وأدان ما أسماه "التصعيد الخطير الذي يمثله الهجوم واسع النطاق الذي شنته إيران على إسرائيل في 13 إبريل/ نيسان الحالي"، مشيراً في الوقت ذاته إلى إدانته "للهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق"، دون أن يسمي إسرائيل بالاسم.
التصعيد في الضفة منذ بدء الحرب على غزة
وأكد غوتيريس ضرورة أن تضغط الدول من أجل خفض التصعيد في الضفة الغربية. وأشار إلى قتل إسرائيل "لأكثر من 450 فلسطينيًا، من بينهم 112 طفلًا، في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، معظمهم على يد القوات الإسرائيلية في أثناء عملياتها، وفي تبادلات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين المسلحين". وأشار إلى مقتل الفلسطينيين "على يد المستوطنين وأحياناً بحضور قوات الأمن الإسرائيلية التي ورد أنها وقفت متفرجة ولم تفعل شيئاً لمنع عمليات القتل هذه".
وشدد غوتيريس على ضرورة خفض التصعيد كذلك على الجبهات الأخرى. ثم ختم بالحديث عن حل الدولتين، قائلًا: "إسرائيل وفلسطين تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، مع القدس عاصمة لكلتا الدولتين، على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة. وهذا يعني نهاية للاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تمامًا وديمقراطية ومتواصلة وقابلة للحياة وذات سيادة، على أن تكون غزة جزءًا لا يتجزأ منها". وأكد مسؤولية "المجتمع الدولي والتزامه الأخلاقي بالمساعدة في تحقيق ذلك".
- مواقف دولية
وفي مداخلته خلال الجلسة، شدد ممثل الرئيس الفلسطيني الخاص، زياد أبو عمرو، على ضرورة أن تدعم الدول الأعضاء طلب فلسطين بالحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة التي سيُصوَّت عليها مساء اليوم بتوقيت نيويورك. وأضاف: "إن محنة الشعب الفلسطيني التي بدأت منذ أكثر من قرن لا تزال قائمة، وكان الشعب الفلسطيني ضحية أحداث وقرارات دولية لم تكن من صنع يديه. وضحية تاريخ ليس بتاريخه".
وتحدث أبو عمرو عن التنازلات التاريخية التي اضطرت قيادات فلسطينية إلى تقديمها، قائلًا: "منذ عام 1993 سلكت القيادة الفلسطينية طريق المفاوضات على أمل أن تفضي هذه المفاوضات إلى الحل المنشود، وأيد المجتمع الدولي مبدأ حل الدولتين، وتُوِّج هذا الموقف بقبول دولة فلسطين عضوًا مراقبًا عام 2012... ومنذ ذلك الحين تطالب دولة فلسطين العالم بقبولها عضوًا كامل العضوية في المنظمة الدولية لإيماننا الراسخ بأن قرارًا دوليًا من هذا الشأن يحمي حلّ الدولتين ويجسد حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة".
وأشار إلى عرقلة الولايات المتحدة لهذا المسعى. وقال في هذا السياق: "كيف يضر الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة كبقية دول العالم بفرص تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ وكيف يضر هذه الاعتراف وهذه العضوية بالأمن والسلام الدوليين؟ هذا السؤال موجه للولايات المتحدة ودول أخرى تعارض منح دولة فلسطين العضوية الكاملة بينما تعترف بإسرائيل وسبق أن منحتها العضوية الكاملة"، مؤكداً أنّ "القرار لن يكون بديلاً لمفاوضات مع الطرف الإسرائيلي، وسيمنحهم الأمل للعيش في إطار دولة ذات سيادة".
وتحدث أبو عمرو كذلك عن معاناة الغزيين، وشدد على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية ووقف قتل الفلسطينيين والمجازر المرتكبة ضدهم في القطاع، مؤكداً ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن والمجتمع الدولي مسؤوليته أمام الشعب الفلسطيني.
من جهته، تحدث مندوب دولة الاحتلال في مجلس الأمن عن ضرورة ألا يوافق المجلس على الطلب الفلسطيني والحصول على عضوية كاملة، كذلك هاجم مجلس الأمن والدول الأعضاء، قائلًا إنه في حال موافقة المجلس على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، فإن المفاوضات المستقبلية ستكون مستحيلة. ووصف مجلس الأمن بمجلس الإرهاب في حال اعترافه بعضوية فلسطين الكاملة.
واستهلّ وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، مداخلته بالحديث عن الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني. وتحدث عن محاولات الاحتلال الإسرائيلي بشغل المجموعة الدولية واختلاق صراعات إقليمية جديدة تتلاشى معها حقوق الفلسطينيين. وتساءل عطاف عن محاولة بعض الدول إقناع العالم بأن الوقت لم يحن بأن تصبح فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. وأضاف: "إن جسامة الخطورة التي تعيشها القضية الفلسطينية تضع مجلس الأمن أمام مسؤولية حاسمة... وهي مسؤولية التحرك العاجل لفرض حل الدولتين والحفاظ على مرتكزات قيام الدولية الفلسطينية".
وتحدث عطاف عن مواجهة حل الدولتين لما أسماه "الخطر المميت"، مضيفاً: "إنقاذه قبل فوات الأوان يكمن في منح دولة فلسطين العضوية الكاملة حفاظًا على السلم والاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط". وحذّر من أن أي مماطلة ستؤدي إلى عواقب وخيمة وبمثابة الضوء الأخضر للاحتلال الإسرائيلي باستمرار السلب والنهب والتوسع والتطرف.
وأكد أن "موضوع العضوية الكاملة ليس غاية بحدّ ذاته بقدر ما هو وسيلة لتحقيق ثلاثة مقاصد: تحصيل وتثبيت حل الدولتين أمام ما يتعرض له من أخطار تهدد باندثاره، والحفاظ على مرتكزات ومقومات الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وإحياء مسار السلام على أسس سليمة ومتينة تضمن تعبئة الجهود وحشدها للتكفل بمتطلبات القضية الفلسطينية بهدف استعادة السلم والأمن والاستقرار في ربوع الشرق الأوسط كافة".
إلى ذلك، وجّه مندوب روسيا للأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، انتقادات وتوبيخًا شديد اللهجة للمندوب الإسرائيلي الذي وصف مجلس الأمن الدولي بـ"مجلس الإرهاب"، في حال موافقته على منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وذكّر نيبينزيا السفير الإسرائيلي بأن مجلس الأمن هو الذي قبل عضوية إسرائيل للأمم المتحدة، مشدداً على ضرورة أن تؤيد جميع الدول الأعضاء مشروع قرار مجلس الأمن حول منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة. ووجه مندوب روسيا انتقادات شديدة اللهجة للجانب الأميركي بسبب دعمه المستمر للجانب الإسرائيلي وعرقلة التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.
أما مندوبة المملكة المتحدة، باربارا وودوارد، فتحدثت عن تأييد بلادها لـ"حل الدولتين". وحول الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية قالت: "لا يمكن أن يأتي في بداية العملية، ويجب ألا يكون في نهايتها، موقفنا هو الاعتراف بدولة فلسطينية في وقت مرافق لعملية السلام، وهذا السبيل يجب أن يبدأ بمعالجة الأزمة الراهنة في غزة".
من جهتها، دعت الصين الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى "اتخاذ موقف مسؤول ودعم الطلب الفلسطيني بالحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة".
أما نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة روبرت وود، فركز في مداخلته على إيران وتوجيه الاتهامات إليها، بما في ذلك دعمها حركة حماس وحزب الله والحوثيين. كذلك حمّل حركة حماس المسؤولية عن عدم تقدم المفاوضات. ودعا إسرائيل إلى التعاون مع الأمم المتحدة لتيسير جهود الأمم المتحدة وتقديم المساعدات الإنسانية وبذل المزيد من الجهود لتفادي سقوط المزيد من الضحايا من المدنيين. وعبّر عن قلق بلاده "إزاء التوترات والتصعيد في الضفة الغربية".
في غضون ذلك، دعا وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في مداخلته أمام مجلس الأمن الدولي الأعضاء إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، مشيرًا إلى ضرورة "عدم ترك مستقبل المنطقة والإسرائيليين والفلسطينيين وكل شعوب المنطقة رهينة لعنصريين متطرفين في الحكومة الإسرائيلية يدفعون المنطقة نحو الدمار".
وفيما وجه انتقادات إلى المجتمع الدولي والمعاير المزدوجة لعدد من الدول تجاه ما يحدث في غزة وعدم إدانة ووقف المجازر الإسرائيلية، أكد "عدم قدرة إسرائيل، على الرغم مما قامت به من تدمير لغزة، من كسر إرادة الشعب الفلسطيني واصراره على الاستمرار في النضال من أجل حريته".
وحذر الوزير الأردني من خطر التصعيد في المنطقة، قائلاً: "ظهرت بوادر هذا التصعيد منذ أيام عندما ردت إيران على قصف إسرائيل لقنصليتها في دمشق. وقالت إيران إنها لن تصعّد أكثر. يجب منع الحكومة الإسرائيلية من التصعيد أكثر ومن جرّ الغرب إلى حرب إقليمية تدفع الانتباه بعيداً عن الكارثة في غزة مع تزايد الضغط الدولي المطالب بإنهائها". وأضاف: "لن نسمح، لا لإسرائيل ولا إيران، بأن تجعل الأردن ساحة للصراع. وسنحمي أمننا وأمن مواطنينا، وسنتصدى لكل محاولة لخرق أجوائنا، تعريض أمن مواطنينا للخطر، من قبل إيران أو إسرائيل أو غيرها".
أما وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، وبعد الحديث عن الدمار الذي أحدثته إسرائيل في غزة وجرائمها، فقد دافع عن هجمات بلاده على إسرائيل وقال إنها جاءت رداً على استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية وخرقها لميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات ذات الصلة. ووجه انتقادات لمجلس الأمن الدولي وعدم اتخاذه أي خطوات لوقف الهجوم الإسرائيلي أو حتى إصدار أي بيان يدين التصعيد الإسرائيلي والهجوم على القنصلية الإيرانية بسبب معارضة أميركية وبريطانية وفرنسية، بحسب الوزير الإيراني. ورأى "أن الهجوم الإيراني كان محدوداً للغاية ومتناسباً واستهدف قواعد عسكرية ولم يستهدف مناطق مدنية"، متوعداً بأن إيران سترد على أي استهداف إسرائيلي لبلاده.