عام على حكومة الوفاق الفلسطيني: الانقسام مستمر

04 يونيو 2015
تعيش الحكومة تداعيات الأزمة السياسية بين "فتح" و"حماس"(فرانس برس)
+ الخط -
أنهت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، عامها الأول، من دون أن تحقق أيّاً من الأهداف التي جاءت لأجلها. فلا تزال الحكومة، التي تشكلت في 2 يونيو/حزيران 2014، تراوح مكانها، في المربع الأول، لإنهاء الانقسام، وسط أجواء من التراشق الإعلامي المعتاد بين حركتي "حماس" و"فتح"، وحالة من اليأس يعبّر عنها الرأي العام الذي أدار ظهره لأخبار المسؤولين وجولات محادثاتهم الإقليمية المتكررة لإنهاء الانقسام.

ويرى بعض السياسيين أن حكومة الوفاق الوطني، التي تم تشكلها وفقاً لإعلان الشاطئ الموقع في 23 أبريل/نيسان 2014، باتت عبئاً على إنهاء الانقسام، ولم تعد أداة لإنهائه، بعد أن اختارت حلّ بعض ملفات إعلان الشاطئ بشكل انتقائي وليس رزمة واحدة.
في المقابل، يعتبر آخرون أن سبب فشل الحكومة يعود لتفرد الحركتين "فتح" و"حماس" في عملية إنهاء الانقسام ورفض أي تدخل محوري للفصائل الفلسطينية الأخرى.

اقرأ أيضاً: 3 شهداء و378 معتقلاً فلسطينياً خلال الشهر الماضي

ويعدّ دمج المؤسسات الفلسطينية والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية، من أبرز مهمات حكومة الوفاق الوطني حسب إعلان الشاطئ، الذي أكد محاور سبعة أساسية لإنهاء الانقسام، لم يتم تنفيذ أي منها حتى الآن، باستثناء تشكيل الحكومة التي لم تستطع إنجاز مهماتها. ولعل الأسوأ أن المراوحة في المكان تتسبب في تأخير إعادة الإعمار الذي ارتبط بإنهاء الانقسام عبر تسلّم السلطة الفلسطينية المعابر من حركة "حماس"، فيما تصرّ الأخيرة على أن أي حل يجب أن يكون رزمة واحدة وليس انتقائياً.
ويبرز ضعف حكومة الوفاق الوطني، في عدم سيطرتها على المشهد السياسي والاقتصادي في قطاع غزة، بل في كثير من الأحيان لم تكن جزءاً من هذا المشهد، كما هو الحال في زيارة وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، إلى قطاع غزة قبل أيام، وغيره من الوزراء والمسؤولين العرب والأجانب.

وفي السياق نفسه، تبدو الحكومة بعيدة عن اهتمام الشارع الفلسطيني، حيث لا يستطيع أي مواطن أن يذكر اسم ثلاثة وزراء في هذه الحكومة. وباستثناء ما تنقله وسائل الإعلام الفلسطينية من أخبار لموعد صرف رواتب الموظفين الحكوميين، في بلد بات فيه صرف الراتب خبراً على سلم أولويات الإعلام، فإنه لا يوجد خبر آخر ينتظره الشارع من حكومة الوفاق الوطني في عيدها الأول الذي يتزامن مع بداية الشهر.
ويرى النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، حسن خريشة، أن حكومة الوفاق الوطني قد فشلت في جميع مهماتها، وباتت عبئاً كبيراً. ويشير في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أنه يوجد "ثلاث مراحل لفشل الحكومة. الأولى جاءت بعد 100 يوم من عمل الحكومة، وهو عمل يعتبر استكشافيّاً ويتضمن تحديد الأولويات حيث جرى العرف أن تقدم الحكومة تقريرها للشارع العام، لكنها لم تفعل". أما المرحلة الثانية للفشل، فيعتبر خريشة، أنها تجلّت "بأداء الحكومة تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ فشلت في دعم صمود أهالي القطاع، في حين أنّ المرحلة الثالثة جاءت بعد عام على تشكيل الحكومة".
ويرى خريشة أن "الحكومة لا تزال تعيش أزماتها الداخلية، وكل المشروع الذي قامت به حسب رئيسها، رامي الحمد الله، هو توفير الأموال لرواتب الموظفين، ومع ذلك تفشل في توفير رواتب موظفي قطاع غزة". ويلفت خريشة إلى أنه "منذ اليوم الأول، لم تحصل الحكومة على الثقة من المجلس التشريعي، لأن الحكومة ومن شكلها كذبوا على الشعب الفلسطيني حين صرحوا، أنه بعد شهر من تشكيل الحكومة سيتم عرضها على المجلس التشريعي ودعوته للانعقاد، وذلك حسب ما ورد في اتفاق الشاطئ. يُضاف إلى ذلك أن الرئيس، محمود عباس، قال، إنه في اليوم الذي يلي تشكيل الحكومة سيتم الإعلان عن موعد للانتخابات، وبما أنه لم يعقد التشريعي ولم يصدر مرسوم الانتخابات، فإن الحكومة لم تثبت مصداقيتها".
ويطالب خريشة "بتغيير حكومة الوفاق إلى حكومة وحدة وطنية، وليس إجراء تعديل وزاري، لأن حكومة الوفاق الوطني حكومة عائلية، حيث تم تعيين المقربين من القائمين عليها، لذلك المطلوب حكومة وحدة وطنية حقيقية".

أما الأمين العام للمبادرة الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، فيعتبر "أن العبء هو في استمرار الانقسام، وعدم تطبيق جميع عناصر إعلان الشاطئ". ويرى البرغوثي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لو طبّق الاتفاق، بمكوناته السبعة، لأخذت الحكومة دورها، لأننا لا نستطيع أن ننفذ نقطة من الاتفاق بدون النقاط الأخرى، مثل عقد المجلس التشريعي، وتطبيق قرارات لجنة الحريات، وتفعيل الإطار القيادي للمنظمة وغيرها من النقاط". ويؤكد أنه "للأسف البعض رأى أن الاتفاق فقط في تشكيل الحكومة، وعارض تنفيذ النقاط الأخرى".
ووفقاً للبرغوثي، فإنه "لن يكون هناك أي تقدم بدون أن يوافق الطرفان على تنفيذ النقاط السبع كاملة وتطبيقها"، مع تأكيده "ضرورة الإصرار على الانتخابات لأنه بدونها لن يحدث أي تغيير في النظام السياسي".
وفيما يعبّر البرغوثي عن أسفه لعدم اهتمام الشارع الفلسطيني والرأي العام بإنهاء الانقسام بسبب يأسه من تحقق ذلك، يرى أنه "قبل أن نتحدث عن حكومة، يجب أن يكون هناك قيادة وطنية موحدة، لأن الحكومة عبارة عن أداء في خدمة المشروع الوطني وليس العكس، ويجب أن يؤمن الطرفان، فتح وحماس، بمبدأ الشراكة الوطنية".

اقرأ أيضاً: موظف غزة: لم يعد ينتظر مرتبه أول الشهر

وتؤكد مصادر في الحكومة، اشترطت عدم ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحكومة ليست عاجزة ولم تفشل في مهماتها، بل إن الأزمة بأكملها سياسية بين فتح وحماس وأن الحكومة تعيش أزمة سياسية فرضت عليها".
وتضيف المصادر نفسها "أكبر دليل على أن الأزمة الحالية لا تتعلق بأداء الحكومة أو كفاءتها، هو لقاء مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح، عزام الأحمد، بنائب رئيس المكتب السياسي، موسى أبو مرزوق، قبل أسابيع عدة في بيروت للحوار، حيث لم يسفر اللقاء عن أي نتيجة".
وربطت حكومة الوفاق الوطني بين حل أزمة الموظفين الذين عينتهم "حماس" بعد عام 2007 وبين تسليم الحركة للمعابر، الأمر الذي رفضته الحركة وقاد إلى حالة من الجمود حتى اللحظة.

ويلفت المتحدث باسم الحكومة، إيهاب بسيسو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ مبادرة رئيس حكومة الوفاق الوطني، كانت تتضمن تسجيل الموظفين القدامى من تاريخ 22 أبريل/نيسان وحتى 7 مايو/أيار، ويتم تشكيل لجان فرعية في كل وزارة يرأسها الوزير إضافة إلى أربعة من وزارته، وترفع اللجان الفرعية توصياتها الى اللجنة الإدارية القانونية التي هي بمثابة لجنة إشرافية عليا يرأسها رئيس حكومة الوفاق الوطني".
ووفقاً للمبادرة نفسها، يوضح بسيسو أنه كان يفترض أن "تعمل حكومة الوفاق الوطني على إيجاد صندوق لدفع مكافآت مالية للموظفين الجدد طوال فترة عمل اللجنة الإدارية والقانونية ورفع التوصيات بشكل شهري، ودفع رواتب للمقطوعة رواتبهم ريثما تنتهي قضيتهم وكل هذه المبادرة مرتبطة بالمعابر".
إلا أنّ النائب في المجلس التشريعي عن حركة "حماس"، أيمن دراغمة، يرى أنّ "إنهاء الانقسام يفتقد لإرادة سياسية وقرار من الرئيس، محمود عباس، الذي شكل هذه الحكومة، وصرح، دائماً، أنها حكومته".
ويضيف دراغمة لـ"العربي الجديد" أن "هذه حكومة عباس وتخضع له، وتتلقى تعليمات منه، ولو أنها تلقت تعليمات لإنهاء الانقسام لتقدمت الحكومة، لكن لا أعتقد أن هناك تعليمات بذلك، لأن دور الحكومة قد تراجع".
وحول ملف الموظفين الذي بات أزمة عصية على الحل لدى الطرفين، يقول دراغمة لا يجوز الاختيار من ملفات المصالحة، يجب تنفيذ ما هو مكتوب في الاتفاق".
ويعتبر أن "الحكومة تريد أن تجعل من نفسها حكماً وتفسر الاتفاقيات بطريقتها، لا أحد يتكلم عن عقد المجلس التشريعي، والمجلس الوطني، والإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير، وكلها قرارات نص عليها إعلان الشاطئ". معتبراً أن تفعيل هذه المؤسسات "يعني بداية صحيحة وتشكيل رقابة على أداء الحكومة، لكن الأخيرة تصرّ على انتقاء ملفات بعينها".

اقرأ أيضاً: المصالحة الفلسطينية... خطوات إلى الوراء

المساهمون