غريفيث يقدم اليوم إحاطته الأخيرة: حرب اليمن تنتظر مبعوثاً أممياً رابعاً

12 مايو 2021
يقدّم غريفيث إحاطته الأخيرة اليوم (الأناضول)
+ الخط -

يطوي المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، مساء اليوم الأربعاء، مشوار 3 سنوات من عمله في الملف اليمني، وذلك بتقديم آخر إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، في جلسة من المقرر أن تركّز بالدرجة الأولى على تطورات الهجوم العسكري للحوثيين على مدينة مأرب النفطية، وتداعياته الإنسانية على تجمعات النازحين. 

وقالت مصادر دبلوماسية وسياسية، لـ"العربي الجديد"، إنّ الأمم المتحدة تعكف على تعيين مبعوث جديد إلى اليمن، بالتزامن مع أنباء عن تعيين المبعوث الحالي مارتن غريفيث وكيلاً للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، خلفاً لمارك لوكوك. 

ولم يتسن لـ"العربي الجديد" الحصول على تأكيد من مكتب غريفيث على هذه الأنباء، لكن مصدراً مطلعاً على تفاصيل عملية السلام اليمنية أكد الخبر، وقال إنه سيقدّم مساء الأربعاء إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن. 

وفيما أشار إلى أنه لم يتم تحديد موعد استلام المهمة الجديدة لغريفيث، ذكر المصدر، الذي طلب التحفظ على هويته كونه غير مخوّل بالحديث لوسائل الإعلام، أنه لا يُعرف بعد هوية المبعوث الجديد إلى اليمن أو جنسيته التي قد تتضح في أعقاب جلسة مجلس الأمن المرتقبة. 

 

ويبدو أن المحادثات الأخيرة التي احتضنتها مسقط، الأيام الماضية، وفشلت في إقناع الحوثيين بالقبول بمبادرة الحل السعودية والأممية أو وقف الهجوم البري على مدينة مأرب، كانت المسمار الأخير على الأرجح في مسيرة غريفيث الذي أشهر ما يشبه راية الاستسلام، وأعلن في آخر بيان صحافي له، يوم 5 مايو/ أيار الجاري، أن تحركاته "ليست في المكان الذي يودّ أن نكون فيه". 

وكشف غريفيث، حينها أن النقاشات حول الإعلان المشترك لوقف إطلاق النار، والتي استمرت لما يزيد عن عام كامل "لم تتوصل إلى اتفاق، حيث استمرت الحرب بلا هوادة، وتسببت في معاناة هائلة للمدنيين" من دون إلقاء المسؤولية على أي طرف. 

وأكدت تقارير دولية، في وقت مبكر من فجر اليوم الأربعاء، أنه تم تقويض جهود غريفيث في الملف اليمني بسبب رفض جماعة الحوثيين مقابلته في مسقط ، فضلاً عن تراجع دوره عندما قررت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن القيام بدور أكثر نشاطاً في الملف اليمني، من خلال تعيين مبعوثها الخاص تيموثي ليندر كينغ. 

ووفقاً لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فمن المرجح أن يصبح غريفيث اعتباراً من اليوم الأربعاء "قيصر الإغاثة الإنسانية"، كخامس مواطن بريطاني على التوالي يشغل منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية منذ عام 2007، وهي واحدة من خمس وظائف في الأمم المتحدة على مستوى مجلس وزراء يشغلها تقليدياً مواطنون من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن.  

وغريفيث هو الوسيط الأممي الثالث في الأزمة اليمنية المعقدة، إذ تم تعيينه في 16 فبراير/ شباط 2018، خلفاً للمبعوثين إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي أخفق هو الآخر في تحقيق أي اختراق نحو وقف الحرب، والمغربي جمال بن عمر، الذي غادر المنصب في إبريل/ نيسان 2015، وعاد إلى واجهة الملف في الأيام الماضية بطرح مبادرة جديدة للحل. 

وعلى مدار 3 سنوات، أخفق البريطاني غريفيث في إقناع أطراف النزاع بالمبادرة التي طرحها قبل عام والتي تنصّ على وقف إطلاق النار وتدابير إنسانية واقتصادية قبل الانتقال إلى العملية السياسية، رغم خبرته الواسعة في حل النزاعات والتفاوض، فضلاً عن الدعم الدولي الذي حشدته له بلاده في مجلس الأمن. 

ويعتقد غريفيث أن الخطوط العريضة لحل الأزمة هي "إنهاء القتال، وسحب القوات وتسليم الأسلحة الثقيلة في المواقع الرئيسية، بمعية الاتفاق على تشكيل حكومة تتسم بالشمولية وتجمع الأطراف فيما بينها على توافق في الآراء لبناء السلام"، لكنه أكد في المقابل أن التوصل إلى نتيجة ناجحة للمفاوضات "يستدعي التحلي بالصبر والاجتهاد وحسن النية". 

وشهدت الفترة التي قضاها غريفيث جولات مكوكية واسعة لمناقشة الحلول مع كافة أطراف الصراع الداخلية واللاعبين الإقليميين، كما نفذ أول زيارة إلى طهران في فبراير/ شباط الماضي لمطالبتها بإقناع حلفائها الحوثيين بالانخراط في عملية السلام، لكنه حقق نتائج يتيمة تمثلت في الإشراف على توقيع اتفاق استوكهولم الذي أوقف معركة الحديدة أواخر 2018، وكذلك الإشراف على أكبر صفقة لتبادل الأسرى بين طرفي النزاع في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي والتي تم بموجبها تبادل 1056 أسيراً من الجانبين. 

وامتاز غريفيث بأنه كان يميل إلى الإنصات لكل اللاعبين في الساحة اليمنية واستكشاف مدى حضورهم على الطاولة، خلافاً لسلفيه اللذين حصرا مسار المشاورات في فاعلين هما الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين فقط. 

ودأب غريفيث على انتهاج سياسة دبلوماسية متوازنة في تعامله مع الأطراف اليمنية، ولا يُعرف ما إذا كانت إحاطته الأخيرة، مساء اليوم الأربعاء، ستشهد نوعاً من المصارحة حول الطرف المعرقل لعملية السلام أم لا، خصوصاً أن سلفه إسماعيل ولد الشيخ أحمد كان قد انتهز في إحاطته الأخيرة، أواخر فبراير/ شباط 2018، فرصة شن هجوم لاذع على أطراف الصراع من كافة الأطراف واتهمهم بأنهم "يعتاشون من الحروب وتجارة السلاح واستغلال الأملاك العامة لأغراض شخصية وتحريك النعرات لتعميق الشرخ في المجتمع اليمني ولا يأبهون لمعاناة شعبهم". 

وأجمع الوسطاء الأمميون السابقون إلى اليمن على أن أطراف الصراع اليمني يتخذون ممارسات سياسية غير مدروسة، ووفقاً للمبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ الذي أصبح الآن وزيراً لخارجية موريتانيا، فإن أصحاب القرار في الحرب "يعتبرون التنازل ضعفاً، والاختلاف تهديداً فيتمادون في اتخاذ خطوات استفزازية وغير مسؤولة غير آبهين لمعاناة المدنيين الذين يعانون يومياً من مخلفات الحرب". 

وفي انتظار الموقف الذي سيصدر من مجلس الأمن الدولي حيال تحديد هوية الطرف المعرقل لعملية السلام اليمنية، أبدى خبراء تخوفهم من أن يؤدي تغيير غريفيث إلى "عودة المشاورات السياسية إلى مربع الصفر" 

واعتبر الباحث اليمني مصطفى ناجي، في تغريدة على "تويتر"، أن تغيير غريفيث أمر غير جيد، لأنه سيؤدي إلى "هدر وإضاعة كل الجهود السابقة وحذف الذاكرة الدبلوماسية ومواقف أطراف المشاورات، لكنه سيكون جيداً أيضاً لطي صفحة المبعوث البريطاني، وخصوصاً إذا تمكنت الشرعية من إعادة المرجعيات مرتكزاً لأي بناء سلام في اليمن". 

دلالات
المساهمون