عبد الأكرم السقا.. الشيخ الديمقراطي السوري من ضحايا نظام الأسد

31 اغسطس 2024
الشيخ عبد الأكرم السقا مع مجموعة من شباب داريا عام 2006 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأثير الشيخ عبد الأكرم السقا في داريا**:
قاد الشيخ السقا حراكًا شعبيًا سلميًا في داريا، داعيًا إلى تعليم المرأة وتعزيز حقوقها ونشر ثقافة الحوار، مما أقلق السلطات السورية.

- **إنجازات الشيخ السقا التعليمية والاجتماعية**:
أسس معهد تحفيظ القرآن الكريم ومدرسة شرعية للبنات، وساهم في الجمعية الخيرية الإسلامية، متأثرًا بأفكار جودت سعيد ومالك بن نبي.

- **مواقف الشيخ السقا في الثورة السورية**:
دعم النضال السلمي ورفض العنف، واعتُقل في 2011 وتوفي تحت التعذيب في 2014، مما جعل أفكاره حائط صد ضد التطرف.

لم يكن الشيخ عبد الأكرم السقا (1944 - 2014)، أو الأستاذ كما يناديه طلابه مشهورا في أنحاء سورية، ولكنه كان بالتأكيد الرجل الأكثر شهرة وتأثيرا في بلدته داريا المحافظة والقابعة في الغوطة الغربية ولا تبعد عن دمشق سوى كيلومترات قليلة.

نتحدث عن زمن يمتد بين نهاية حقبة الرئيس حافظ الأسد إلى توريث ابنه بشار وانتهاء بانفجار الثورة السورية التي كانت داريا أحد معاقلها الصعبة. كانت داريا تعاني من زحف المدينة عليها حتى كادت أن تتصل بها، وهو ما أثر على زراعتها. كما كانت تعاني أيضا، هي وجارتها المعضمية، من استملاك الثكنات العسكرية وفروع الأمن المختلفة الأراضي. زادت المعاناة مع انفتاح الأسد الابن على تركيا وتأثير استيراد المفروشات التركية على صناعة هذه السلع التي تشتهر بها داريا.

لم يخل الأمر أيضا من تدخل إيراني برز من خلال إحياء مقام السيدة سكينة بنت علي بن ابي طالب عام 2003 كمقام شيعي في قلب داريا المحافظة والتي يفخر أبناؤها بأنهم ورثة التابعي أبو مسلم الخولاني وقبيلته اليمنية خولان، كما يفخرون برواة الحديث الكثر من مدينتهم فضلا عن محققي كتب التراث.

مقام السيدة سكينة برعاية إيرانية في داريا قبل الحرب
مقام السيدة سكينة برعاية إيرانية في داريا قبل الحرب (إكس)

ورغم الجو الإسلامي المحافظ لمدينة داريا، ظهر الشيخ عبد الأكرم بدعوته للتغيير السلمي والدعوة لتعليم المرأة ودعم حقوقها ومشاركتها بالعمل العام والأهم تعزيز ثقافة الحوار بين الجميع.

التفّت مجموعة من الشباب حول "الأستاذ" وأصبحوا رفاقه أكثر من كونهم طلابه وأسسوا شكلا جديدا من الحراك الشعبي المبكر فنظموا حملة للامتناع عن التدخين والحفاظ على النظافة العامة ورفض الرشوة. أقلق هذا الحراك الشبابي الأمن السوري الذي اعتاد على مواجهة العنف وليس هذه الأشكال من المقاومة السلمية، وزاد من قلقه أن أستاذ هذه المجموعة السقا رفض الترحم على الرئيس الراحل حافظ الأسد عقب وفاته. ومنذ أيام، كشف النظام السوري عن وفاة الشيخ السقا في سجونه عام 2014. أحد طلابه أسامة شربجي، من مواليد داريا 1979، صيدلاني وحائز على الدكتوراه في البيولوجيا الجزيئية من جامعة باريس السابعة والمنفي إلى فرنسا منذ عام 2005 بعد أن سجنته سلطات نظام الأسد في دمشق برفقه أستاذه السقا ورفاقه من شباب داريا، كتب لنا هذه الشهادة عن حياة هذا الداعية السلمي الذي يستحق التكريم.

أسامة شربجي أحد طلاب الاستاذ السقا ورفيقه في سجنه الأول
أسامة شربجي أحد طلاب الاستاذ السقا ورفيقه في سجنه الأول (العربي الجديد)

شيخ مختلف

"وجاء من أقصى المدينة شيخٌ يسعى، قال يا قومي اتبعوا الديمقراطية". بهذه العبارة بدأت حياتي تأخذ منحى مختلفاً، لتتفتح عيوني في بيئة لا تشبه ما اعتدنا عليه من حولنا. كنت في مراهقتي بعيداً عن عالم القراءة والفكر، وغير مكترث بدروس الدين والمشايخ لما كان يُحكى عن ضرب الطلاب وعنف المعلمين، حيث كانت خطب الجمعة تعج بالتوبيخ على التقصير وتفرض الخضوع الصارم لتعليمات رجال الدين. ذات يوم، أصرّ أحد أقاربي الذي استشهد لاحقاً في السجون السورية، أصر على أن أحضر معه درساً في مسجد أنس بن مالك في داريا. لم أكن متحمساً للفكرة، ولكنه أقنعني بأن هناك أستاذاً يُعلِّم بحب، ويؤمن بالإنسان. حضرت الدرس في اليوم التالي، وكان مختلفاً عن كل ما توقعت. لم يكن الأستاذ يتحدث وحده، بل كان النقاش حيويًا حول معاني بعض الآيات من القرآن الكريم. ما زلت أذكر ذلك الشعور الغريب الذي اجتاحني عندما طلب مني التعبير عن رأيي وفهمي للآيات المطروحة للنقاش. خرجت من المسجد بعد صلاة العشاء، وقلبي يخفق بسرعة كأنني تعرضت لضربة كهربائية أو صاعقة فجائية. من هذا الرجل الذي يطلب رأيي أنا، وفي موضوع حساس كهذا؟ كانت تلك الجلسة صدمة لروحي، إذ لم أكن أتخيل أن يُطلب مني إبداء رأيي في جوٍّ لطالما سادته ثقافة الاستماع المطلق والانصياع الأعمى.

قبل أيام، صُعقنا بخبر وفاة الأستاذ عبد الأكرم السقا في غياهب السجون الأسدية، في حادثة أخرى تضاف إلى سجل الوطن الجريح. كان هذا الرجل، الذي اعتدنا أن نناديه بـ"أبو كمال"، ليس مجرد معلم، بل رمزاً من رموز العلم والنزاهة، وأيقونة للنضال السلمي والإيمان بالديمقراطية. الأستاذ عبد الأكرم السقا، وُلد ونشأ في بلدة داريا السورية، عُرف عنه إصراره ومثابرته فقد حصل على شهادته العلمية بوقت متأخر من حياته ولم يحظ بطفولة مدللة كما يظن الكثيرون. فمن حياة مزارع ومدير أعمال إلى طالب نجيب ومن ثم إلى ملازم لدروس العلم، ليخطو خطوات سريعة ليصبح مفكرا وداعية إلى الحق وأشهر رجل دين في منطقته. كان الأستاذ أبو كمال لا يتوقف عن العمل والبحث والقراءة، وهو ما قاده إلى التعرف لأفكار كبار المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث، مثل جودت سعيد ومالك بن نبي. تأثر السقا بشدة بفكر جودت سعيد، الذي كان ينادي بالتغيير عبر وسائل النضال اللاعنفي، وبأفكار مالك بن نبي حول "قابلية الاستعمار" وحتمية نهضة المجتمعات الإسلامية من خلال العلم والعمل.

هذه التأثيرات الفكرية دفعت عبد الأكرم السقا إلى ترجمة أفكاره إلى أفعال، متخذاً من داريا ميداناً لنشاطه الاجتماعي والديني. أسس معهد تحفيظ القرآن الكريم في جامع أنس بن مالك، ليكون منارة للعلم والقرآن، ولم يقتصر دوره على ذلك، بل قام بتأسيس أول مدرسة شرعية للبنات في سورية، محققاً بذلك نقلة نوعية في تعليم الفتيات في مجتمع محافظ تقليدياً.

إلى جانب هذه الإنجازات التعليمية، كان السقا أحد المؤسسين الرئيسيين للجمعية الخيرية الإسلامية في داريا. تحت قيادته، توسعت الجمعية لتشمل مشاريع تنموية عديدة، منها المجمع الخيري الذي ضم ورشاً مهنية، وأوقافاً يعود ريعها لدعم الفقراء والمحتاجين. لقد كان الأستاذ أبو كمال تجسيداً حياً لأفكاره، حيث وظّف علمه وعزيمته في خدمة مجتمعه، مساهماً في بناء أجيال من المتعلمين، ومستحدثاً فرصاً لتحسين حياة أهل داريا ومحيطها.

الشيخ عبد الأكرم السقا في مزرعته بداريا (العربي الجديد)
الشيخ عبد الأكرم السقا في مزرعته بداريا (العربي الجديد)

احترام المرأة قولاً وفعلاً

لطالما كانت كلمات الأستاذ تُضيء عقولنا: "أدب الحوار"، "احترام الرأي الآخر"، "نبذ العنف والتطرف"، "حرية الفكر"، "تحرير الإنسان"، "الحرية والديمقراطية". ألف الأستاذ العديد من الكتب التي تناقش هذه القيم، منها: "مؤمن آل فرعون"، "دعوة إلى التفكير"، "قيمة الفقه في حياة الإنسان"، وغيرها الكثير.

قد يظن القارئ أن هذه الأفكار باتت شائعة في عصرنا وتملأ صفحات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية، لكن في تلك الأيام، كانت تُعدّ غريبة ومستفزة لبيئة منغلقة، وكانت لها تبعات مادية وجسدية قد تصل إلى السجن والنفي الاجتماعي. تعرّض الأستاذ أبو كمال للاعتقال مرات عدة، إحداها كانت في عام 2000 عندما رفض الترحم على حافظ الأسد بعد وفاته، مخالفًا بذلك تعليمات وزارة الأوقاف وأجهزة الأمن السورية.

ورغم الضغوطات، اختار الأستاذ أن يلتزم بما علمنا إياه: الديمقراطية. ففي ليلة الخامس عشر من حزيران/ يونيو 2000، اجتمعنا في جلسة نقاش صاخبة بمسجد أنس بن مالك، حيث انقسمت الآراء بين من يدعون إلى التمرد العلني على النظام، وبين من يرون التورية والمرونة. ورغم ميل الأستاذ للرأي الثاني، إلا أنه احترم نتيجة التصويت بيننا، ووقف إلى جانب الأغلبية، مدركًا أن تبعات القرار سيتحملها وحده.

إن عظمة الموقف الذي اتخذه الأستاذ ليس في تمرده على توصيات وزارة الأوقاف ورفضه الترحم على طاغية حكم سورية ثلاثة عقود من الزمن بالنار والحديد. عظمة الموقف تتجلى في التزامه قرار التصويت الديمقراطي للطلاب الذين رباهم على ذلك. لقد كان الموقف امتحاناً حقيقياً للأفكار التي تربينا عليها طيلة تلك السنوات.

لقد واجه المجتمع والمؤسسة الدينية ومن ورائهم الأجهزة الأمنية وتعرض للاعتقال والتعذيب التزاماً بنتيجة تصويت كانت مخالفة لرأيه. قضية الديمقراطية لم تكن القضية الوحيدة التي التزم بها الأستاذ قولاً وفعلاً، فمسألة تحرير المرأة لم تغب عن برنامجه وتوصياته. لقد علمنا احترام المرأة بالقول والفعل، حيث كُنا نحضر معاً (ذكوراً وإناثاً) الجلسات الفكرية والنقاشات، متحدين بذلك الثقافة المجتمعية والتعاليم الدينية السائدة. لم يكن موقف الأستاذ من تمكين المرأة اقتصادياً وفكرياً وسياسياً مجرد نظريات، بل كان قناعة راسخة تُترجم على أرض الواقع، رغم ما جلبه ذلك من حملات تشهير ومضايقات.

مكتبة "سبل السلام"

بعد أن حُرم من الحياة العامة في المساجد والمحافل العامة، قرر الأستاذ مع تلامذته تأسيس مكتبة "سبل السلام" العامة لنقل دروسه، لكن البلدية أغلقتها بعد أسبوع واحد، ما اضطره لنقل لقاءاته مع الناشطين والشباب إلى بيته ومزرعته الخاصة. تحولت تلك الفترة إلى تحدٍ جديد، حيث أصبح بيته ملتقى للفكر والعلم رغم المخاطر. إن أفكار وتوجيهات الأستاذ أبو كمال هي السبب الرئيسي لنشوء حراك مدني اجتماعي والذي بات يعرف باسم "مجموعة شباب داريا". كانت المجموعة تتميز بمجموعة من النشاطات المدنية والثقافية، بدأت بمظاهرة صامتة تضامناً مع مخيم جنين، الذي تعرض لاقتحام القوات الإسرائيلية عام 2002. ما يميز هذه المظاهرة أنها كانت صامتة خالية من أي شعار يقدس أو يبجل رئيس سورية آنذاك. لقد اعتاد الشعب السوري على مسيرات التأييد للأب القائد ومظاهرات التنديد بالإمبريالية والصهيونية المليئة بصور بشار وأبيه حافظ مع شعارات حزب البعث العربي الاشتراكي وهتافات التمجيد لشخصياتهم المقدسة. أما مسيرتنا فكانت صامتة مليئة باليافطات التي تعبر عن الأفكار التي تعلمناها من الأستاذ أبو كمال، عبارات فحواها أن تغيير الواقع يبدأ من تغيير النفس والفكر، ضرورة الإصلاح السياسي والإصلاح المجتمعي، أهمية الصبر والمقاومة اللاعنفية والسلمية.  

الشيخ السقا في المكتبة (العربي الجديد)
الشيخ السقا في المكتبة (العربي الجديد)

في عام 2003، شهدت بلدة داريا مجموعة أنشطة سميناها بالأعمال الأربعة، بدأت بسلسلة من المبادرات الطوعية التي تجسد الروح الجماعية والمسؤولية الاجتماعية لدى شباب البلدة. انطلقت هذه الأنشطة بحملات تنظيف شوارع المدينة التي كانت مهملة من بلدية النظام السوري، حيث كان الشباب يجوبون أحياء داريا حاملين أدوات التنظيف، يسعون إلى تجميل بيئتهم المحلية وإبراز حس الانتماء للمجتمع. لم تقتصر جهودنا على ذلك، بل قمنا أيضاً بتوزيع بوسترات توعوية لمكافحة الرشوة، في محاولة للتصدي لآفة اجتماعية كانت تتغلغل في العديد من مؤسسات الدولة. كما وجهنا دعوات لعدم التدخين، مستهدفين الحفاظ على الصحة العامة وتوعية الناس بمخاطر هذه العادة الضارة.

ومع تصاعد الأحداث على الساحة الدولية، وخاصة مع الغزو الأميركي للعراق في مارس/ آذار 2003، شعر شباب داريا بمسؤولية أكبر تجاه قضايا الأمة. هذا الوعي السياسي والاجتماعي دفعنا إلى تنظيم مظاهرات سلمية تندد بالغزو، حيث اجتمعنا مرة ثانية بمظاهرة سلمية صامتة للتعبير عن رفضنا للعدوان ودعماً للشعب العراقي. كانت هذه المظاهرات تجسد رغبتنا في المشاركة الفعالة في القضايا الكبرى التي تمس العالم العربي وتاريخ المنطقة.

إلا أن هذه التحركات لم تمر دون رد فعل من السلطات. في مايو/ أيار 2003، اعتقلت الأجهزة الأمنية الأستاذ عبد الأكرم السقا، الذي كان يُعتبر مصدر إلهام للشباب وموجهاً لهم، إلى جانب مجموعة من الشباب النشطين في داريا. اعتُبر نشاطنا تهديداً للسلطة، حيث تخطى تأثيره حدود العمل الخيري والاجتماعي ليشمل مجالات السياسة والوعي الوطني. جاء اعتقال السقا والشباب كتعبير عن قلق النظام من تصاعد هذا النشاط الشبابي الذي حمل في طياته دعوات للإصلاح والمشاركة الفعالة في الشأن العام. مثّل اعتقالهم محاولة لكبح جماح هذه الحركة التي بدأت صغيرة بتنظيف الشوارع وانتهت بمطالبات جريئة بموقف وطني ضد الغزو الأميركي، وهو ما أبرز كيف يمكن للطاقة الشبابية أن تتطور وتتحول إلى قوة مؤثرة في المجتمع.

تعرض الأستاذ أبو كمال والشباب الذين كانوا معه إلى محاكمات عسكرية قاسية، حيث بقي الأستاذ في سجن صيدنايا نحو تسعة أشهر، مع تجريده من حقوقه المدنية لسبع سنوات بقرار قضائي جائر لا يهدف إلا إلى الانتقام من إرادته والتضييق عليه بشتى السبل والوسائل. في تجربة الاعتقال، لازمتُه شخصياً، فكنت إلى جانبه لفترة شهر ونصف في المهجع 13 في فرع التحقيق العسكري. كان الأستاذ مصدر الهام لي، فمجرد رؤيته صابراً محتسباً، قليل الكلام، قليل التذمر رغم سنه ومرضه، كان يدفعني للصمود والصبر. كان صوته في صلاة الجماعة يدفعني للبكاء والإصرار على ضرورة الالتزام بالموقف الذي خرجنا من أجله. كنا نشعر بالفخر أننا في السجن، لأن اعتقالنا لم يكن لجرم معيب وإنما لموقف مشرف ولقضية الإصلاح والعدالة التي لطالما حلمنا بها.

الورد مقابل الرصاص

مع اندلاع الثورة السورية كان الأستاذ أبو كمال في طليعة الداعمين للنضال السلمي، داعياً تلامذته للتمسك بنهج اللاعنف رغم استفزازات النظام. اعتُقل في تموز/ يوليو 2011 بعد مداهمة منزله، وبقي مصيره مجهولاً حتى أعلنت عائلته في أغسطس/ آب 2024 خبر وفاته تحت التعذيب، وقد دوّن النظام وفاته بتاريخ 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.

من قصف داريا بالبراميل المتفجرة عام 2014 (Getty)
من قصف داريا بالبراميل المتفجرة عام 2014 (Getty)

تميزت بلدة داريا في الثورة بسلمتيها، فرغم إجرام النظام السوري وبطشه الشديد بالمظاهرات السلمية، وزع شباب داريا الورود والمياه على جنود الجيش السوري تعبيراً عن أهمية الوحدة الوطنية وضرورة أن يعي قادة الجيش آنذاك أن الشعب السوري ليس عدواً للسلطة، ولكن واجب الجيش حماية الشعب من تغوّل السلطة. تميزت بلدة داريا في الثورة بتنظيمها العالي، فرغم صعوبة إيقاف موجات العنف والعنف المضاد، إلا أنها تعتبر آخر البلدات التي انجرّت إلى حمل السلاح. هذا التنظيم العالي ووجود قسط جيد من الشباب المؤمنين بالتغيير السلمي، لم يسمح لأصحاب الرايات السوداء بالتغول في المدينة، حيث كانت أفكار الأستاذ وطلابه لهم بالمرصاد ليحموا بذلك المجتمع المحلي من الانجرار وراء موجات التطرف.