عنف الشرطة الفرنسية: ماكرون يواجه أزمة سياسية

28 نوفمبر 2020
التظاهرات التي حاولت الحكومة منعها خرجت بالفعل في عشرات المدن الفرنسية (فرانس برس)
+ الخط -

يترقب الجميع في فرنسا بحذر، كيف ستنتهي عطلة نهاية الأسبوع؛ فالأجواء مشحونة بشكل غير مسبوق والغضب ينفجر في كل مكان منذراً بأزمة سياسية قاسية سيواجهها الرئيس إيمانويل ماكرون؛ بسبب وزير داخليته جيرالد درمانان، الذي فتح عش دبابير قد يكون مؤلماً للإليزيه أكثر من الأزمة التي اندلعت قبل عامين بعد ظهور حركة "السترات الصفراء".

بداية يوم السبت لا ترسم ابتسامة على وجه الرئيس، فالتظاهرات التي حاولت الحكومة منعها، خرجت بالفعل في مرسيليا وليون وليل، وعشرات المدن الفرنسية في "مسير الحريات"، كما ينتظر أن تكون التظاهرة المركزية في العاصمة باريس، بعدما كسرت المحكمة الإدارية قرار حظرها في وقت متأخر، ليل أمس الجمعة، من قبل قائد الشرطة ديدييه لالما، وأعطتها الإذن في أول أيام تخفيف الحجر الصحي.

وبحسب قناة "فرانس إنفو"، تخشى قوات إنفاذ القانون مما تسميه "سيولاً بشرية مخيفة في باريس"، اليوم السبت، إذ حذر اتحاد مفوضي الشرطة الوطنية من أنّ عدد قوات الأمن التي تم حشدها، والبالغ ألفي عنصر لتأمين تظاهرة باريس، التي يتوقع أن يبلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 40 ألفاً، لن يكون كافياً، خصوصاً مع وجود خطر تسلل مجموعات عنف بين المتظاهرين تعرف باسم "بلاك بلوك".

وتبدو الأزمة التي تلوح في الأفق هذه المرة مختلفة عما شهدته فترة ولاية ماكرون، فطرفها الآخر ليس مجرد نقابات يمكن خوض مفاوضات معها وتقديم تنازلات مقابل الحصول على تنازلات مقابلة، كما جرى مع حركة "السترات الصفراء"، بل هي أزمة مع وسائل الإعلام ومواطنين، يطالبون باستقالة وزير الداخلية وقائد شرطة باريس ديدييه لالما، بعد استفحال عنف الشرطة داخل المجتمع الفرنسي وما أحدثه الاعتداء على المنتج الموسيقي ميشيل زيكلر داخل الاستوديو الخاص به.

في هذا السياق، نقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية، اليوم السبت، عن مصادر مقربة من ماكرون، أنّ المناخ بين الأخير ووزير داخليته، برد بشكل لافت خلال الأيام الأخيرة، فبينما كان الرئيس راضياً عن الهجوم الأمني الذي قاده جيرالد دارمانان ضد جمعيات وشخصيات إسلامية متهمة بالتطرف، بناء على طلبه، تغيرت نبرة ماكرون.

وتضيف المصادر، أنه بعد بث صور اعتداء الشرطة على زيكلر، تحدث ماكرون مع درمانان أكثر من مرة منذ يوم الخميس، طالباً منه إيصال رسالة "استرضاء" لتخفيف حدة الموقف.

ولخّص المصدر التبادلات بين الرئيس ووزير داخليته بالقول: "لقد طُلب من دارمانان أن يوقف هراءه".

لكن وفق مصادر الصحيفة، فإنّ دارمانان لم يتلقف رسالة ماكرون بالشكل الذي أراده الرئيس، بضغط من أعضاء في حزبه "الجمهورية إلى الأمام" ومقربين منه، إذ لم يبدِ درمانان مرونة في قبوله نقاش سحب المادة 24 من قانون "الأمن الشامل" التي أثارت غضب وسائل الإعلام والمواطنين على حد سواء، وهي تنص على حظر تصوير أو بث صور لعناصر قوات إنفاذ القانون أثناء قيامها بعمليات.

 كما أنه في الوقت الذي تعلو فيه الأصوات بتقديم قائد شرطة باريس ديدييه لالما ككبش فداء لنزع فتيل هذه الأزمة، نظراً لأنه المسؤول المباشر لعناصر الشرطة التي تنتهج عنفاً مفرطاً، اختار درمانان سلوك مسار آخر عندما قال، خلال مقابلته على قناة "فرانس 2"، الخميس: "آمل أن يستمر في ممارسة مهمته".

وكان عضو البرلمان الأوروبي والمستشار السياسي للرئيس الفرنسي ستيفان سيجورني، قد افتتح الانتقادات لقائد شرطة باريس، في رسالة ربما لم يرد ماكرون أن تصدر عنه، فكتب على "تويتر" قبل ساعات من ظهور درمانان على القناة التلفزيونية، "لقد حان الوقت لقائد الشرطة أن يجد مخرجاً ويضمن أن يحترم رجاله القانون الذي يطبقونه".

ويختم المصدر المقرب من ماكرون بالقول، إنّ درمانان بات على رأس خط متشدد يزيد الوضع سوءاً داخل السلطة التنفيذية، وهذا يجعل الخطر يقترب بشدة من الرئيس والأغلبية البرلمانية التابعة له، والموقف السيئ الذي وضع درمانان نفسه فيه، هو أن منتقديه، في غالبيتهم، من حزب الرئيس، يعتبرون "أنه تم بيع هذا الرجل بشكل مبالغ فيه لسنوات كسياسي عظيم".

المساهمون