- ينتقد بشارة الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل ويتطرق إلى الوساطة القطرية والتحديات التي تواجه السلطة الفلسطينية في حماية المزارعين ومواجهة عنف المستوطنين.
- يختتم بالحديث عن انتهاء المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، معتبرًا أن نتنياهو يحاول ابتزاز الغرب ويناقش الأثر السلبي للنفوذ الإيراني وتحفظات الغرب تجاه إيران.
أعرب المدير العام لـ"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، عزمي بشارة عن اعتقاده بأن الغرب أصبح قريباً من استنتاج أن لا شيء بقي لإسرائيل لكي تحققه في غزة، وكرر تمسكه بأن لا حل عادلاً للقضية الفلسطينية قبل توحيد القيادة في إطار إعادة بناء منظمة التحرير، وهو ما تستطيع قطر وتركيا تأدية دور في سبيل تحقيقه برأيه، محذراً من أن إدارة غزة وفق المنطق الأميركي والإسرائيلي لن تنجح وستُقاوَم. وفي حين رجح بشارة ألا تعود حركة حماس إلى إدارة غزة، فإنه شدد على أن لدى إسرائيل خططها للضفة الغربية التي تشهد عملياً انتفاضة منذ عام 2021. وعرّج على موضوع المفاوضات والوساطة القطرية بين إسرائيل و"حماس"، واستبعد أن تعطي أي نتيجة من دون وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال من غزة وفتح المجال للمساعدات بالكامل، واصفاً رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بأنه الخصم الرئيسي لوساطة قطر وللمفاوضات. على صعيد آخر، قال بشارة إن المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل انتهت، ووصف ما يفعله نتنياهو حالياً بأنه ابتزاز للغرب مقابل ألا يصعّد ضد طهران.
عزمي بشارة: لدى إسرائيل خططها للضفة التي تشهد عملياً انتفاضة
توحيد القيادة الفلسطينية وإلا إدارة على ظهر دبابات
وقال المفكر العربي في حوار خاص مع شبكة التلفزيون العربي من مدينة لوسيل في قطر إن التوجه الإسرائيلي حالياً يفيد بأنه لا توجد نهاية محددة للحرب لأنه ليست لدى حكام دولة الاحتلال تصورات خاصة بـ"اليوم التالي". وأوضح أن المنعطف الأخير الذي ينتظرون اجتيازه هو اجتياح رفح، عندها يكونون قد احتلوا غزة بالكامل، وخطتهم تنص على أن يبقوا بعدها في وسط القطاع وفي غلافه وأن يظلوا جاهزين لشن هجمات عند الحاجة، "لذلك وضع نتنياهو مخرجاً لنفسه بالقول إن دخول رفح سيعني الانتصار في الحرب". وحسب معلومات بشارة ومتابعته، فإن واشنطن وتل أبيب اقتربتا في المحادثات المباشرة الجارية بينهما، من إبرام اتفاق حول الحملة على رفح. وفي هذا السياق، شدد على أن الهدف الحقيقي الوحيد الذي تحقق من العدوان بعد مرور مائتي يوم من الحرب، هو جعل القطاع غير قابل للحياة، وهو ما استعرضه بمجموعة أرقام وإحصاءات تُظهر حجم الخراب الذي لحق بالقطاع حتى الآن، ورغم ذلك فإن كل الضغط الدولي ينحصر في شأن الإغاثة بدل أن يتوسع نحو إعادة البناء وترك الناس يستأنفون حياتهم. لكن بشارة شكك في أن ينجز احتلال رفح واجتياح المدينة أهداف القادة الإسرائيليين، ورأى أنه "لا يمكن إدارة غزة بأسلوب الفرض الإسرائيلي لأن أحداً لن يقبل إدارة على دبابة إسرائيلية وهذا يتطلب حكومة فلسطينية متفقا عليها وطنياً إن لم تكن حكومة وحدة وطنية". أما تصوّرإدارة غزة وفق المنطق الأميركي والإسرائيلي بحيث لا يشكل القطاع خطراً على إسرائيل بحسب تعبير بشارة، فهو "لن ينجح وسيقاوَم".
عزمي بشارة: إدارة غزة وفق المنطق الأميركي والإسرائيلي ستُقاوَم
وفي إطار متصل بضرورة توحيد القيادة الفلسطينية ضمن منظمة التحرير الفلسطينية التي تحتاج إلى إعادة بناء، أوضح بشارة أن الغرب بات قريباً من استنتاج أن لا شيء كبيراً بقي لإسرائيل لكي تحققه في غزة، وبالتالي، والكلام لبشارة، هذه هي اللحظة المناسبة ليتمسك الطرف الفلسطيني بحل عادل للقضية الفلسطينية، بشكل يصبح مجرى الأمور بيد الطرف الفلسطيني إن أصبح موحداً. وتابع أن قطر وتركيا تستطيعان تأدية دور مهم في إقناع المعنيين بتوحيد القيادة الفلسطينية "قبل أن تأتي إدارات على ظهر دبابات إسرائيلية تستلم زمام الأمور وتفرض سلطة تكون مهمتها حماية إسرائيل". وبرر رأيه بأن لدى تركيا علاقات جيدة مع السلطة والتنسيق مع قطر مهم على حد قوله، "ونحن أمام دولة إقليمية كبيرة تستطيع أن تلعب دوراً غير معروف شكله حتى الآن (أي تركيا)، لكن أي دور حقيقي يؤدونه سيكون إيجابياً". وبالحديث عن تركيا، ذكّر بشارة بأنه منذ بداية الحرب، كان الموقف التركي أقل من المأمول من وجهة نظر الشعوب العربية، "لكن من الواضح أن هناك تغيراً في النبرة". وفي تحليله لأسباب هذا الاختلاف في النبرة، لفت بشارة إلى أن القيادة التركية خسرت جزءاً من قاعدتها الشعبية بحسب ما ظهر في الانتخابات البلدية الأخيرة، "وهذا محرك أساسي لمحاولة استرجاع ما خسروه". وتطرق إلى سبب آخر يتعلق بالرد الإيراني العسكري ضد إسرائيل (13 إبريل/نيسان الحالي) إذ ربما تكون تركيا قد شعرت بانزعاج حقيقي وهي تشاهد مشاركة دول كثيرة في إحباط الهجوم الإيراني.
عزمي بشارة: مصر لم تختلف مع إسرائيل حول أي نقطة في المفاوضات حول غزة
الوساطة القطرية
ورداً على سؤال يتعلق بالوساطة القطرية وأسباب التلويح القطري بتقييم دور الوساطة على ضوء تحريض البعض ضد الدوحة، كشف بشارة أن المقصود من هذا الكلام هو نتنياهو شخصياً، الذي وصفه بأنه هو الخصم الرئيسي للوساطة وللمفاوضات. وشرح أن وساطات قطر هي من النوع الذي لا تكون فيه الدولة الوسيطة عظمى ولا تملك أجندات هيمنة، وأشار إلى أن قطر لم تعرض نفسها كوسيط بل طُلب منها ذلك ودفعت ثمن قبولها هذا الدور. وتحدث مدير "المركز العربي" عن دول لم تقبل بأن تكون لها علاقات مع "حماس" ومع "طالبان" قبلها، تجدها اليوم تغضب من تأدية قطر دور الوساطات وتحرّض عليها، وهو "نوع من الغيرة لكن على مستوى الدول" وفق كلام بشارة، "فضلاً عن بعض النواب الجهلة في الولايات المتحدة الذين يحرَّضون ضد قطر ربما بدعم من بعض السفارات وربما من اللوبي الإسرائيلي". وعلى هامش المفاوضات حول غزة، قال بشارة إن "مصر حتى الآن لم تختلف مع إسرائيل حول أي نقطة في المفاوضات".
عزمي بشارة: قطر وتركيا تستطيعان تأدية دور في توحيد القيادة الفلسطينية
الفيتو الأميركي ضد دولة فلسطين
وعما إذا كان يجد الموقف الأميركي من الحرب على غزة متناقضاً، وعن مصلحة أميركا من استمرار العدوان، أجاب المفكر العربي أن لا تناقض في الموقف الأميركي، فهو قائم على تبنٍّ كامل لإسرائيل واحتضان لها ودعم مطلق على كل المستويات حتى العسكرية منها. وأكد أن أميركا موافقة على دولة فلسطينية من دون حدود "لكن ليس كمنحة تعطى بلا مقابل، بل ضمن تسوية تأخذ إسرائيل في مقابلها أموراً كثيرة". وذكّر بأنه في اتفاقيات أوسلو (1993) حصل ذلك على هيئة تنازل عن قضايا "الحل الدائم"، والآن تلوّح أميركا بالاعتراف بدولة فلسطينية بلا حدود "بشكل قد يجهض فكرة الدولة ويجعله موضوع مقايضة". وبرأيه، فإن الصدمة الفلسطينية من الفيتو الأميركي ضد اعتراف مجلس الأمن الدولي بدولة فلسطينية عضو في الأمم المتحدة، ليست في مكانها. وقلل بشارة من أهمية تهديدات السلطة الفلسطينية بقطع العلاقات مع أميركا نتيجة الفيتو الأميركي الأخير، لأن هذا الكلام مكرر وسبق أن اتخذ أشكالاً متناقضة "كالتلويح بالانسحاب من أوسلو ثم اشتراط اعتراف حماس بأوسلو للسماح بدخولها إلى منظمة التحرير الفلسطينية". وختم ردّه على سؤال يتعلق في هذا الشأن بالتأكيد أن "إعادة بناء منظمة التحرير على أسس سليمة يغضب أميركا أكثر من كل التهديد".
عزمي بشارة: الخصم الرئيسي لوساطة قطر ولمفاوضات غزة هو نتنياهو
خطط للضفة
وفي ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية غير المعلنة على الضفة الغربية، أعرب بشارة عن ثقته بأن لدى تل أبيب خططاً للضفة الغربية التي تشهد عملياً منذ عام 2021 انتفاضة، "ولديهم تصورات لكيفية التخلص من المقاومين هناك مثلما يحصل حالياً خصوصاً في شمال الضفة حيث يعملون بشكل منهجي لاستغلال الفرصة لتصفية الحساب مع هذه الخلايا المقاومة". ونبّه من أن العمليات التي تشنها إسرائيل هناك "شبه حربية وشبه إعادة احتلال". وتوقف بشارة عند ظاهرة جديدة هي تجند المستوطنين على مستويَين، بدآ مع أرييل شارون ومع عصابات "شبيبة التلال": المستوى الأول هو الصدام المقصود مع المزارعين الفلسطينيين لدفعهم إلى اليأس والاستسلام وبالتالي إنجاز استيطان الضفة. والمستوى الثاني هو التجنيد العسكري في "الوحدات المجالية الخاصة" مثل فرقة "نيتساح يهودا" التي تريد أميركا معاقبتها حالياً، متسائلاً عن كيفية حصول ذلك بينما تقوم واشنطن بتزويد تل أبيب بكل هذه الأسلحة وهذا الدعم. وشرح بشارة أن هذه وحدات استيطانية في الجيش عبارة عن "مجرمين بزي الجيش ويستخدمون زيّهم لتنفيذ مخططاتهم الاستيطانية والأيديولوجية". وكرر ما يتجاوز العتب واللوم للسلطة الفلسطينية لأنها لا تقوم بحماية فاعلة للمزارعين على خطوط التماس ضد عصابات المستوطنين الذين هم مجموعة "زعران" ومجرمين باعتراف الأوروبيين والغربيين عموماً.
عزمي بشارة: لا أحد يريد الحرب الإقليمية إلا نتنياهو لكنه لا يستطيع فرض ذلك على حلفائه
المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل انتهت
وفي ما يتعلق بالردود العسكرية الإسرائيلية - الإيرانية المتبادلة التي شهدها الأسبوع الماضي، جزم بشارة بأن لا أحد يريد الحرب الإقليمية إلا نتنياهو "لكنه لا يستطيع فرض ذلك على حلفائه". وبحسب بشارة، أعطيت إسرائيل أكثر مما تستحق من حلفائها لأنها عندما قصفت القنصلية الإيرانية في دمشق (في 1 إبريل الحالي)، لم تستشر أحداً. وكشف أن الإسرائيليين لم يكونوا يتوقعون رداً إيرانياً، لذلك فإنهم يعرفون أن استخباراتهم ضللتهم. وقال إن العالم كله حمى إسرائيل وانتهى الموضوع عند هذا الحد، موضحاً أن الرد الإسرائيلي (يوم الجمعة الماضي) كان منسقاً مع الأميركيين وغير معلن، بما يشبه "مؤامرة صمت" بشكل لا يتسبب بحرب إقليمية ويُنهي المواجهة المباشرة ويتيح عودة الاشتباك إلى ما كان عليه قبل قصف القنصلية. وبالفعل، رأى بشارة أن المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل انتهت حالياً. وعلى هامش تلك المواجهة وما سبقها وتخللها، شدد بشارة على أن نتنياهو "يبتز الغرب مقابل ألا يقدم على خطوات تصعيدية في مواجهة إيران"، مع العلم أن "إسرائيل محترفة في تأدية دور الضحية وإيران ليست دولة محبوبة عالمياً لأسباب عديدة". ومن بين هذه الأسباب تطرّق بشارة إلى طبيعة نظامها، ولأن طريقة نفوذها تشق المجتمعات العربية بمليشياتها وبطائفيتها "وقد تضرر العرب من تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، ذلك أن الدولة الوحيدة في العالم التي تحتفظ بقوة عسكرية في بلدان أخرى ذات سيادة هي إيران". وختم مطالعته حول هذا الموضوع بالإشارة إلى أن الغرب جاهز لحملة ضد إيران رغم تطبيع علاقاته معها (بعد إنجاز الاتفاق النووي عام 2015)، "لكن أوروبا الغربية لا تحبّذ الانغماس في حملة عقوبات إضافية ضخمة ضد إيران في الفترة المقبلة القريبة" وفق تقديره.