خرج الفلسطينيون بعفوية على امتداد الضفة الغربية المحتلة، تضامناً مع الأسيرين محمود العارضة، أمير حركة "الجهاد الإسلامي" في سجن جلبوع الذي يوصف بأنه قائد عملية الهروب من السجن الاثنين الماضي، وزميله يعقوب القادري (غوادرة)، عقب إعلان سلطات الاحتلال إعادة اعتقالهما بالقرب من مدينة الناصرة في الداخل الفلسطيني، قبل أن يعلن الاحتلال، في وقت لاحق أيضاً، اعتقال كلّ من زكريا زبيدي، القيادي السابق في "كتائب شهداء الأقصى"، الجناح العسكري لحركة "فتح"، ومحمد العارضة، الذي ينتمي إلى الجهاد الإسلامي.
وخرجت مسيرتان في بلدتي العارضة والقادري، عرابة وبير الباشا في جنين، بينما اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة مناطق من الضفة. وجابت مسيرات شوارع القرى والمدن إسناداً للأسرى المعتقلين والفارين.
وأطلق مسلحون فلسطينيون النار على حاجز الجلمة الإسرائيلي شمال شرق جنين شماليّ الضفة الغربية، الذي يفصل محافظة جنين عن مدن وقرى الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، إثر ورود نبأ إعادة اعتقال الأسيرين، بينما أصيب شابان بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع الذي أطلقه جنود الاحتلال قرب الحاجز، في أثناء اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال هناك.
وشهدت بلدة عرابة جنوب جنين مسيرة مساندة لابن البلدة محمود العارضة، هتفت له وللأسرى الستة، وجاء من ضمن الهتافات: "من الحدود للحدود علم عليكم محمود، واحنا رجالك يا محمود"، "ويا محمود ويا بطل أنت رمز المعتقل".
وتجمّع المئات أمام منزل الأسير يعقوب القادري (غوادرة) في بلدة بير الباشا في جنين، وهتفوا له ولزملائه، بعد وصول مسيرة انطلقت من عرابة إلى البلدة ثم إلى المنزل.
واندلعت مواجهات في عدة نقاط بالضفة الغربية بين الشبان وقوات الاحتلال، إثر خبر اعتقال العارضة والقادري، حيث دارت مواجهات قرب مدخل بيتا جنوب نابلس شمال الضفة الغربية. وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إغلاق الشبان خلال تلك المواجهات الطريق بالإطارات المشتعلة، وتحطيمهم كاميرات مراقبة تتبع للاحتلال، بينما أطلق جيش الاحتلال قنابل الغاز بكثافة تجاه الشبان.
واندلعت مواجهات في كل من مخيم العروب ومخيم الفوار وبلدة خرسا ومنطقة راس الجورة في الخليل جنوب الضفة، وقرب حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة، ومخيم شعفاط شرق القدس، والحاجز الشمالي لمدينة قلقيلية وقرب مصانع جيشوري الإسرائيلية في مدينة طولكرم شماليّ الضفة.
وأشعل شبان الإطارات المطاطية قرب المدخل الشمالي لمدينة البيرة قرب رام الله وسط الضفة الغربية في عدة محاور، بالقرب مما تعرف بالإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، وتجمع هناك العشرات بعد أن كان نشطاء قد نظموا مسيرة مساندة للأسرى على دوار المنارة وسط رام الله، فيما انطلقت مسيرة أخرى في شوارع مخيم الجلزون شمال رام الله، وأخرى في مخيم الدهيشة في بيت لحم جنوبيّ الضفة.
وقال الناشط معين البرغوثي لـ"العربي الجديد"، على هامش فعاليات مدينتي رام الله والبيرة، إن وجود هبّات ومواجهات ضد الاحتلال هو الوضع الطبيعي للشعب الفلسطيني، ولكن اليوم يُعتبر استثنائياً، حسب قوله، بعد الفرحة بتحرّر الأسرى الستة رغم السجان، وبعد وصول نبأ اعتقال اثنين منهم، خرج الناس بعفوية بمشاعر مختلطة بين الحزن والفخر بهما، وليرسلوا رسالة إلى الاحتلال، أن الأسرى هم العمود الفقري للقضية الفلسطينية.
وتابع البرغوثي بالقول إن خروج الناس في معظم المدن يعني أن الشعب الفلسطيني ما زال صاحياً ضد الذل والمهانة، ولا ينتظر قراراً من أي قيادة ليناضل.
أما الناشط إبراهيم أبو صفية، فقال لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال ظنّ باعتقال الأسيرين أنه سيحدث هزة في الشارع الفلسطيني، لكن الناس ردت بالخروج إلى نقاط التماس والاشتباك مع الاحتلال، مؤكداً أن عملية هروب الأسرى الستة شكلت وعياً جديداً في مواجهة الاحتلال.