استمع إلى الملخص
- يُعرب عن استعداد الحركة لخوض حرب طويلة دفاعًا عن غزة، مُشيرًا إلى رفض التدخل الخارجي وتأكيده على أن الحرب لن تنتهي إلا بإدراك العدو لهزيمته. يناقش تأثير الإرادة الأمريكية على الدعم العربي والإسلامي لإعمار غزة.
- يسلط الضوء على تأثير صمود غزة في تغيير الوعي العالمي تجاه القضية الفلسطينية وينتقد الأنظمة العربية التي نأت بنفسها عن الصراع. يُؤكد على التزامه بالقضية الفلسطينية وتطلعات شعبها نحو الحرية.
مقترح بايدن ضبابي في ما يخص بنود وقف الحرب في غزة
إدارة قطاع غزة مسألة فلسطينية بحتة
الاحتلال غرق في وحل غزة ونحن مستعدون لحرب طويلة
أكد عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي علي أبو شاهين، في حواره مع "العربي الجديد"، أن لدى الحركة عدداً من الأسرى الصهاينة، مشيراً إلى أنها أعلنت عن ذلك منذ اليوم الأول، ونشرت عدداً من الفيديوهات عن الأسرى. كما أن للحركة حضورها الوازن في الميدان، ولديها شعبية واسعة بين الفلسطينيين في الداخل والخارج، ولذلك فهي معنية بملف المفاوضات، في ظل التنسيق مع حركة حماس في كل ما له علاقة بالمفاوضات.
* كيف هو التوافق الفلسطيني على مسار التفاوض والحرب عامةً؟
ليس هناك توافق فلسطيني كامل، ذلك أن ثمة من أخرج نفسه بنفسه من الصراع، وحمّل المقاومة مسؤولية ما ارتكبه العدو من جرائم في قطاع غزة، مع سعيه إلى تحصيل المغنم من دون مغرم، لذلك، فإن التوافق هنا هو بين المقاومة الحاضرة في الميدان، وفي مقدمتها الإخوة في كتائب القسام وسرايا القدس والشهيد أبو علي مصطفى وكتائب الأقصى وغيرها. ومنذ بداية المفاوضات حددت المقاومة خطوطها العريضة التي لا تنازل عنها، وفي مقدمتها الوقف الدائم للعدوان، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى مناطقهم، وضمان دخول الإغاثة، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار، والتوصل إلى صفقة تبادل للأسرى تناسب تضحيات شعبنا. ولذلك، هناك انسجام تام وتوافق كلي وتنسيق مستمر بين قوى المقاومة، ولا سيما بين حركتي الجهاد الإسلامي وحماس.
علي أبو شاهين: هناك انسجام تام وتوافق كلي وتنسيق مستمر بين قوى المقاومة
* بالنسبة للجهاد الإسلامي ماذا بعد نهاية الحرب وتأثيرها على القضية الفلسطينية ومستقبل قطاع غزة؟
هذه الحرب فرضت فرضاً على شعبنا الفلسطيني، البعض صوّر أن عملية طوفان الأقصى هي التي تسببت بهذه الحرب، في حين أنه بات واضحاً أن قرار إبادة قسم من الشعب الفلسطيني في غزة وتهجير أكبر عدد منه كان مخططاً سلفاً، في إطار خطة تهدف إلى بسط السيطرة على كل فلسطين المحتلة. وهو ما ظهر سواء في الخريطة التي عرضها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أو وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش قبل ذلك بأشهر في فرنسا. عملية طوفان الأقصى اتُخذت ذريعة لشن حرب إبادة، وقادة العدو لم يخفوا مخططاتهم في إعادة احتلال قطاع غزة، بل وتهديد شعبنا في الضفة الغربية، ولذلك هذه الحرب مستمرة حتى يتوقف العدوان. والوقت لم يعد لمصلحة الكيان الذي غرق في وحول غزة وفشل في تحقيق أهدافه رغم الثمن الكبير الذي دفعه شعبنا من دماء أطفاله ونسائه ورجاله. هذه الحرب، العدو محكوم فيها بموازين القوى في الميدان، والكل بات مدركاً أن العدو غير قادر على فرض إرادته، لذلك فإن الإدارة الأميركية باشرت البحث عن مخارج سياسية له، ولكن الأيديولوجيا التلمودية التي غذّت خيالات البعض، وكذلك فكرة الهيمنة المطلقة بعد الإذلال الذي ذاقه قادة الكيان، دفعهم نحو اتخاذ خطوات ساهمت في إغراقه أكثر في المستنقع. نحن مستعدون لخوض حرب طويلة، لأنها بالنسبة لنا حرب وجود، والعدو هو الذي رفض في كل مرة وقف إطلاق النار. ولذلك، فإن نهاية الحرب ستنتهي يوم يدرك العدو أنه هُزم في معركة الإرادات.
* ما رؤية الجهاد الإسلامي تجاه ملف إدارة غزة لصالح أي جهة أخرى؟
مستقبل قطاع غزة بيد أبنائه، ولن نقبل بفرض أي إرادة خارجية أياً يكن لونها. وقد جرّب العدو بالفعل وفشل في فرض إدارة محلية لمصلحته، فأهلنا في غزة رفضوا ذلك، وقوى المقاومة لم تقبل بذلك. مسألة إدارة غزة هي مسألة فلسطينية بحتة، ونحن منفتحون على مناقشة كل المقترحات في حينه، بعد انتهاء العدوان وتوقف سفك دماء أهلنا.
* كيف كان تعامل الوسطاء مع الحركة مقارنة بالتفاوض في حروب واعتداءات سابقة؟ هل باتوا مقتنعين بأن الاحتلال هو الذي أفسد الجولات المتكررة من التفاوض؟
منذ البداية أعلنّا أن الإخوة في حركة حماس هم عنوان أي مفاوضات، ونحن على تنسيق كامل معهم. أما بالنسبة للوسطاء، فهم علموا منذ اليوم الأول أن العدو هو الذي قرر فرض هذه الحرب، وأن المقاومة عرضت إجراء صفقة تبادل، لكنه فضّل تنفيذ مخطط سياسي عدواني تحت شعار الانتقام، هدفه إعادة احتلال قطاع غزة وطرد أكبر عدد ممكن من سكانه، وحين فشل بدأ يبحث عن إدارة تكون تابعة له.
* هل الجهاد الإسلامي مع تسليم معبر رفح لأي جهة فلسطينية كانت؟
هذا الملف فلسطيني داخلي ويُناقش في حينه داخل البيت الفلسطيني، ونحن منفتحون على أي طروحات تضمن فك الحصار وانسحاب العدو من معبر رفح، وضمان إدخال المساعدات، أما التفاصيل فتدرس في حينه.
علي أبو شاهين: مستقبل قطاع غزة بيد أبنائه، ولن نقبل بفرض أي إرادة خارجية
* هل هناك استعداد عربي وإسلامي لدعم خطة إعمار غزة؟
للأسف، الأمر مرهون بالرغبة الأميركية وليس بالقرار العربي والإسلامي. الأنظمة العربية والإسلامية في معظمها أخرجت نفسها من دائرة الصراع، وبعضها كان شريكاً للاحتلال في الحصار وفي إمداده بالذخيرة وبالمواد الغذائية والسلع والبضائع، ولذلك فإنه حين يأتي الأمر الأميركي سيتقيدون به.
* هل من المحتمل حصول تراجع إسرائيلي تجاه مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن كما كل مرة؟
نحن اعتبرنا أن ما جاء في خطاب بايدن بشأن مقترح وقف إطلاق النار ضبابي. الخطة التي أعلنها بايدن غامضة في عدة نقاط، وهدفت فقط إلى تلميع صورة الكيان بعد تحرك المحاكم الدولية ضد قادته، وبعد العزلة التي باتت تشتد عليه. وكان لافتاً أن المسؤولين في الكيان، وعلى رأسهم نتنياهو و(ووزير الأمن يوآف) غالانت، أعلنوا معارضتهم الضمنية للمقترح، عبر طرح عراقيل، وذلك مع أن بايدن قال إن المقترح قدمه الكيان. لذلك تابعنا الموضوع بريبة وشك، لأن الكيان غير مستعد بعد للاعتراف بالهزيمة، وعاجز عن إنهاء المقاومة، لأن وقف الحرب يعني انفجار الأزمات السياسية الداخلية في الكيان نفسه. لذلك فالكيان مأزوم، وأمام ذلك، نحن لا نعول كثيراً على المقترح الذي وضعه بايدن.
* هل حركة الجهاد الإسلامي تنظيمياً وعسكرياً ما زالت بخير أم أن الحرب أضعفتها وفق الاحتلال؟
الميدان يجيب عن هذه النقطة. لا يزال إخواننا ومجاهدونا في سرايا القدس يقومون بواجبهم العسكري والميداني على امتداد قطاع غزة، سواء بالعمليات النوعية التي تستهدف جنود العدو ومدرعاته، أم بالقصف الصاروخي لمنطقة غلاف غزة، أو عبر قصف نقاط تجمع الجنود بالهاون، ما يعني أن منظومة التحكم والسيطرة والتواصل والقدرات الميدانية والعسكرية لا تزال بخير، رغم ما قدمته سرايا القدس، كما باقي أبناء شعبنا وفصائل المقاومة، من تضحيات كبيرة.
* كيف أثرت الحرب على الوعي العام الدولي؟
بداية نتوجه إلى أبناء شعبنا في قطاع غزة بتحية الإجلال، لأنه بصموده استطاع أن يحقق ما عجزت عنه الأنظمة العربية والإسلامية مجتمعة. لا شك أن لصمود أهلنا في قطاع غزة تأثيراً كبيراً على الوعي العام الدولي. شاهدنا ذلك في المسيرات والتظاهرات الحاشدة التي تحتشد بشكل متواصل في العديد من المدن والعواصم، وهي تردد شعار "فلسطين حرة... من نهرها إلى بحرها". وهذا يعني أن الوعي بالقضية الفلسطينية أعاد الصراع إلى مساره الأساسي، إلى ما جرى في عام 1948، وإلى أساس نشأة الكيان الصهيوني. كما تمظهر ذلك أيضاً في انقسام النخب الغربية، ولا سيما في الجامعات الأميركية، حيث تخضع المفاهيم الغربية لنقاش محتدم، بعدما تبين أنها ليست قيماً عالمية كما كان يدعي مروجوها، بل هي في خدمة مشروع استعماري غير إنساني، تنكر لكل شعاراته البراقة وأمدّ الكيان بالسلاح والذخيرة ووفر له الغطاء السياسي والإعلامي للاستمرار في حرب إبادة ضد شعب أعزل طوال ثمانية أشهر. إن مواقف الحكومات الغربية، وعلى رأسها الإدارة الأميركية، تجاه حرب الإبادة على غزة، أحدثت صدمة في الوعي الجمعي الغربي، وسمحت للعديد من دول العالم باتخاذ مواقف أكثر جرأة لم نكن نتصور اتخاذها في السابق تحت وطأة الضغط الإعلامي والسياسي المتواصل.
علي أبو شاهين: لا شك أن لصمود أهلنا في قطاع غزة تأثيراً كبيراً على الوعي العام الدولي
ووصلت إلى الذروة حين شاهد العالم أجمع أن المؤسسات الدولية التي وضعت في الأساس كجزء من هيمنة النظام العالمي في ظل تفرد الولايات المتحدة، أن هذه المؤسسات بدأت بالتمرد، وأن الإدارة الأميركية والعديد من الأنظمة الغربية، مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، كشرت عن أنيابها، وبدأت بالتعامل مع المؤسسات الدولية بالوعيد والتهديد، ومع التظاهرات الطلابية بالحديد والنار والقبضة البوليسية. هذا كله تحقق بفضل صمود أبناء غزة الذين لفتوا أنظار شعوب العالم إلى البحث في حقيقة الثقافة التي مكّنت أهلنا في غزة من الصمود رغم الأهوال العظيمة التي تعرضوا لها. وهو ما دفع كثيرين في الغرب إلى قراءة الإسلام، وبدأت النظرة بالتبدّل تجاه الحركات الإسلامية، في جانبها الفلسطيني على الأقل، وهو ما أحبط مساعي بايدن يوم حاول تصوير حركات المقاومة في فلسطين على أنها جماعات إرهابية ينبغي استئصالها.
ما فعلته غزة هو أنها أدارت عجلة التغيير في الوعي العالمي، لكن الأمر بحاجة إلى متابعة حثيثة ومستمرة، لأن المؤسسات الحاكمة ساعية إلى بلورة خطة مضادة لإخماد هذا الوعي ومنعه من الانتشار والتمدد. عتبنا كبير على المؤسسات العربية والأنظمة العربية التي نأت بنفسها عن هذا التغيير، لدرجة أن بعض الأنظمة منعت رفع علم فلسطين، في وقت ادّعت فيه بيانات القمم العربية حرصها على فلسطين. أشار ذلك إلى أن هذه الأنظمة أخرجت نفسها من حركة التاريخ وحركة الشعوب، وهي باتت بالتالي على مشارف الخروج من التاريخ بعد انتصار أهلنا في غزة.
سيرة:
التحق بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عام 1990، وشغل العديد من المواقع السياسية والتنظيمية، منها مسؤولية العلاقات السياسية في لبنان، وتمثيل الحركة في العديد من المؤتمرات الخارجية.
هو مسؤول الساحة اللبنانية منذ عام 2016 حتى الآن، وانتُخب عضواً في المكتب السياسي للحركة في مطلع عام 2023، وبات مسؤول الدائرة الإعلامية المركزية للحركة.
من مواليد 1970 في مخيم الرشيدية، جنوبي لبنان، لعائلة فلسطينية من قرية سحماتا في قضاء عكا، لجأت إلى لبنان عام 1948. وهو مقيم في العاصمة اللبنانية بيروت.
باحث دكتوراه ويعدّ أطروحة بعنوان "السلوك السياسي والإداري غير الرشيد في المنظمات"، حائز على ماجستير في الإدارة عام 2017 على رسالة بعنوان "التطوير التنظيمي وإدارة التغيير في المؤسسات"، وإجازة في الدراسات الإسلامية عام 1996، وبكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة بيروت العربية عام 1995، وإجازة في العلوم السياسية من كلية الحقوق اللبنانية عام 1995.