شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ردا على "العربي الجديد" خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الأربعاء، على ضرورة وقف جميع العمليات العدائية في ليبيا، والتوصل إلى اتفاق بين مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة، من أجل السماح بعقد انتخابات، و"اختيار حكومة شرعية مقبولة من الجميع".
وجاءت تصريحات غوتيريس خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد قبل انطلاق اجتماعات الجمعية العامة رفيعة المستوى، الثلاثاء القادم في نيويورك، والتي سيحضرها عشرات قادة الدول.
حول التحديات التي قد يواجهها عبد الله باتيلي بعد تسلمه منصبه الجديد مبعوثا خاصا للأمين العام إلى ليبيا، قال غوتيريس: "من الصعب أن نعرف ما هو التحدي الأكبر الذي تواجهه (ليبيا)، ويتطلب أن نتحرك (بشكل فوري). من المؤكد أنه علينا أن نحافظ على السلام وبأي ثمن"، مؤكدا أنه "يجب أن تتوقف جميع العمليات العدائية أو ألا تقع"، معتبرا ذلك "أمرا أساسيا"، ثم يجب التوصل لاتفاق وبشكل سريع بين مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة، "من أجل السماح بالتغيرات القانونية الضرورية من أجل عقد الانتخابات. وهذه خطوات ضرورية، لأن هناك مسألة الشرعية، التي من الصعب تخطيها الآن".
وذكر أيضا أنه "يجب التأكد من أن جميع الأطراف الخارجية قادرة على دعم كامل لمسار المصالحة والمسار السياسي الذي يؤدي إلى تشكيل حكومة شرعية يقبلها الجميع".
وحول ما إذا كان هناك أي دور يمكن أن تلعبه ألمانيا استكمالاً لدورها السابق ومؤتمر برلين، قال: "أعتقد أن هذا مهم، وأشارت وزارة الخارجية الألمانية إلى أنها تدرس هذه الإمكانية (إعادة أحياء مؤتمر برلين)، وأنا أشجع هذا بشدة، مسار برلين كان أفضل أداة دولية كانت لدينا، وللأسف لم نتمكن من ترجمة ذلك لحل مكتمل".
وحول الوضع في أوكرانيا، وإمكانية إنهاء الحرب وتحقيق سلام، قال: "أشعر أننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق السلام (في أوكرانيا)، وأؤمن أن السلام، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ضروري. وسأكذب إن قلت إنني آمل أن يحدث هذا قريبا أو أننا قريبون من التوصل لأي اتفاق سلام، ولكن آمل أن يكون ذلك ممكنا يوما ما".
وأكد غوتيريس أنه تحدث عبر الهاتف، صباح الأربعاء بتوقيت نيويورك، مع الرئيس الروسي فلايدمير بوتين: "تحدثنا عن مبادرة حبوب البحر الأسود، كما اتفاقية نقل الأسمدة والحبوب الروسية للأسواق العالمية وإمكانية تجديدها وتوسيعها"، وأشار إلى أن محادثتهما شملت كذلك "مواضيع تتعلق برفع العقبات المتعلقة بتصدير الأسمدة الروسية للأسواق العالمية، لأن عدم حدوث ذلك سيزيد من المخاطر على سوق الأغذية"، بحسب غوتيريس، الذي أكد أنه ناقش وبوتين عدداً من النقاط، من بينها ملف الأسرى، والوضع فيما يخص المفاعلات النووية.
ولفت غوتيريس الانتباه إلى أن اجتماعات الجمعية العامة رفيعة المستوى، لهذا العام، تأتي في وقت يشهد فيه العالم "مخاطر وتحديات عظيمة". ووصف الانقسامات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم بأنها الأكبر منذ الحرب الباردة "تشل قدرة العالم على الاستجابة للتحديات الهائلة التي نواجهها".
تطرق غوتيريس إلى عدد من التحديات التي تعيشها الدول، من بينها "آفة الحرب، وفوضى المناخ والكراهية، والفقر، والجوع وعدم المساواة واستمرار النزاعات"، محذرا من تبعات استمرار الحرب في أوكرانيا، "ليس على البلد فحسب، بل على الاقتصاد العالمي، الذي يخشى أن تؤدي الحرب إلى انهياره"، مشيرا إلى تفاقم مستويات الجوع والفقر قبل جائحة كورونا، وبسببها، ومن ثم بسبب تبعات الحرب الأوكرانية.
وحول أزمة الغذاء وغلاء الأسعار التي يشهدها العالم، ووجود مناطق معرضة لخطر المجاعة، ذهب إلى أن "العالم فيه ما يكفي من الغذاء لإطعام الجميع، لكن المشكلة تتعلق بتوزيع الموارد ودعم الدول التي بحاجة لتلك المساعدات".
تناول غوتيريس في حديثه كذلك زيارته مؤخرا إلى باكستان التي شهدت فيضانات مدمرة، فقال: "لقد شاهدت بعيني معاناة بشرية هائلة وأضراراً جسيمة للبنية التحتية على مستوى لا يمكن تصوره. لا توجد صورة يمكنها أن تعبر عن حجم الكارثة. إنه أمر مفجع. تبلغ مساحة المنطقة التي غمرتها مياه الفيضانات ثلاثة أضعاف مساحة بلدي البرتغال"، منتقدا الاستجابة العالمية لأزمة المناخ، وعدم حصول الدول النامية والفقيرة على الدعم اللازم في هذا المجال، وخاصة أنها تتحمل أعباء التغيير المناخي، في وقت تقع المسؤولية الرئيسية عنه على الدول الصناعية.