استمع إلى الملخص
- تداعيات الاقتحام: أدى الاقتحام إلى تعليق عمل محكمة الصلح وتعطيل المدارس، وإغلاق مداخل المدينة، مع تبديل دوريات وجلب تعزيزات عسكرية.
- اقتحامات أخرى في الضفة الغربية: شملت قرية صفا ومخيم العين، حيث أحرقت محلات واعتقلت شابين، وشيع الفلسطينيون جثمان الشهيدة زهور قاسم عمور.
في مشهد هو الأول من نوعه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة دورا جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية، بشكل واسع، منذ الساعة الثانية بعد منتصف الليلة الماضية لمدة 12 ساعة، ونفّذت حملة اعتقالات طاولت أسرى محررين من مختلف مناطق وقرى المدينة، عدا عن تفتيش عشرات المنازل وسرقة بعضها، وفرض منعٍ للتجول والحركة للمركبات والمواطنين، وإعاقة مختلف أشكال الحياة في المدينة. وحتى الآن تمت مداهمة وتفتيش أكثر من 30 منزلاً في مدينة دورا، واستهدفت قوات الاحتلال مقر نقابة العمال الذي اقتحمته وأحرقت الأعلام الفلسطينية التي كانت ترفع فيه.
وخلال الاقتحام، استهدف الاحتلال منازل صحافيين اثنين هما منتصر نصار، ومشهور الوحواح عبر التفتيش والعبث بمحتويات المنزل، فيما اعتدى جنوده على الصحافي طارق خمايسة، والصحافية شهد الرجوب، وصادروا مقتنياتهما الصحافية، بالإضافة إلى اقتحام عشرات المحلات والمجمعات التجارية التي اعتلى قنّاصة جنود الاحتلال أسطحها، وعلى إثر الاقتحام علّقت محكمة الصلح في دورا عملها عقب اقتحام محيط المحكمة وإطلاق قنابل الصوت والغاز المسيّلة للدموع صوب المواطنين والموجودين داخل المحكمة، فيما أصيب شاب خلال اقتحام حيّ كريسة في المدينة برصاصة في القدم أسفل الركبة ونُقل لتلقي العلاج في مستشفى دورا الحكومي، إضافة إلى إصابتين في منطقة اليد، بحسب ما أفادت به جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني "العربي الجديد".
وقال المتحدث باسم إقليم حركة فتح في جنوب الخليل، ماهر النمورة، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن الاقتحام استمر نحو 12 ساعة جرى خلاله تبديل ثلاث دوريات لقوات الاحتلال، وجلب تعزيزات عسكرية من مدخل مخيم الفوار، جنوب دورا، ومن معسكر "المجنونة" شرقًا، ونصب حواجز على مداخل دورا الرئيسية والفرعية.
وما إن كان الارتباط الفلسطيني قد تبلغ من الارتباط الإسرائيلي عن اقتحام مطوّل للمدينة، أشار النمورة إلى أن الاحتلال لا يبلغ أحدًا بمثل هذه الاقتحامات، ولم يردهم شيء من الارتباط الفلسطيني، والمؤشرات توحي باحتمالية تكرار الاقتحامات في الوقت القريب والساعات القادمة، خصوصاً أن الاحتلال يعمل على ملاحقة أصحاب المركبات الفلسطينية غير القانونية، ومصادرتها منهم، وإعطائها للجنود كي يتنقلوا بها وينصبوا بها حواجز بدلًا من الحواجز العسكرية، ما يشكل خطرًا على حركة الفلسطينيين الذين يتفاجأون بمركبات فلسطينية مع جنود الاحتلال على الطرق.
وبهذا الاقتحام، تعتبر مدينة دورا محاصرة بشكل كامل وفق النمورة، حيث أوضح أن الاحتلال يغلق مداخل المدينة الرئيسية الواصلة مع بلدة الظاهرية والشارع المؤدي إلى الطريق الالتفافي نحو مخيم الفوار، والمدخل المؤدي إلى الشارع الالتفافي "خط 60" المعروف بمدخل عبدة، ويبقي على مدخل المدينة الواصل مع مدينة الخليل، لكن مع وجود حواجز على الطريق. ولفت النمورة إلى أنه رغم انسحاب قوات الاحتلال، فإن الاقتحام قطع أوصال الطرق بين مدينة دورا وعشرات البلدات والقرى والخرب المجاورة لها، حيث تستمر آليات الاحتلال بالتمركز واقتحام الطرق الفرعية بين بلدات المدينة.
من جانبه، قال المتحدث باسم جمعية نادي الأسير الفلسطيني، أمجد النجار، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن "قوات الاحتلال اقتحمت نحو 30 منزلًا في دورا، بعضها لأسرى محررين، وسرق جيش الاحتلال صاغة ذهبية وأموالًا ومقتنيات شخصية من منازل الأسرى مثل منزل الأسير المحرر الغضنفر أبو عطوان، حيث حطموا محتويات المنزل، إضافة إلى تنفيذ حملة اعتقالات طاولت 8 مواطنين من مدينة دورا والطرق والمناطق المجاورة لها، إضافة إلى نحو 11 مواطنًا من مختلف مناطق محافظة الخليل، أربعة منهم من بلدة إذنا غربي الخليل يعتبرون من أقارب الشهيد مهند العسود، منفذ عملية حاجز ترقوميا في الأول من الشهر الجاري".
وأشار النجار إلى أن الاقتحامات الإسرائيلية منذ نحو أسبوع تبدو مكثّفة في مناطق جنوب الخليل خصوصًا في مدينة دورا، وبلدتي دير سامت، وبيت عوا، ومخيّم الفوار، دون وجود سياق واضح يُقرأ من هذا الاقتحام سوى ممارسة التنكيل بمختلف أشكاله واتباع سياسة تدفيع الثمن للفلسطينيين، ولا سيما أن مظاهر المقاومة المسلّحة التي يتخذها الاحتلال ذريعة لاقتحام بعض المناطق، غير موجودة في بلدات جنوب الخليل. ولفت النجار إلى أن عدد حالات الاعتقال منذ بداية العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بلغ أكثر من 10900 حالة اعتقال، وأن نحو ثُلث الأسرى من مناطق محافظة الخليل.
بدوره، أفاد مدير مديرية التربية والتعليم العالي في جنوب الخليل، ياسر صالح، في حديث مع "العربي الجديد" بأن التربية في أعقاب عملية الاحتلال الإسرائيلية التخريبية، علّقت الدوام في المدارس الخاصة ورياض الأطفال وعددهم نحو 35 مركزًا ومدرسة وذلك حفاظًا على سلامة المواطنين وأطفالهم من الاقتحام الإسرائيلي التخريبي، حسب وصفه، مشيرًا إلى عدم وجود دوام في المدارس الحكومية لهذا اليوم. وقررت مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تعطيل الدوام أيضًا.
من جانب آخر، أكد المحامي مهند كراجة لـ"العربي الجديد"، وهو من قرية صفا، غرب رام الله، وسط الضفة الغربية، أن قوات الاحتلال اقتحمت القرية وشرعت بعمليات مداهمات وتفتيش لعدة منازل، ثم أحرقت صباح اليوم محلات تجارية ومطبعة للأسير غانم علقم المعتقل منذ أكثر من أسبوعين، واعتقلت شابين آخرين من القرية.
على صعيد آخر، أكدت مصادر محلية أن قوات الاحتلال أصابت شابًا بالرصاص الحي، صباح اليوم الخميس، خلال اقتحامها مخيم العين، غرب نابلس، شمالي الضفة الغربية، ثم اعتقلته، واعتقلت ثلاثة فلسطينيين آخرين، بينهم سيدة، من عدة مناطق عقب مداهمة منازلهم في مدينة نابلس.
في سياق آخر، شيع الفلسطينيون، الليلة الماضية، جثمان الشهيدة زهور قاسم عمور (32 عامًا)، بمسقط رأسها في قرية عنزا، جنوب جنين، شمالي الضفة الغربية، بعد ساعات من استشهادها برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي. وبعد وصول جثمانها إلى المستشفى في مدينة جنين، نُقل الجثمان إلى منزلها، حيث ألقت عائلتها نظرة الوداع الأخيرة عليها، وبعد ذلك أُدِّيَت صلاة الجنازة على جثمان الشهيدة، ومن ثم حملها المشيعون على الاكتاف وجابوا بها شوارع القرية، قبل مواراتها في الثرى. واستشهدت عمور وأصيب ثلاثة آخرون عقب اقتحام قوات خاصة إسرائيلية القرية بمركبة مدنية تحمل لوحة تسجيل فلسطينية، اعتقلت الشاب محمد وليد براهمة، الذي أفرج عنه قبل فترة من سجون السلطة الفلسطينية، حيث بقي أكثر من عام معتقلًا سياسيًا.
إلى ذلك، انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الخميس، من مدينة جنين ومخيمها، شمالي الضفة الغربية، بعد 15 ساعة من الاقتحام، الذي نتج منه تجريف الشوارع والبنية التحتية، وتنفيذ مداهمات واعتقالات لعدد من الشبان.