قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ، إن الوضع العسكري العام في اليمن ما زال مستقرا نسبيا، مؤكدا في الوقت ذاته أن المكاسب التي تحققت هناك لا تزال هشّة، في ظل تصاعد الاشتباكات في عدد من المناطق كمأرب وتعز، مناشداً جميع الأطراف بممارسة "أقصى درجات ضبط النفس" خلال هذه الفترة التي وصفها بـ"الحرجة"، بما في ذلك الامتناع عن التصعيد في الخطاب من أجل تجنب "زعزعة الاستقرار".
جاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، قدمها عبر دائرة متلفزة في اجتماع دوري للمجلس حول اليمن.
وتوقف غروندبرغ عند استمرار تنفيذ بعض بنود الهدنة. وأشار في هذا السياق، إلى استمرار الرحلات الجوية التجارية ثلاث مرات في الأسبوع بين صنعاء وعمّان، وإلى استمرار دخول السفن المحملة بالموقود إلى موانئ الحديدة بالإضافة إلى سلع أخرى.
وحذر في الوقت ذاته من أن تلك المكاسب تبقى هشة، وأن "الحياة اليومية لمعظم اليمنيين صعبة حيث لا يزال الوضع الاقتصادي مترديا". وأشار المسؤول الأممي لما سماه "الانتقام الاقتصادي المتبادل، بدلا من التعاون".
وبين أن القيود الجديدة تعيق "حرية تنقل المدنيين، لا سيما النساء، والحركة التجارية بين مختلف أنحاء البلاد. لا يزال وصول اليمنيين إلى الخدمات الأساسية محدودا".
وذكّر المسؤول الأممي الدول الأعضاء بأنه "لا يمكن للهدنة إلا أن تكون نقطة انطلاق. نحن بحاجة ماسة إلى البناء على ما تم تحقيقه من خلال الهدنة، والعمل على وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، وعلى تسوية سياسية شاملة لإنهاء الصراع في اليمن".
فرص زخم دبلوماسي
وتوقف المسؤول الأممي عند الجهود الدولية المستمرة على أكثر من صعيد في محاولة لإنهاء الصراع في اليمن. وقال: "إننا نشهد حاليا زخما دبلوماسيا إقليميا متجددا، بالإضافة إلى تغيير تدريجي في نطاق وعمق المناقشات"، ودعا في الوقت ذاته جميع الأطراف "إلى الحفاظ على بيئة مواتية للنقاشات وإتاحة الوقت والمجال اللازمين للمناقشات لكي تؤتي ثمارها".
وحذر من أن "نفاد الصبر في هذا المنعطف، يهدد بالعودة إلى دائرة العنف ويخاطر بتقويض ما تم تحقيقه حتى الآن".
وتحدث عن جهود الأمم المتحدة وشدد على استمراره في الانخراط مع "الأطراف اليمنية، وكذلك أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين، لضمان أن أي اتفاق بشأن المضي قدما يرسم طريقًا نحو تسوية سياسية شاملة". وأكد على أن "الأطراف، وكذلك دول المنطقة، تؤكد بشكل لا لبس فيه أن أي تفاهم يتم التوصل إليه كجزء من المناقشات الجارية يجب أن يترجم إلى اتفاق يمني يمني تحت رعاية الأمم المتحدة. إن استئناف العملية السياسية اليمنية اليمنية هو عنصر مركزي في هذا الصدد ويظل في صميم ولايتي".
وشدد غروندبرغ على ضرورة أن "تأخذ العملية السياسية بالحسبان الوضع المعقد للنزاع، وتحتاج تخطيطا كبيرا، ورؤية بدعم والتزام الأطراف"، ورحّب بجهود الحكومة اليمنية والتحضيرات للعملية السياسية من خلال عمل لجنة التشاور والمصالحة. وشدد على ضرورة أن تشمل العملية السياسية جميع اليمنيين، بمن فيهم النساء والشباب ومنظمات المجتمع المدني.
وحول المفاوضات واجتماع اللجنة التي تشرف على تنفيذ اتفاقية تبادل المحتجزين، قال: إنها "ما زالت مستمرة، مطالباً جميع الأطراف بإبداء حسن النوايا، وتنفيذ التزاماتهم بموجب اتفاقية استوكهولم للإفراج عن جميع المحتجزين في النزاع، والانتهاء من تفاصيل المرحلة الحالية التي اتفقت عليها، بما في ذلك خطة التنفيذ.
ورحب بالإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية، بعد اتفاق رعته الصين، وقال: "يجب على الأطراف اغتنام الفرصة التي يتيحها هذا الزخم الإقليمي والدولي لاتخاذ خطوات حاسمة نحو مستقبل أكثر سلاما".
الوضع الإنساني
إلى ذلك، وفي إحاطتها بمجلس الأمن خلال نفس الجلسة، قالت نائبة مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس ميسويا، إن الوضع الإنساني في اليمن شهد تحسنا على عدد من الأصعدة منها، تراجع عدد الذين يعانون من الجوع بحوالي مليوني شخص، كما تراجعت أعداد اليمنيين الذين يعانون من ظروف شبيهة بالمجاعة (مستوى خمسة) وبلغت صفراً.
وعزت المسؤولة الأممية ذلك لعدد من الأسباب منها، الدعم المالي في العام الماضي، كما الهدنة وتبعاتها.
وحذرت المسؤولة الأممية في الوقت ذاته من أن اليمن، وعلى الرغم مما ذكرته، ما زال يعاني من حالة طوارئ، فلا يزال الملايين هناك يعانون من انعدام الأمن الغذائي ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية. وقالت: "هناك أكثر من 17 مليون يمني يعولون على وكالة المساعدات الإنسانية للحصول على المساعدة والحماية. ولا تملك الوكالات ما تحتاجه لتقديم المعونة اللازمة".
وحول تحديات الوصول إلى جميع المحتاجين في اليمن شددت في البداية على وجود تحسن وتمكن الوكالات الإنسانية من الوصول إلى مناطق لم تستطع الوصول إليها منذ مدة طويلة بسبب الاقتتال والقيود المفروضة والقواعد الأمنية الداخلية للأمم المتحدة. ففي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين "ما زال من غير الممكن للعاملات في المجال الإنساني من اليمنيات التنقل دون محرم، داخل أو خارج البلاد"، مما "يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في قدرة الوكالات الإنسانية لتقديم المساعدة للنساء والفتيان على نحو آمن وموثوق.
وأشارت كذلك إلى محاولات التدخل المستمر من قبل الحوثيين المتعلقة بعمليات المساعدات الإنسانية، بما فيها محاولات فرض متعاقدين محددين على الوكالة الإنسانية لإجراء عمليات الرصد والتقييم من قبل أطراف ثالثة.
وحذرت من زيادة الشكوك المتعلقة باللقاحات التي تؤدي إلى تدني معدلاتها وتزيد من "احتمال الإصابة بأمراض تمكن الوقاية منها عن طريق التطعيم كشلل الأطفال والحصبة"، "كما طالبت بالإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة الذين تم اختطافهم قبل قرابة العام.
وأشارت إلى التزام المانحين بتقديم 1.7 مليار دولار لصندوق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن خلال مؤتمر المانحين الشهر الماضي. ورحبت بتلك الالتزامات، مؤكدة في الوقت ذاته أن هذا المبلغ هو أقل مبلغ يجمع منذ عام 2017 وبالكاد سيكون كافيا لتقديم جميع المساعدات الإنسانية بحلول نهاية العام.
ولفتت الانتباه إلى أن الأمم المتحدة تحتاج لعملياتها الإنسانية في اليمن، العام الحالي، إلى 4.3 مليارات دولار لمساعدة 17 مليون يمني، هم بأشد الحاجة إليها.