عاد الحراك الطلابي مجددا إلى الشارع، بعد يوم واحد من استئناف مظاهرات الحراك الشعبي بمناسبة الذكرى الثانية لمظاهرات 22 فبراير/ شباط 2019، في انتظار عودة المسيرات الأسبوعية الجمعة المقبل، على الرغم من خطوات تهدئة أعلنها الرئيس عبد المجيد تبون، ما يضيف متاعب سياسية جديدة للسلطة.
واستأنف الطلبة مظاهرات الثلاثاء الداعمة للحراك الشعبي، وتجمع العشرات منهم اليوم في ساحة بور سعيد بالقرب من مقر البرلمان، بهدف التوجه إلى ساحة البريد المركزي والجامعة المركزية. لكن قوات الأمن عمدت لإغلاق المنافذ ومنعتهم من التوجه عبر شارع العربي بن مهيدي، وجلبت حافلات النقل الجامعي لإجبارهم على الصعود فيها ونقلهم إلى خارج وسط العاصمة، غير أنها فشلت في إقناعهم بذلك.
وبعدما تعززت مسيرتهم بعدد من الناشطين والمواطنين، نجح الطلبة في السير باتجاه شارع آخر يمر بمحاذاة مقر البرلمان ومحكمة وسط العاصمة، وسط عمليات كر وفر بين الطلبة والشرطة التي حاولت منعهم من التوجه الى ساحة البريد. وهتف الطلبة بشعارات مناوئة للسلطة تطالب بالحريات، مرددين "لا خوف لا رعب، الشارع ملك الشعب"، و"رانا توحدنا (لقد أصبحنا متحدين)، ستعانون معنا" و"دولة مدنية وليس عسكرية".
وتحسباً للمظاهرات نشرت السلطات تعزيزات أمنية كبيرة في وسط العاصمة، خاصة في الشوارع الرئيسة والساحات الكبرى كأودان وساحة البريد، لكن اللافت أن قوات الأمن حافظت على قدر كبير من ضبط النفس في التعامل مع مظاهرة الطلبة اليوم، وتجنبت استخدام القوة المفرطة لتفريقهم، ما عدا بعض التدافع والصدام الجسدي عندما حاول الطلبة المرور إلى ساحة البريد المركزي.
كذلك خرج طلبة جامعات تيزي وزو والبويرة وبجاية شرقي الجزائر، وتلمسان ووهران غربي الجزائر، في مسيرات ووقفات دعما لمطالب الحراك الشعبي والطلابي. ورفع طلبة جامعة بجاية شعارات تطالب بالحريات والديمقراطية وصوراً لطالبة توفيت قبل أسبوع إثر انفجار قارورة غاز داخل غرفة في حي جامعي بسبب رداءة الخدمات.
وبرأي الكثير من المراقبين فإن عودة الحراك الطلابي والشعبي تعني مزيداً من المتاعب للسلطة السياسية وللرئيس عبد المجيد تبون، الذي يجد نفسه بين استحقاقات الدولة وضرورة إجراء تغيير وإصلاحات تدريجية، وبين مزيد من ضغوط الشارع والحراك.
ويأتي استمرار الحراك وتصاعده، خاصة بفعل إخفاقات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية، وأخطاء سياسية آخرها إعادة استدعاء وزراء الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، إلى الحكومة، ما يهدد بنسف وتشويش على الأقل على الانتخابات النيابية المسبقة التي تقرر تنظيمها قبل نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
لكن المتاعب الكبرى بالنسبة لتبون والسلطة بشكل عام قد تظهر يوم الجمعة المقبل، في حال عادت المسيرات الأسبوعية إلى الشارع، خاصة بعد قرار السلطات فتح المساجد التي كانت تمثل نقطة انطلاق المظاهرات قبل تعليقها منتصف مارس/ آذار 2020 بسبب الأزمة الوبائية من جهة، وعدم إمكانية العودة إلى المعالجة الأمنية وضبط الشارع بسبب الكلفة السياسية لأي قمع للمظاهرات.
وكل ذلك يفرض على السلطة إعادة قراءة المعطيات الجديدة، ووضع الشارع ضمن العوامل التي تتدخل في محطات خريطة طريق الإصلاحات السياسية والدستورية التي يعتزم الرئيس الجزائري تنفيذها.