غرائب المترشحين للبرلمان التونسي: فروسية ومواكب ووعود بالمطر وتوحيد السودان

05 ديسمبر 2022
محلل تونسي: هناك انسياق وراء موجة الشعبوية وصناعة الإثارة في الخطابات والشعارات (Getty)
+ الخط -

شهدت الحملة الانتخابية في تونس للانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل رفع بعض المرشحين شعارات غريبة والقيام بممارسات غير مألوفة، وتقديمهم وعوداً مثيرة وغير واقعية، لتقابل بموجة سخرية وتندر بين أوساط التونسيين.

واستغرب التونسيون من لباس مرشح بجهة المرسى بالعاصمة، حيث ارتدى لباس فروسية تقليدي، وامتطى صهوة حصانه، ليقوم بحملة دعائية، ما جعل متابعين يصفونه بـ"الفاتح" و"فارس البرلمان".

وفي محافظة باجة، عمد أحد المرشحين إلى تنظيم موكب شبيه بموكب الرئيس الراحل بورقيبة، حيث جاب موكبه شوارع المدينة من على سيارته المكشوفة، ومن حوله مجموعة من حراسه الشخصيين، ثم أخذ يحيي الأهالي والمارة من سقف سيارته الرباعية الفخمة. 

إلى ذلك، عمدت مترشحة عن جهة تونس إلى الغناء وسط فريق حملتها وكأنها حصة تصويرية لمقطع غنائي.

وفي باردو نشرت مرشحة أخرى مجموعة من مقاطع الفيديو، حيث ظهرت خلالها بشكل غريب، وأخذت تلقي كلماتها من أعلى كرسي أو فوق أريكة مرتدية ملابس غير متناسقة.

وتداول التونسيون بسخرية كبيرة وعود عدد من المرشحين الانتخابية التي بدت غير واقعية، وتنم عن فهم خاطئ لصلاحيات النواب الدستورية وحدود البرلمان الجديد، حيث حدد أحد المرشحين هدفه بتحرير فلسطين، بينما ذهب آخر إلى رغبته في توحيد السودان، وآخر وعد بمشاريع بنية تحتية وطنية.

وتعجب المتابعون لبرنامج أحد المرشحين، الذي وعد بالعمل على تهاطل الأمطار، فيما توعد آخر باستعمال القوة والعصا لفرض هيبة الدولة.

تقارير عربية
التحديثات الحية

القانون الانتخابي في قفص الاتهام

وقال المحلل السياسي ماجد البرهومي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "نحمّل المسؤولية الرئيسية، وبدرجة أولى، للمرسوم الانتخابي الذي أصدره رئيس الجمهورية، الذي فرض التفرغ للبرلمان، وهو ما جعل الكفاءات العليا والكوادر من المستويات العلمية والأكاديمية غير قادرة على الترشح للانتخابات، على غرار الناشطين في القطاع الحر كالأطباء والمحامين والخبراء المحاسبين، إذ سيطلب منهم في حال انتخابهم التخلي عن وظائفهم مقابل أجر النائب الزهيد، ما دفعهم للانسحاب".

وأضاف البرهومي: "في المقابل، ترشح من يبحثون عن دخل مادي من البرلمان، فنلاحظ ترشح المتقاعدين أو العاطلين، أو من القطاع الحكومي ممن أجورهم دون راتب النائب".

ولفت إلى أنه "كان من الأفضل ترك الخيار بالسماح لهؤلاء بتحصيل أجورهم من مهنهم وحرمانهم من أجر البرلمان، ليصبح عمله في البرلمان تطوعاً".

وبين المحلل التونسي أن "مسألة التزكيات كذلك نفّرت العديد من الكفاءات ممن لهم مستوى مرموق، حيث رفضوا الخضوع لابتزاز بعض المزكين وتهديدهم بسحب الوكالة في صورة عدم تشغيل أبنائهم والتهديد بفضح المترشحين".

وتابع أن "المناصب العليا في الدولة استبيحت، وأصبح من هب ودب بإمكانه أن يصبح نائباً أو وزيراً أو رئيساً، وقد لاحظنا وزراء من مستويات هزيلة، واليوم أصبح الجميع يرى في نفسه الأحقية والإمكانية ليكون في منصب".

وأضاف البرهومي: "نلاحظ انسياقاً وراء موجة الشعبوية وصناعة الإثارة في الخطابات والشعارات والمعلقات والممارسات".

وبين أن ذلك يعود أيضاً إلى "تراجع مكانة الأحزاب ودورها في التأطير والتكوين لإعداد كوادر قادرة على الترشح، وبالتالي اختلط الحابل بالنابل، فانتشر عدم الوعي السياسي، وضعف المعرفة بصلاحيات النواب وحدود السلطات".

المساهمون