غزة... اليوم التالي لإنهاء الاحتلال

10 نوفمبر 2023
مخيم الشاطئ في غزة، الأربعاء (علي جاد الله/الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن التحولات التي فرضتها الحرب على غزة، بعد "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت تفرض سباقاً على الغرب ولو بطيئاً للخروج من ورطة ظهوره منافقاً ومسيئاً إلى قيم القانون والعدالة العالمية. فمواقفه من جرائم الاحتلال باتت كورطة أحدثت أيضاً شرخاً في براغماتية انتهجها في علاقاته الدولية منذ بداية المواجهة مع روسيا في أوكرانيا.

في السياق، تأتي ماراثونية الأميركي لإعادة إنتاج تجارب غزواته الفاشلة بطرح سردية "اليوم التالي للحرب"، لتنصيب وكلاء للاحتلال في غزة. ففي ظل انفضاح العجز الرسمي العربي، هذا إذا لم تكشف الأيام حجم تواطؤ بعضه، يبدو الموقف الأميركي أكثر حرجاً أمام الشارعين العربي والعالمي، مع بعض قلق على مستقبل الأنظمة العربية.

ومع أن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن اعتبر، أول من أمس الأربعاء، في طوكيو أن "اليوم التالي للحرب" هو "لتوحيد الحكم" للوصول إلى دولة فلسطينية، فإن التجربة التاريخية، أقله خلال 30 سنة مضت، تكشف أن سقف مساعي واشنطن هو مزيد من التسويف.

فبعد انكشاف عالمي لحجم الجرائم الصهيونية لم يعد للشعارات السابقة سوق، لا محلياً ولا عالمياً. وهو ما أعاد عملياً ضبط الوقائع، حتى بين كتّاب وازنين من يهود غربيين، بإعادتها إلى جذرها التاريخي المتعلق بقضية فلسطين ومحاولات شطب وجود شعبها.

وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أكاذيبه أخيراً باعتبار السلام يتحقق بتطبيع مع الأنظمة، وكأن قضية فلسطين انتهت إلى غير عودة.

وأمام كثير من الحقائق والمتغيرات لم يعد ترفاً طرح السؤال الفلسطيني عن دور منظمة التحرير الفلسطينية. فإذا كانت السلطة الفلسطينية رفضت الأطروحة الأميركية عن "اليوم التالي"، فعلى المنظمة عبء ثقيل في إعادة ضبط البوصلة، وبالتعاون مع حركة حماس، من دون وساطات لالتقاء أطراف الحركة الوطنية، وربطها بمستقبل شعبها تحت عنوان واضح وغير قابل للتسويف والتأجيل: الاستقلال وتقرير المصير.

التضحيات الفلسطينية، التي تتجاوز قطاع غزة في ظل ممارسة الفاشية والأبرتهايد، تستحق جهداً سياسياً ودبلوماسياً متسلحاً برأي عام عربي ودولي يضع الأمور في نصابها الصحيح. ومنظمة التحرير، بكل فصائلها وألوانها، لديها الكثير مما تفعل أمام ترهات التهديد بقنبلة نووية واستفحال إرهاب فاشيي الاستيطان في الضفة المحتلة.

ما يجب رفضه بوضوح وشفافية هو كل محاولة صهيونية وأميركية لحصر القضية في "من سيحكم غزة". جرائم الحرب والإبادة هي فرصة أخرى لفرض السؤال الحقيقي عن الاستقلال الوطني، كمدخل تتوافق عليه أطراف الساحة الفلسطينية، بدلاً من تشتيت المواقف والجهود التي تصب في مصلحة الهجمة السياسية والإعلامية الأميركية.

المساهمون