طالب عدد من أعضاء مجلس النواب المصري رئيس المجلس السابق، علي عبد العال، اليوم الاثنين، بتقديم استقالته من عضوية البرلمان في حالة استمرار تغيبه عن حضور جلساته العامة ولجانه النوعية، داعين رئيس المجلس الحالي، حنفي جبالي، إلى تطبيق أحكام لائحة البرلمان الداخلية عليه، وحرمانه من مكافآت وبدلات حضور الجلسات لعدم استحقاقه لها.
وتنص المادة 362 من لائحة مجلس النواب على أنه "لا يجوز لعضو المجلس أن يتغيب أكثر من ثلاثة أيام جلسات فى الشهر، إلا إذا حصل على إجازة أو إذن من المجلس لأسباب تبرر ذلك. وإذا تغيب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير إجازة أو إذن، أو لم يحضر بعد مضي المدة المُرخص له فيها، اعتبر متغيباً دون إذن، ويسقط حقه في المكافأة عن مدة الغياب".
وشدد رئيس حزب "العدل"، النائب عبد المنعم إمام، على ضرورة تطبيق لائحة الغياب على عبد العال، نظراً لتغيبه عن جلسات المجلس من دون إذن، منذ انعقاد البرلمان في فصله التشريعي الجديد قبل أكثر من شهر، قائلاً: "جميع النواب لاحظوا الفارق الكبير بين إدارة هذا المجلس، والمجلس السابق، وأداء رئيس البرلمان الحالي، ورئيسه السابق، والذي يرفض الحضور رداً على عدم الإبقاء عليه في منصبه".
وأضاف إمام في الجلسة العامة للبرلمان، اليوم الاثنين: "رئيس المجلس السابق لديه كافة الخيارات، فإما أن يحضر جلسات البرلمان مثل أي نائب، أو أن يستقيل فيترك مكانه إلى نائب آخر"، مستطرداً: "عبد العال لم يترشح لمنصب رئيس مجلس النواب، واكتفى بأداء اليمين الدستورية والمغادرة منه، ولذلك تجب مراجعة مواد اللائحة، واتخاذ إجراء ضده، وتصعيد بديلاً له في القائمة الاحتياطية بعد إعلان سقوط عضويته".
بدوره، قال وكيل لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، ياسر عمر: "إذا زهد عبد العال في قبول البدلات المالية من مجلس النواب، فعليه أن يعلن تبرعه بها إلى أي من جهات الدولة. ومن غير المقبول أن يمتنع أحد النواب عن حضور جلسات المجلس، أو أن يروج في وسائل الإعلام إلى ترفعه عن قبول مثل هذه البدلات".
وقال رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية، أشرف رشاد، إن ما دعاه للتعليق على حديث النائب مصطفى بكري عن عبد العال، هو ما ذكره بشأن الحزب، مضيفاً: "صفحة رئيس المجلس السابق قد أغلقت، ولا أجد مبرراً لإثارتها من جديد في أي وسيلة إعلامية، لأنه لا جدوى من إثارتها بالتزامن مع بداية الفصل التشريعي الجديد للمجلس".
وأضاف رشاد: "كنت عضواً في الفصل التشريعي السابق، وشاهد عيان على الفصلين التشريعيين السابق والحالي، وأعرف جيداً فرق الإدارة والمشهد بينهما"، متابعاً: "الحزب لا يستهدف إلا المصلحة الوطنية، ويرفض الزج بأي شخصيات من خارج هذه القاعة لإدارة المشهد، لا سيما أن جميع النواب جاءوا بإرادة حرة. وعبد العال لم يخض الانتخابات من الأصل، حتى يتحكم في المشهد السياسي المصري"، على حد تعبيره.
وكان بكري قد تحدث عن لقاء جمعه مع عبد العال في منزله مؤخراً أمام نواب البرلمان، قائلاً: "قال لي إنه يفكر في إرسال خطاب إلى رئيس المجلس بشأن التنازل عن مكافأته المالية. كما قال لي: يرضيك يا أستاذ مصطفى بعد ما كنت رئيساً لمجلس النواب، أبقى مجرد عضو فيه!".
وأضاف بكري، رداً على ما أثاره بعض النواب، أن عبد العال سأله عن ما حدث معه، وعن أسباب عدم اختياره في رئاسة البرلمان في الفصل التشريعي الجديد، فأجاب بأن "80% من أعضاء البرلمان هم من النواب الجدد، وبالتالي كان هناك صعوبة في تجديد الثقة فيه كرئيس للمجلس السابق، وتم اختيار شخصية جديدة تستحق أن تلعب هذا الدور".
وزاد بكري: "حزب مستقبل وطن لم يكن عدائياً مع عبد العال، أما الاختلاف بينهما فهو أمر طبيعي"، مشيراً إلى أنه يكن كل تقدير واحترام لحزب الأغلبية. وأضاف: "أخي هو عضو في مجلس الشيوخ عن الحزب (في إشارة إلى شقيقه الصحافي محمود بكري)، وعندما أدلي برأي لا أنال من أي زميل أو من سمعة المجلس. كما لم أتعمد الإساءة إلى أحد أو أن أقدم نفسي أمام الإعلام كبطل".
وعقب رشاد بقوله: "ما حدث بين الحزب ورئيس المجلس السابق كان بسبب الاعتراض على مخالفته للائحة في الإدلاء برأيه من على المنصة، وهو أمر غير مقبول"، مضيفاً: "كان عبد العال يحتكر الآراء الدستورية، ولا يقبل بأي آراء مخالفة لرأيه على الرغم من أنه رجل قانون. ومن حق الحزب وأعضائه أن يجدوا من يدافع عنهم تحت قبة البرلمان".
وأدلى بكري بتصريحات مثيرة للجدال مع صحيفة "المصري اليوم" قبل يومين، قال فيها: "أنا زرت عبد العال مرتين في منزله الأيام الماضية، وهو شخصية وطنية، ودافع عن الدولة ومؤسساتها من خلال إصداره أكثر من 850 تشريعاً"، مستدركاً: "قد يكون هناك وجهات نظر متباينة بين عبد العال وحزب مستقبل وطن، ولكن يجب أن نوفيه حقه بتقديمه الكثير لهذا الوطن، وتصديه لقضايا شائكة على مدار 5 سنوات، تسببت له في مشكلات مع المواطن العادي في الشارع".
وأضاف بكري: "عبد العال كان رجلاً حقيقياً للدولة، دافع عن مؤسساتها، واللعبة السياسية لرئاسة مجلس النواب ليست خاصة بي. لكن الذي أستطيع قوله إن هذا الرجل أدى دوره بإيمان، وهو موضع تقدير من القيادة السياسية، وعندما تحدث رئيس المجلس الجديد والوكيلان عنه، وقف الحاضرون بالقاعة تحية له"، حسب زعمه.
وعن غياب عبد العال المتواصل عن حضور الجلسات، قال بكرى: "هو موجود في منزله هذه الأيام، والمسألة نفسية في المقام الأول، إذ تحول من رئيس للمجلس إلى عضو فيه"، مستكملاً: "ما أعرفه أن عبد العال لن يقدم استقالته، رغم أن البعض طالبه بذلك، لكنه رجل دولة، ويرفض الاستقالة".
من جهته، وجه رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، عضو مجلس النواب السابق محمد أنور السادات، تحية تقدير واحترام للقاضي السابق سري صيام الذي أصر على الاستقالة في بداية الفصل التشريعي السابق عام 2016، حين شعر بالتهميش من جانب عبد العال، الذي شغل رئاسة المجلس آنذاك، ولطالما وصف نفسه بـ"موسوعة القانون".
وقال السادات في بيان للحزب: "عندما شعر القاضي الجليل مع بداية عقد جلسات مجلس النواب الماضي، أنه لن يستطيع التعاون مع إدارة المجلس، وقبول تصرفات معينة منها، احترم نفسه، وتاريخه القضائي الرفيع، وتقدم باستقالته رغم أنه معين من قبل رئيس الجمهورية، ولم يجد في ذلك أي حرج".
ودعا السادات عبد العال إلى تقديم استقالته، متهكماً: "ماذا أنت فاعل يا موسوعة القانون، وبحر المعرفة؟ هل الامتناع عن الحضور هو الحل؟ أم الخروج بإرادتك للحفاظ على ماء الوجه هو السبيل الوحيد، منعاً لتطبيق أحكام اللائحة، وإسقاط عضويتك لعدم حضور الجلسات؟".
وفي 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، غادر عبد العال مبنى البرلمان في وسط القاهرة من دون حراسته الأمنية، عقب أدائه اليمين الدستورية في الجلسة الافتتاحية للمجلس الجديد، إثر استقرار حزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية على ترشيح رئيس المحكمة الدستورية السابق، حنفي جبالي، رئيساً للمجلس بدلاً منه. ومنذ حينها لم تطأ قدماه المجلس مجدداً.
وجاءت الإطاحة بعبد العال من منصبه، بناءً على توصية من دائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي المقربة، وتلقي مؤسسة الرئاسة المصرية تقارير من جهات سيادية، توصي بعدم تجديد الثقة له، بسبب الرفض الشعبي الواسع لأدائه في الفصل التشريعي السابق، على خلفية سقطاته الإعلامية المتكررة، وفشله في إدارة الخلافات بين النواب، لا سيما خلال جلسات تمرير اتفاقية التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية.
ولم يشفع لعبد العال تماهيه التام، وطاعته بلا مناقشة لنظام السيسي على مدى 5 سنوات، هي مدة الفصل التشريعي المنقضي، ومشاركته في تمرير حزمة كارثية من التشريعات "سيئة السمعة"، من أصل 1232 تشريعاً وافق عليها البرلمان السابق. وجارت في مجملها على المواطن المصري البسيط بشكل واضح، خصوصاً في ما يتعلق بفرض المزيد من الرسوم والضرائب على الفقراء والمهمشين.